لنجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من “الارهاب”

 
 
بعد حوالي الاسبوعين يُحيي شعبنا ذكرى أليمة على قلوبنا، الذكرى الخامسة والستين لنكبة عام 1948، إذ أن الانتداب البريطاني انسحب من بلادنا فلسطين بعد أن أرسى قواعد الدولة الاسرائيلية عبر انتدابه على أرضنا لمدة 30 عاماً.. وما نعانيه هو نتيجة ظلم بريطانيا سواء شئنا أم أبينا، وهذا ما يقوله ويؤكده التاريخ لنا. أي أن ما نعانيه اليوم هو بسبب دعم الانتداب البريطاني للحركات الارهابية الصهيونية التي استطاعت السيطرة على الأرض، وتشريد أهلها الأصليين. وكانت بريطانيا في ذلك الوقت من الدول العظمى التي قادت الحرب على النازية والدولة العثمانية.. وكانت شبه القطب الأول في ذلك الوقت.
لننظر اليوم إلى حال أمتنا العربية وبعد مرور 65 عاماً على النكبة لنجد أن الدولة العظمى في العالم، الولايات المتحدة، تشارك في دعم الارهاب الذي يعصف بمنطقتنا، وفي الوقت نفسه تـَدّعي أنها تحارب وتكافح الارهاب. وحال أمتنا العربية بفضل قادتها المعتدلين جداً في مواقفهم أسوأ بكثير من حالة الوطن العربي وقادته في نهاية الأربعينات من القرن المنصرم.
أي أن بريطانيا قادت مسيرة تقسيمنا، إلى دول، وها هي الولايات المتحدة تكمل المشوار في اعداد مخطط جديد على غرار "سايكس بيكو" قد يكون اسمه اميركيا، وقد يعلن الاسم مستقبلاً. والدولتان بريطانيا واميركا تعتمدان على "الارهاب" في فرض املاءاتهما علينا.
لقد بشرتنا كونداليسا رايس في العام 2006 بأن أمتنا العربية ستشهد ولادة شرق أوسط جديد مبني على الحرية والديمقراطية، وها هو الرئيس الاميركي باراك اوباما يحقق أحلام رايس ويحقق لنا الدمار والقتل، تحت مسميات الربيع العربي.. الذي هو شتاء أسود على أمتنا العربية بكاملها.
لقد كانت دولنا العربية، رغم وجود قادة ديكتاتوريين، مستقرة، ولكنها اليوم تشتاق للاستقرار، فهل ما تم في اليمن هو ربيع عربي؟ وهل ما تم في ليبيا ومصر وتونس.. هل عاد الاستقرار إلى أي من هذه الدول؟ ألم نشاهد دعم حلف الناتو لقوى الارهاب وهي تحارب في ليبيا؟ وأين ذهبت عناصر الارهاب بعد تدمير ليبيا، ألم تتوزع على مالي، والمغرب العربي وسورية؟ ومن أسسها وأنشأها، أليست الدول الغربية التي تتغنى بالديمقراطية "الزائفة"؟
لننظر إلى حالتنا اليوم، فإنها مبكية بسبب تقاعس القادة العرب الذين سمحوا للاستعمار أن يعود الينا ويحاربنا عبر وكلائه الارهابيين، وعبر أعوانه وأتباعه وأذنابه.
لقد كان للعرب وجود على الساحة الاقليمية، ولكن هذا الوجود اختفى، وأصبحت الدول المهيمنة على المنطقة هي تركيا واسرائيل وايران.. وأصبحنا تحت رحمة هذه الدول الثلاث، تتنافس فيما بينها لمزيد من السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، ونحن الضحية وللأسف الشديد.. هذا هو الشرق الأوسط الجديد التي حلمت به كونداليسا رايس، شرق أوسط يعيش فيه "النعاج" المطيعون للسيد الاميركي، ومن يخرج عن هذه الطاعة فهو يغرد خارج السرب، ولا بدّ من معاقبته.. وها هي سورية هي خارج هذا السرب الاميركي، فهي مع سرب الوطن والعروبة والأمة، وترفض أن تكون تحت هيمنة أحد، فهي صاحبة سيادة واستقلال، ولذلك فهي تـُعاقب عبر ضخ الارهاب الى أراضيها، وتسمية هذا الارهاب بثورة للضحك على العالم وشعوبه.. ومن يساعدهم حفنة من الذين نصبوا أنفسهم قادة وأمراء على شعوب الخليج العربي بمباركة السيد الاميركي لينفذوا أوامره ومخططاته.
قبل 33 عاماً، وبعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر /السادات، واسرائيل /بيغن، قررت الجامعة العربية تعليق عضوية مصر في الجامعة لأنها أقامت علاقات مع العدو الاسرائيلي، وتم نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس.. وبعد 33 عاماً يحدث العكس.. فإن الجامعة العربية تعلق عضوية سورية، الدولة العربية التي تكاد أن تكون الوحيدة التي ترفض أي صلح مع اسرائيل، وتقود محور المقاومة والممانعة، لسبب واحد وهو أن قادة دولنا العربية يرون أن الوقوف في وجه اسرائيل هو مغامرة ومقامرة وأمر غير منطقي، فعلى الجميع الخنوع للادارة الاميركية.. ولذلك فإننا نراهم يشنون الحرب على سورية بأبشع صورها، ولكن سورية صامدة وتتصدى ببسالة لهذه المؤامرة، وتقول وبكل جرأة لا للخنوع ولا للركوع ولا للهيمنة، ولا لمصادرة العروبة، ولا لشرق أوسط ممزق وهزيل، ونعم وألف نعم للصمود والتصدي والمواجهة لاسقاط أي مؤامرة مهما كانت قوتها وامكانياتها.
لقد قلنا أن سقوط سورية يعني سقوط العرب جميعاً، وهذا لن يحدث، واننا على يقين وثقة بذلك. وأكدنا مراراً وتكراراً أن هذا "الارهاب" المستخدم في سورية للنيل من الشجر والحجر والبشر، لن تبقى في سورية، فسينتقل الى قلب الدول التي رعته ودعمته ومولته ودافعت عنه. ونقولها بأعلى صوتنا ان دعم الارهاب هو ليس لمصلحة استقرار العالم، ولن يحقق السلم والطمأنينة للشعوب. فيجب أن يـُحارب "الارهاب"، ويـُحارب من يدعمه ويرعاه.. لأن المخطط والداعم له هو ارهابي أيضاً..
ندعو العالم الى اليقظة، وانقاذ منطقة الشرق الأوسط كله من الارهاب الذي يعيث دماراً في هذه المنطقة، وذلك من خلال رص الصفوف والتصدي له والعمل على أن تكون منطقة الشرق الاوسط خالية من "الارهاب"، ومن يريد الارهاب ويدعمه فليحتضنه في بلاده، ويذوق مرارته وحلوه!
إنها دعوة ليست للدفاع عن سورية فقط، بل للدفاع عن كل وطننا العربي، فما يصيب سورية سيصيب كل دول المنطقة.. فلنعمل جميعاً على وقف سفك الدماء الطاهرة عبر مكافحة "الارهاب"، وافشال كل المؤامرات التي تستهدفنا وتستهدف أرضنا، وعروبتنا ومواقفنا ووحدتنا.. وتستهدف أيضاً الدين الاسلامي السمح، وادخال أبنائه في صراعات مذهبية مريرة!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com