الانتخابات المحلية : هل تقرّب المصالحة أم تعزز الانقسام

من المقرر أن تجري الانتخابات المحلية (المجالس البلدية والقروية) في 8 تشرين الاول القادم بناء على قرار مجلس الوزراء الفلسطيني قبل عدة أسابيع. وقد أبلغ الرئيس محمود عباس رئيس لجنة الانتخابات المركزية بالاشراف على هذه الانتخابات بعد الاعداد الجيد لها.

جميع القوى والفصائل الفلسطينية رحّبت بهذا القرار، وقد أعلنت جميع الفصائل المنضوية تحت راية منظمة التحرير مشاركتها في هذا العرس الانتخابي المجتمعي. وكذلك أعلنت “حماس”، ولأول مرة منذ اتفاق اوسلو، عن مشاركتها في هذه الانتخابات وخوض معركتها، في حين أن حركة الجهاد الاسلامي أعلنت عدم مشاركتها فيها.

خمس قوى فلسطينية اعلنت الوحدة فيما بينها، واتفاقها على تشكيل قوائم مشتركة لخوض هذه الانتخابات في مدن وقرى الضفة الغربية وهي: الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، حزب الشعب، المبادرة الفلسطينية وفدا. في حين أن فتح ستخوض الانتخابات بقوائم ذاتية، وقد تتحالف مع بعض القوى الصغيرة على الساحة الفلسطينية مثل نضال الشعب، وجبهة التحرير الفلسطينية… الخ.

مفاجأة هذه الانتخابات

من اولى هذه المفاجآت قبول “حماس” المشاركة فيها ولأول مرة، وهذا يعني تحد كبير لحركة فتح التي كانت تخوض هذه الانتخابات ضد منافسين ليسوا أقوياء، وكانت تسيطر على غالبية هذه المجالس البلدية والقروية. ولم تتوقع “فتح” مشاركة “حماس”، ولو علمت مسبقا انها ستشارك، لما أعلنت اجراء هذه الانتخابات.

أما المفاجأة الثانية فكانت في رفض قوى اليسار الرئيسة، مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والمبادرة الفلسطينية وفدا، الائتلاف مع أي من الحركتين سواء فتح أم حماس، وقررت ان تشكل قوائمها الخاصة بها، لتعلن هذه القوى انها حيادية، ولم تنحاز الى طرف دون آخر.

والمفاجأة الثالثة تمثلت بظهور واضح لنفوذ عضو المجلس التشريعي محمود دحلان في العديد من المدن، وهناك امكانية لقيام مؤيديه بتشكيل قوائم قد تفوز في الانتخابات، او قد تعزز الانقسام الفتحاوي الفتحاوي، وبالتالي تحقيق الهزيمة لفتح بكافة ميولها وشللها، لذلك تحاول حركة فتح ان توحد صفوفها لخوض هذه الانتخابات موحدة، ومنفصلة كاملاً عن قوائم دحلان. وقررت “فتح” منع أي عضو من اعضائها من التنافس على أي منصب محلي دون ترتيب ذلك من قبل القائمين على هذه الانتخابات، وسيفصل كل من يرشح نفسه بصورة مستقلة عن الحركة.

وما يجري من شبه فلتان أمني في شمال الضفة الغربية وخاصة في نابلس وطولكرم اثر الاعتداء بالضرب من قبل رجال امن فلسطينيين على امين عام المجلس التشريعي ابراهيم خريشة، واطلاق النار على عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، غسان الشكعة في نابلس يعتبر المفاجأة الرابعة للحركة، اذ أن هذه الفوضى لم تكن ولن تكون لصالح “فتح”، وخاصة انها على ابواب خوض انتخابات فيها منافسة حادة جدا.

النتائج المتوقعة

يتوقع مراقبون ان تكون النتائج على النحو التالي: فوز “حماس” أو موالوها بأغلبية مقاعد المجالس المحلية في الضفة الغربية، لان ابناء الضفة بحاجة أو يطالبون بالتغيير، في حين ان حركة “فتح” ستفوز بأغلبية مقاعد المجالس المحلية في القطاع، لان ابناء القطاع يريدون التغيير، وملوا من سياسة حماس الحديدية.

لنفرض ان هذه هي النتائج الحقيقية للانتخابات، فهذا يعني ان هناك احد امرين اما شل عمل المجالس البلدية في الضفة والقطاع لان السلطة الوطنية في الضفة لن تسمح لابناء حماس من تحقيق انجازات، وكذلك سلطة حماس ستعرقل عمل المجالس البلدية التي تحت سيطرت فتح. ولذلك فان اعمال المجالس المحلية ستشل، أو ان حماس وفتح ستضطران لقبول الامر الواقع والتعامل معه، أي اضطرار الجانبين للتقارب وتحقيق مصالحة أو السير قدما نحو انتخابات عامة تشريعية ورئاسية.

هناك احتمال لنتائج اخرى مغايرة وهي فوز حماس في القطاع، وفوز فتح في الضفة، وبقاء الوضع على ما هو عليه الآن أي بقاء حالة الانقسام الفلسطيني.. وهذه النتائج متوقعة كثيراً، وبالتالي فان كلا من الحركتين ستتبادلان الاتهامات بالتزييف او التدخل في شأن هذه الانتخابات!

ولا بدّ من الاشارة الى انه في حالة فوز “حماس” في الضفة الغربية، فان هذا الفوز سيعرقل ايضا اجراء انتخابات عامة لان فتح ستخاف على مواقعها السياسية الحالية لان فوز حماس في الانتخابات المحلية هو اشارة واضحة لامكانية فوزها ايضا في الانتخابات العامة. ولذلك فان حركة فتح والدول المانحة والداعمة للسلطة الوطنية ستتوقف عن الدعوة الى اجراء انتخابات عامة خوفا من سيطرة الحركة الاسلامية على السلطة ايضا في الضفة!

لا بدّ من الاشارة الى ان اسرائيل تراقب الوضع عن كثب، فهي من وجهة نظر واحدة ترحب بفوز حماس في الضفة كي لا تتفاوض، وتقول ليس هناك أي شريك، وتبرر كل اجراءاتها ضد ابناء الضفة مع دعم “دولي” لذلك. وهناك وجهة نظر اخرى، تريد ابقاء الوضع على ما هو عليه، وستمنع اجراء انتخابات في الضفة الغربية كي لا تدخل اسرائيل في صراع مع “حماس”، وتتحول الضفة الى غزة نائية.

انطلاقا من كل ما ذكر فان نتائج الانتخابات المحلية لها وقعها اما تقريب المصالحة او تعزيز الانقسام. والمتشائمون كثر ولذلك يتوقعون تعزيزا للانقسام لان ذلك يخدم اسرائيل وبصورة مجانية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com