اميركا مسؤولة عن التوتر العالمي الحالي وعن العودة مجدداً للحرب الباردة

 

 

كل من يخالف رأيها، أو يعرّض مصالحها للخطر، أو يعمل لصالح أي منافس لها، يشكل خطراً على السلم العالمي، هذه هي سياسة ومواقف الادارة الاميركية التي هي أصلاً تدعم "الارهاب" في العالم، وتشكل خطراً كبيراً على أمن كل شعب من الشعوب الحرة المستقلة غير الموالية أو المتعاطفة مع سياستها.

 

شعب جزيرة القرم، وفي استفتاء ديمقراطي نزيه، قرر الاستقلال عن اوكرانيا، والانضمام الى روسيا الاتحادية، وهذا لم يعجب اميركا ولا حلفاؤها، واعتبرت الاستفتاء عملية غير ديمقراطية، واعتبرت قرار الشعب في القرم قراراً منافياً ومخالفاً للقوانين الدولية، ولكن هذا الموقف لم يؤثر على روسيا، ولا على دولة القرم، بل بالعكس فإنه عزز التمسك بقرار الوحدة عبر الانضمام الى روسيا، لأن شعب القرم يدرك ويعرف أن مصالحه مع روسيا، وان القرم كانت تابعة لروسيا أيضاً منذ قرون عديدة، ولكن الرئيس الروسي الاسبق ميخائيل غورباتشوف وعند استقلال اوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي منح هذه الجزيرة لاوكرانيا مقابل شروط معينة ومتفق عليها لصالح كل من اوكرانيا وروسيا، أي أن القرم تعود الى الدولة الأم التي كانت تحتضنها لقرون طوال.

 

وعندما بدأ مجلس الشعب السوري الاعداد للانتخابات الرئاسية قامت ولم تقعد جوقة العازفين والمغنيين التابعين لاميركا، مع أن هذا هو استحقاق ديمقراطي ودستوري، ويجب على من يدعي بأنه يدعم الديمقراطية ويؤيد الحرية، أن يساند مجلس الشعب السوري في خطواته واستعداداته، ويجب الاصرار على استمرار العملية الديمقراطية في سورية، ولكن اميركا تدرك أن الرئيس السوري بشار الأسد سيعاد انتخابه لأن الشعب يريده، فهي تقف ضد أي استحقاق دستوري أو ديمقراطي في سورية لأنه ليس لصالحها!

 

والأمر الملفت للأنظار أن الادارة الاميركية تسارع الى اصدار بيانات شجب واستنكار عندما تطلق قذيفة على اسرائيل من قطاع غزة، ولكنها لا تدين أي غارة اسرائيلية تقتل أطفالاً وشيوخاً في القطاع لأن هذا في رأيها دفاع عن النفس! حتى ولو وقعت تفجيرات ارهابية في أي مدينة في سورية فإن الادارة الاميركية لا تدينها، لأنها تريدها وترغب فيها وتدعم الارهابيين في سورية تحت شعار "دعم الثوار" الذين هم في الواقع ليسوا ثواراً بل مقاتلون مرتزقة يعملون لصالح السياسة الاميركية، هذه السياسة التي تريد أن ترى العالم كله مدمراً، ومقسماً ومجزاً، ومشتتاً. وان كل الشعوب تعاني ما عدا الشعب الاميركي!

 

عندما غزا الرئيس صدام حسين الكويت اعتبرذلك احتلالاً ووقف العالم كله ضده، ولكن لماذا لا يقف العالم الى جانب الشعب الفلسطيني المحتلة أرضه منذ عشرات السنوات، فالادارة الاميركية تطالب قيادة الشعب بالتنازل عن الحقوق، لأن شعبنا هو المعتدي وليست اسرائيل هي المعتدية والدولة التي تحتل أراضينا انه منطقٌ مقلوب!

 

السياسة الاميركية تكيل بأكثر من مكيال، أحياناً بمكيال واحد، وفي أحيانٍ أخرى بأكثر من ذلك حسب بوصلة مصالحها.. لكن هذه السياسة تشجع على التوتر في العالم، وهي التي ستقود الى حرب باردة، وهي التي ستعيد اميركا الى حجمها الطبيعي، وهي التي ستقسم العالم كله الى أكثر من قطب، ربما لقطبين أو أكثر.. وهي التي ستجبر الادارة الاميركية على دفع أثمان باهظة لأنها تمالق المعتدين على القانون الدولي، وتعتدي على المظلومين من خلال مناصرتها للظالمين.. اميركا – الادارة وليس الشعب – ستكون في مأزق، وهذا ما ستؤكده السنوات القليلة القادمة، وخير دليل على ذلك أن الحرب الباردة قد بدأت بالفعل، واميركا مسؤولة عن العودة الى هذه الاجواء مجدداً!!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com