سياسة اسرائيلية ثابتة.. ضرب القطاع لابقائه ضعيفاً مع مقاومته

 
تعددت أسباب شن اسرائيل حربهاً العدوانية الثالثة على قطاع غزة، ومن أهمها ضرب المقاومة الوطنية والاسلامية في هذه البقعة الصغيرة من فلسطين التاريخية، وابقائها ضعيفة قدر الامكان. ويأتي هذا السبب ضمن استراتيجية اسرائيلية واضحة المعالم انه لا يجوز السماح بتحويل القطاع الى جنوب لبنان آخر، إذ أن اسرائيل انسحبت من الجنوب اللبناني في 25 أيار 2000، وكانت الخطة أنه في حالة وقوع أي اعتداء من المقاومة اللبنانية، سترد اسرائيل عليه بضربات جوية. ونفس الخطة وضعت أيضاً عند الانسحاب الاسرائيلي الأحادي من القطاع في شهر آب عام 2005، ولكن في العام 2006 وفي تموز منه، شنت اسرائيل حرباً ضارية على لبنان بذريعة اختطاف جنديين على الحدود الشمالية، وتبين في هذه الحرب أن المقاومة خلال الست سنوات عززت قدراتها وامكانياتها، وظهر سلاح الصواريخ الذي نقل المعركة الى داخل اسرائيل.
 
من "حظ القطاع" أن الانسحاب الاسرائيلي تم قبل حرب تموز بعام، ولو لم يتخذ شارون قراره بالانسحاب الاحادي في العام 2005، وكانت هناك حرب تموز 2006 فان اسرائيل ستبقى متواجدة في القطاع، وخاصة في منطقة "غوش قطيف" لأن اتفاق اوسلو سلم جزءاً من القطاع ولم يسلم كله للسلطة الوطنية الفلسطينية.
 
وانطلاقاً من استراتيجية أو عقلية عدم السماح للمقاومة في القطاع بتعزيز ومضاعفة قدراتها وامكانياتها فرضت حصاراً على القطاع لمنع دخول السلاح اليه، وقررت شن حرب بين فترة وأخرى لاستنزاف قوة المقاومة "الصاروخية والقتالية".. وقد واجه القطاع ثلاثة حروب عدوانية خلال السنوات التسع الماضية، أي بمعدل تقريباً كل ثلاث سنوات عدوان.. وتبين لاسرائيل أيضاً أن الضربات الجوية لا تكفي وذلك من دروس وعبر حرب تموز 2006 على لبنان، ولذلك اضطرت لاستخدام الاجتياحات البرية أيضاً.. ولكن الحرب الثالثة اختلفت عما سبقتها من الحربين العدوانيتين على القطاع أواخر عام 2008، وفي خريف عام 2012.
 
لذلك فإن الادعاء بأن اسرائيل "انجرت" الى هذه الحرب فهو ادعاء باطل، وعملية اختطاف المستوطنين الثلاثة مساء يوم 12/6/2014 كانت مجرد ذريعة مخترعة ومختلقة، ومما حمّس اسرائيل على ضرب المقاومة عبر شن هذه الحرب عوامل عدة وأهمها تحقيق اتفاق المصالحة بتشكيل حكومة وفاق وطني فلسطينية، واسرائيل لا تريد أن تكون هناك أية مصالحة. وتريد أن تكون "الدويلة" الفلسطينية مستقبلا عدة دويلات أو كانتونات مقسمة جغرافياً، ومنقسمة سياسياً، اضافة الى مطالب اليمين الاسرائيلي بضرورة القيام بهذه الحرب ضد القطاع بسبب مصالح حزبية، وكذلك أراد نتنياهو، كرئيس لحكومة الائتلاف الوزاري، أن يبقي هذا الائتلاف قائماً، وان تبقى حكومته الى حد ما مستقرة بعد وقوع خلافات عديدة حول مواضيع داخلية مختلفة. فكان العدوان على قطاع غزة أسلوباً أو طريقاً للحفاظ على هذه الحكومة.. وهذا يعني أن القطاع هو "كبش الفداء" و"الضحية" من أجل استقرار حكومته وارضاء اليمين المتطرف الذي بدأ يزاود عليه.
 
ومن يَدّعي أن اسرائيل أجبرت على شن هذه الحرب فهو ساذج وواهم ومضلل، لأن سياسة اسرائيل المرسومة والمتبعة تعتمد على ألا تقوم أية قيامة للقطاع لا سياسياً ولا عسكرياً، ولا بدّ من شن العدوان عليه بين فترة وأخرى..
 
واستناداً إلى كل ما ذكر سابقاً فان مطالبة المقاومة بانهاء الحصار على القطاع ووقف اسرائيل عدوانها المتواصل عليه كشرط لوقف اطلاق النار، جاء رداً على هذه السياسة الاسرائيلية لانهاء معاناة أبناء شعبنا هناك، أي أن المطالب التي تطرحها المقاومة شرعية ومنطقية تهدف إلى كسر وانهاء هذه السياسة الاسرائيلية، والى انهاء الاحتلال الاسرائيلي غير المباشر على القطاع، ويعني منع حرب عدوانية جديدة على القطاع.
 
هذه هي من أهم أسباب الحرب، وبالطبع هناك أسباب اقتصادية ملحة ومهمة كانت وراء شن هذه الحرب العدوانية.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com