سيرحل كل من يتآمر على سورية وعالمنا العربي

استشهد الرئيس الرمز ياسر عرفات قبل تسع سنوات، وما زلنا حتى يومنا هذا نبحث عن القاتل "المجهول"! واغتيل رفيق الحريري بعد عدة شهور في لبنان، يوم 13 شباط 2005، وحاولوا "تلبيس" التهمة لسورية البريئة التي كانت على علاقة ممتازة مع الحريري نفسه، وما زال البحث جارياً عن القاتل رغم مرور حوالي تسع سنوات أيضاً، واليوم تغيّر الاتهام وتحوّل إلى "حزب الله" مما يعني أن القاتل ما زال مجهولاً أيضاً.
قبل ذلك بعام احتلت اميركا العراق ودمرته، والقت القبض على الرئيس صدام حسين، وحاكمته محاكمة صورية، وتم اعدامه أمام مرآى العالم العربي وقادته.
تمت تنحية الرئيس التونسي الموالي لاميركا زين العابدين بن علي بعد اندلاع ثورة "الربيع" ضده، وفر الى السعودية للاقامة هناك، وقُتل الرئيس الليبي معمر القذافي أيضاً، وفي أوائل عام 2011، تمت تنحية الرئيس المصري حسني مبارك بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني).
هذه هي صورة عامة عن العالم العربي منذ عام 2003 وحتى الآن، أي خلال السنوات العشر الماضية. لقد تمت تصفية أو التخلص من العديد من القادة العرب "الموالين" حتى العظم للسياسة الاميركية، أي أن للادارة الاميركية اصبعاً في ما يُسمى بالربيع العربي، وأرادت عبر حلفائها، والتضحية بهم، تشكيل أو اقامة شرق أوسط جديد.
ولا ننسى أيضاً أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أجبر على التنحي أيضاً.. والغريب العجيب أن كل ما جرى كان مدعوماً من "قادة عرب" وخاصة السعودية وقطر.. هاتان الدولتان شاركتا في قصف سلاح جو حلف الاطلسي للشعب الليبي.
لننظر الى وضع كل هذه البلاد التي "تعرضت" لما يُسمى بـ "الربيع العربي"، فنجد بكل وضوح أن هذه الدول تحولت إلى دول غير مستقرة تعاني ما تعانيه من اقتتال ومعاناة كبيرة جداً.. فالعراق الذي كان مستقراً وهادئاً، يتعرض الى موجات عنف وارهاب يومية تطال المئات من أبناء شعبه.. حتى أن دور العبادة المسيحية والاسلامية وعلى حد سواء لم تسلم من هذا "الارهاب" الذي وصفوه بأنه "ربيع" مع أنه "ارهاب" و"جرم" و"قتل".
حاولوا اكمال مسلسل تدمير الشرق الأوسط، واتجهوا إلى سورية، ولكن الشعب السوري كان عصياً على هذه المؤامرة الكونية.. فأكثر من 84 دولة في العالم ترسل "مجاهديها" أو ارهابييها للقتال في سورية.. "زعماء" (هذه الكلمة مشكوك في أمرها) عرب يتآمرون على هذا القطر العربي الذي كان الملجأ الأمين لكل العرب، والحصن المنيع لكل قضايا وطننا العربي. واحتضن الشرفاء ودعم المقاومة وقدم المساعدات التي لا تقدر بثمن لكل أمتنا العربية، ولكن هذه المؤامرة، ورغم مرور أكثر من 32 شهراً على البدء بها لم تنجح. والغريب أن كل أهداف المؤامرة هو اسقاط سورية، وفرض الإملاءات والشروط عليها.. وتمادى بعض المسؤولين في العالم بالمطالبة الوقحة بتنحية الرئيس بشار الأسد عن سدة القيادة والحكم مع أنه منتخب شرعياً، ومع أن غالبية الاستطلاعات للرأي العام العلنية والاستخبارية تؤكد أن الرئيس الأسد يتمتع بشعبية كبيرة، ويحظى بثقة شعبه.
هذه الدول التي تدعو الى الديمقراطية، وترسل مقاتلين للجهاد في سورية لا تفقه معنى الديمقراطية، ولا تمارسها مع شعبها أولاً. كما أن الدول الاوروبية مع اميركا يطالبون بالديمقراطية والاصلاح، وهم في الوقت نفسه يصادرون حقوق الشعب السوري في تقرير مصيره واختيار رئيسه، ولا يريد هذا الشعب الصلب من أحد أن يقوم بهذه المهمة، والأكثر وقاحة أنهم يَدَّعون بوقوفهم إلى جانب الشعب السوري ولكنهم في الواقع يعادونه ويعاقبونه ويفرضون شتى العقوبات الاقتصادية عليه لعل وعسى غيّر من مواقفه الداعمة والمساندة للرئيس، أو تنازل عن وحدته الوطنية.. ولكن هذا لم يفلح ولم ينجح لأن هذا الشعب واعٍ ومدرك للمؤامرة التي تتعرض لها بلاده.
قراءة سريعة لما ذكر سابقاً تؤكد أن اميركا والغرب يريدون "استعمارنا" من جديد عبر فرض رؤساء علينا، وعبر الاطاحة بمن لا يعجبهم من هؤلاء القادة.. وهذا التصرف مخالف لكل القوانين الدولية، ولمبدأ السيادة الكاملة لكل دولة، والحرية لشعبها في اختيار قادته.
هل تسمح اميركا لأحد بانتخاب هذا الشخص أو ذاك رئيساً للولايات المتحدة مع أن الديمقراطية في اميركا نفسها قابلة للنقاش والجدال لأنها ليست مثالية أبداً.
هل تسمح فرنسا بفرض أي رئيس عليها، وكذلك ايطاليا وبريطانيا.. حتى أنهم لا يسمحون لنا بتوقع فوز هذا أو ذاك، لأن ذلك أيضاً من حق الشعب نفسه.
انطلاقاً مما ذكر وسرد وقيل سابقاً، فإننا نقول أن الذي يريد تدمير هذه المنطقة هو عدو شعوبها.. وهذا ما يجب أن يفهمه القادة المرتمون بأحضان اميركا، فإنهم على موعد مع الاطاحة والتنحية شاءوا أم أبوا ذلك. وهذا ما يجب أن تتصدى له شعوبنا العربية، وتمنع عودة الاستعمار الينا بامتطاء "الديمقراطية" واخواتها…
يجب أن يكون موقفنا العربي صلبا وقوياً ومتحدياً للمؤامرة على سورية، ويجب التصدي لها بكل قوة وتصميم وعزيمة لأن افشال المؤامرة على سورية سيعني افشالها على عالمنا العربي، والفوز عليها سيعطي شعوب الدول الأخرى الفرصة لاعادة الحساب، والعمل على اخراج أوطانها من دوامة العنف والقتل التي لا تخدم سوى أعداء الامة العربية.
إني لواثق كل الوثق بأن هذه المؤامرة ستسقط، وأن من يطالب برحيل الأسد، هو نفسه سيرحل قريباً.. فالرئيس الأسد باقٍ والشعب السوري صامد، والمؤامرة ستنقلب قريباً على رؤوس داعميها.. وهذا ما سنشهده في المستقبل القريب!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com