تنظيم “داعش” انتاج اميركيلتحقيق أهداف خبيثة خطيرة

 
 
بعد تصفية أسامة بن لادن بصورة غامضة قبل عدة سنوات، رأت الإدارة الاميركية أن تنظيم القاعدة الذي كان يقوده قد فقد أهميته ووجوده، ولذلك عملت على صناعة تنظيم جديد يخدم مصالحها، ويحقق لها أهدافها، ويوفر لها عدواً جديداً تستطيع النيل منه متى تشاء، ويوفر لها الغطاء لما قد تنفذه وتطبقه سياستها الخارجية. ووجدت أن تنظيم "داعش" هو المطلوب لتلبية هذه المهمة الاميركية، وها هي تصعّد الحملة عليه، تماماً كما فعلت مع تنظيم القاعدة في أواخر عام 2001، وتطالب بتحالف دولي للقضاء على هذا التنظيم الجديد.
 
ويجب ألا يغيب عن ذهن أي محلل أو قارىء أو متابع للأحداث بأن بن لادن كان مدعوماً من قبل اميركا لمحاربة التواجد الروسي في أفغانستان، أي أنه كان مدعوماً في البداية من اميركا التي وفرت له العتاد والمال. وكذلك تنظيم "داعش" (الدولة الاسلامية في العراق والشام) وفرت له كل الدعم من مال وعتاد سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة كي يقاتل داخل سورية ويدمر الدولة السورية، وكانت اميركا تعتبره من "الثوار" ضد النظام… وزعيم هذا التنظيم، أبو بكر البغدادي، الذي أعلن قيام دولة الخلافة الاسلامية من الموصل/ شمال العراق، هو في الأساس مدعوم وانتاج اميركي إذ أن عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ الاميركي المتطرفين الذين زاروا تركيا في بداية عام 2012، اجتمعوا مع قادة الارهابيين المتواجدين في سورية، ومن بينهم أبو بكر البغدادي، أي أن هذا التنظيم هو من صناعة اميركية خالصة.
 
ولكن لماذا هذا الحماس لمواجهته الآن؟
 
والجواب هو أن الادارة الاميركية ارتأت أنه قد حان لها الوقت وأينعت الظروف لتحسين وجهها القبيح ولتغطي فشلها السياسي الذريع في المنطقة، ولتحقيق بعض الأهداف الخطيرة ومن أهمها:-
 
  1. محاولة تبرئة نفسها من الاتهام الموجه اليها بأنها داعمة للارهاب في العالم، وهي صنيعته!
 
  1. توجيه الأضواء الاعلامية العالمية نحو هذا التنظيم مما يعني المبالغة، ولربما الى حد التفريط في ذلك، وبالتالي ابعاد الأضواء عن قضايا أخرى في المنطقة ومنها القضية الفلسطينية.
 
  1. تغذية الفتن الطائفية والمذهبية والأثنية والعرقية وغيرها من الفتن في العراق وسورية والمنطقة عبر تصعيد المواجهة مع "داعش".
 
  1. محاولة اميركية لتعزيز تبعية العديد من الدول في العالم للسياسة الاميركية، وخاصة الدول الضعيفة في المنطقة من خلال الانضمام للتحالف الاميركي، وبالتالي الحصول على الحماية من "غول" خطر داعش على المنطقة.
 
  1. محاولة، وعبر داعش، تقسيم دول قائمة الى دويلات للأقليات عبر تسليح بعض المجموعات "الدينية" و"العرقية" التي ستحارب "داعش"، وخاصة بعد الانتهاء من القضاء عليه.. ولتوضيح ذلك يمكن القول أن تسليح قوات "البشمركة" سيساهم الى حد كبير في انفصال شمال العراق عن بغداد مستقبلاً، وهذا ما ستثبته السنوات القادمة.
 
والتساؤل الأخير الذي يطرحه كثيرون: هل يحتاج تنظيم "داعش" الى ثلاث سنوات للقضاء عليه؟
 
والجواب يقول أن اميركا تريد هذه المواجهة لثلاث سنوات، أي لزمن كافٍ يوفر لها الامكانية لتحقيق أهدافها واعادة فرض هيمنتها على المنطقة، أي أن المنطقة ستكون في حالة مواجهة وتوتر لثلاث سنوات قادمة على الاقل.. علماً أنه يمكن القضاء على هذا التنظيم خلال فترة زمنية قصيرة جداً اذا جفت مصادر دعمه وتمويله، وتمت محاصرته بصورة جادة وحازمة.
 
وهذا كله يعني أن اميركا تقف وراء كل التوتر والدمار الذي تعيشه وتواجهه المنطقة، وان تنظيم "داعش" ما هو إلا أداة لهذه السياسة الاميركية الفاشلة في العالم أجمع، وفي منطقة الشرق الأوسط بصورة خاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com