نظراً لسياستها الخارجية الفاشلة.. السعودية على موعد قريب مع التقسيم

 
خذلتها الادارة الاميركية في أكثر من ملف وتعيش في حالة عزلة الآن
 
إعتذرت السعودية عن تسلم مقعد العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن حين انتخابها في أواسط شهر تشرين الأول الماضي. وادعت وزارة الخارجية أن سبب الاعتذار يعود إلى تقاعس مجلس الأمن في أداء مهامه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والأحداث في سورية. وتم اختيار الكويت لتصبح عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي عن المجموعة العربية للسنتين القادمتين 2014 و2015.
وقبل ذلك، وخلال شهر أيلول المنصرم، اعتذر الأمير سعود الفيصل، وزير خارجية السعودية أيضاً عن القاء كلمته في الأمم المتحدة احتجاجاً على الاتصال الهاتفي الذي تم بين الرئيس الاميركي باراك اوباما، والرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني، وأبدى استياءه من دور الأمم المتحدة في معالجة الكثير من قضايا العالم.
والتساؤل الذي يطرح نفسه: هل استيقظت السعودية الآن فقط لتجد أن الأمم المتحدة لا تؤدي واجباتها كما يجب نحو شعوب العالم، أم هناك أسباب أخرى وراء هذا الاعتذار أو التصرف الذي لم يذهل العالم، بل جعله يسخر من هذا الموقف السعودي الذي حاول التهرب من تحمل مسؤولياته، أو في محاولة التغطية على ممارساته وتصرفاته تجاه الدول العربية، أو بسبب رغبته في فرض شروطه واملاءاته على الأمم المتحدة لتنفيذ رغباته وغرائزه العدائية ضد بعض الشعوب في هذا العالم؟
 
أسباب حقيقية سرية
هناك عدة أسباب تقع خلف هذا التصرف السعودي تجاه الأمم المتحدة ومن أهمها: عدم رضاه عن تبني الأمم المتحدة لعقد مؤتمر "جنيف 2" لحل الأزمة في سورية بطرق سلمية إذ أن السعودية لا تريد حلاً سياسياً، بل تريد المزيد من التدمير لسورية، وتريد اسقاط "سورية" بقيادة الرئيس بشار الأسد نظراً لمواقفه الوطنية والقومية الممانعة والمقاومة التي تشكل خطراً على السعودية ذاتها، وخاصة نظام حكمها الملكي هناك.
لم يعجبها الاتفاق الذي تم التوصل اليه مع الرئيس بشار الأسد لازالة الأسلحة الكيماوية في سورية، ولم يعجبها أيضاً عدم قيام الادارة الاميركية بتوجيه ضربة عسكرية لسورية، أي أنها من دعاة التدخل العسكري في سورية، ولم يعجبها اعتراف غالبية دول العالم بقيادة الرئيس الأسد الشرعية، ولم تعجبها التقارير الأمنية الدولية التي أكدت أنه باقٍ، ويحظى بشعبية كبيرة داخل سورية.
واضافة إلى كل ما ذكر، غضبها الكبير من فشلها الكبير على الاراضي السورية، وبدء انهيار ما يسمى بالمعارضة السورية التي تتبناها السعودية بقيادة "الائتلاف الوطني" الذي تم تنصيب "رئيس" عليه هو أحمد الجربا الموالي للسعودية بشكل كبير.
كما أن السياسة الاميركية لم تستخدم لغة العضلات ضد الملف النووي الايراني، وبدأت مؤخراً بوادر التوصل إلى اتفاق سلمي لحل هذا الخلاف حول هذا الملف.
 
خذلتها الادارة الاميركية
تشعر السعودية بأن الادارة الاميركية خذلتها في أكثر من موضوع أو ملف. فقد رفضت التدخل عسكرياً في سورية علماً أنها دعت الى ذلك، وتمنت أن يحدث ذلك في أسرع وقت من أجل تدمير المنطقة.
وتشعر أيضاً بأن هذه الادارة خذلتها في الملف النووي الايراني، إذ أنه تم التوصل الى شبه اتفاق، وان العقوبات الاقتصادية على ايران سترفع قريباً. وسبب الخذلان يعود إلى أنها وقعت على صفقة شراء أسلحة قيمتها عشرات المليارات من الدولارات من اجل تشجيع الادارة الاميركية على توجيه ضربة عسكرية لايران للقضاء على برنامجها النووي. وهذه الصفقة هي جزء من المؤامرة أو العدوان على ايران لوقف أبحاثها النووية، والحصول على الطاقة النووية لاغراض سلمية.
تشعر السعودية بأن نفوذها في المنطقة بدأ يخبو ويختفي من خلال اعتماد الادارة الاميركية أولاً على قطر بدلاً من السعودية، والآن تركت قطر، وحلت مكانها السعودية، ولكن هذا الاعتماد ليس كاملاً. فالسعودية كانت تملي رغباتها على العديد من الدول، ولكن ذلك ذهب مع أدراج الرياح، حتى أنها فقدت نفوذها وبصورة كبيرة في لبنان إذ أن هناك معارضة قوية للسعودية في لبنان.
من خلال "الخذلان" الاميركي تشعر السعودية بأنها وحدها في الساحة ضد ايران وضد سورية، وتشعر بأن كثيرين ابتعدوا عنها، كما ان الخذل الأكبر جاء بعد أن وفرت الادارة الاميركية الحالية دعماً كبيراً للاخوان المسلمين على حساب الوهابيين السلفيين المرتبطين بالنظام السعودي، الذي هو ضد الاخوان على "طول الخط"؟ ولذلك نرى أن السعودية هي أول من دعم ثورة 30 يونيو، ليس محبة بمصر وشعبها، بل بسبب كرهها للاخوان المسلمين الذين تم اسقاطهم في هذه الثورة؟
 
عتاب خجول للادارة الاميركية
لا تستطيع السعودية التخلي عن اميركا، وتخشى من انتقادها بصورة علنية، ولذلك قامت بعملية "فشت غل" بالأمم المتحدة بدلاً من "فش غلها" في اميركا خشية رد فعل اميركي حاد وقوي جداً، وخاصة أن اميركا تستطيع الآن الاستغناء عن نفط السعودية بعد أن اكتشفت كميات كبيرة منه في اميركا الشمالية، وبعد أن أصبحت هناك بدائل لهذا النفط، وخاصة الطاقة النووية.
 
السعودية على موعد مع
التقسيم والتجزئة
السياسة السعودية الحالية التي فقدت تحالف العرب معها، وفقدت نفوذها على الساحة العربية، وأصبحت مدانة بأنها تدعم "الارهاب" في كل من سورية والعراق. وتجاهلها أو عدم فهمها لما يقصده الاميركيون والاوروبيون من "اقامة شرق أوسط جديد" ودعمها لهذا المخطط الذي يشملها أيضاً، فإن السعودية ذاتها مع موعد قريب جداً مع التقسيم والتجزئة، وهذا آت لا محالة.. واعتذارها عن شغر مقعد مجلس الأمن الدولي، وانتقادها للأمم المتحدة يؤكد عجزها في تحمل مسؤوليات كبيرة، ويعكس ترهلاً بالسياسة الداخلية والخارجية.
ومن هنا يمكن القول أن السعودية على أبواب التقسيم والتجزئة، وهذا ثمن هذه السياسة البالية الفاشلة التي لم تُبقِ أي صديق أو حليف معها والتي تكشف عن وجهها البشع الحقيقي!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com