سياسة اميركية غبية في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية

 
 
مع اندلاع الأزمة في اوكرانيا سارعت الإدارة الأميركية عبر رئيسها باراك اوباما، ووزير خارجيتها جون كيري إلى التلويح بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا، وشارك في هذه التهديدات بعض قادة الاتحاد الأوروبي.. ولكن روسيا "سخرت" من هذه التهديدات، وأعلنت استعدادها للرد عليها عندما تفرض بالفعل عليها.
 
يبدو أن الإدارة الاميركية "تناست" عن قصد أو عن غباء أن روسيا دولة قوية وهي عظمى، ولغة التهديدات لن تكون لها أية فاعلية، بل ستكون لها مردودات سلبية على من يطلقها أو ينفذها.
 
والأكثر غرابة أنهم هددوا روسيا بمقاطعتها واخراجها من تجمع القوى الـ 8 العظام أو الكبار في العالم، وكأن هذا التهديد سيؤثر على روسيا، بل بالعكس سيزيدها قوة وعظمة.
 
وظنت الادارة الاميركية أنها تتعامل مع دولة صغيرة، ولذلك تستخدم لغة التهديد، ولغة المقاطعة، ولغة فرض عقوبات، وهذه العقوبات تؤكد مجدداً أن هذه الادارة تعاقب الشعوب قبل معاقبة الحكومات.. ولننظر إلى الوضع في سورية، فالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها لم تؤثر على الدولة، بل زادتها قوة، والشعب السوري وحده يدفع الثمن. وفرض عقوبات على ايران لم يغير شيئاً من السياسة الرسمية للجمهورية الايرانية، بل ازدادت هذه الجمهورية قوة ونفوذاً في منطقة الشرق الأوسط بأكمله، وهذه العقوبات هي ضد الشعب الايراني، وهي التي تشجعه على الالتفاف حول حكومته وقيادته.
 
وتظن الإدارة الاميركية أنها، وعبر اثارة "مشاكل" في اوكرانيا، تستطيع لَي الذراع الروسي الذي أصبح طويلاً يكاد يصل إلى كل مكان في العالم، وظنت أنها تستطيع وعبر اوكرانيا، المساومة على مواقف أخرى مبدئية لروسيا.. لكن هذا الظن ليس بمكانه لأن روسيا تحركت بسرعة، وها هي تمسك بزمام الأمور، وتسيطر على الأزمة الاوكرانية، ولن تسمح لهذه الأزمة بأن تكون وسيلة لطعنها أو مساومتها من قبل أعداء روسيا سواء في اوكرانيا أو في العالم كله.
 
لقد أثبتت هذه السياسة الاميركية عن "غباء سياسي" فاضح ومكشوف لأن من يستطيع أن يهدد ويؤذي أكثر هي روسيا، لأنها إذا أوقفت أو خفضت، تصدير الغاز إلى اوروبا، فإن الأخيرة ستصيح من الألم والمعاناة، واذا أوقفت ضخ الغاز لاوكرانيا، فإن الوضع في اوكرانيا سيكون مأساوياً.
 
لقد تم خداع بعض الاوكرانيين المتطرفين المتشددين المعادين لروسيا للقيام "بانقلاب".. ولكن هؤلاء سيكتشفون أن الإدارة الاميركية ستلقي بهم في المزابل إذا وجدت أن مصلحتها تكمن في ابقاء سياسة الوفاق مع روسيا، لأن سياسة المعاداة ستقود إلى حرب باردة قد تكون تأثيراتها السلبية كبيرة على اميركا قبل أي من حلفائها.
 
التلويح بالتهديدات وفرض عقوبات هي سياسة أميركية غبية، وهذا ما ستؤكده روسيا عبر تصرفها الهادىء الرزين الحكيم في معالجة الأزمة الاوكرانية المفتعلة، وستؤكد مجدداً فشل اميركا في اوكرانيا تماماً كما فشلت في العراق وافغانستان وسورية وغيرها من مناطق العالم، وهذا الفشل يعني أن "عظمة" و"هيبة" اميركا تضعف ولا بدّ أن تنهار نهائياً في السنوات القادمة إذا استمرت وتواصلت هذه السياسة الفاشلة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com