مدن وقري فلسطينية دمرها الاحتلال الإسرائيلي.. كتب/ محمد سالم الأغا

الوطن غالي لأنه الأرض التي أول ما رأت عيناك سهولها، وبطاحها، وتغلغلت في رئتيك أنسأمها، ولعبت بين أحجارها، وأزقتها، وحاراتها، مع أقرانك، وهي التي تشدك إليها حبال الحنين، مهما بعدت عنها، وأسالوا أهلنا في المنافي وديار الغربة… سيجيبون بلسان واحد كما قال الشاعر :

كم مـنـزل فـي الأرض يـألـفــه الفـتي وحـنـيـنـه أبـــداً لأول مـــنـــزل

وحديثنا اليوم عن مدينة الناصرة، وهي من المدن القديمة في فلسطين، وفيها ولدت مريم العذراء عليها وعلي من ولدته السلام، وبُشرت به، وفيها نشأ المسيح عليه السلام، وبها نما و ترعرع، ومن هنا بانت أهميتها تاريخياً، وأصبح أسمها يتردد علي كل لسان، وأخذت تنمو وتزدهر، وقد تحدثت الوثائق التاريخية أن أول كنيسة شيدت في الناصرة، كانت كنيسة البشارة.

1

ويروي التاريخ الإسلامي للمدينة، أن القائد الإسلامي شرحبيل بن حسنة دخلها فاتحاً سنة 634م ، ولمع أسمها وشهدت نزاعات كثيرة أيام الحملة الصليبية علي فلسطين بين الفرنجة والمسلمين، وبعد أن استولي الفرنجة علي القدس، دفعوا بجيوشهم إلي الناصرة ، واستولوا عليها، ووضعوا حامية لهم بها، ثم أعادها المسلمون عسكرياً بعد معركة حطين، و بقيت هذه المدينة يتجاذبها المسلمون تارة والفرنجة أخري حتى أستولي عليها المسلمون علي يد خليل بن قلاوون سنة1291م،690هـ ، إلي أن دخلت مدينة الناصرة بحوزة الدولة العثمانية سنة 1517م ،923 هـ ، وقد أستقر بها العرب المسلمون، وفي النصف الأول من القرن السابع عشر نزلها بعض العرب المسيحيين من موارنة لبنان للسكني فيها، أما اليهود فلم يجرؤوا علي دخولها حتى أوائل القرن التاسع عشر .

2

وبعد اشتعال الحرب العالمية الثانية سنة 1918م أنشئت القوات التركية وحليفتها ألمانيا مركز قيادة في مدينة الناصرة، وبعد هزيمة الأتراك وألمانيا ودخول الانجليز المدينة، دخلت الناصرة ، مع قريناتها المدن الفلسطينية مرحلة الانتداب البريطاني علي فلسطين، الذي مهد لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين ، وسقطت الناصرة بيد اليهود في 16 تموز 1948.

أهتم أهالي الناصرة بزراعة الأشجار المثمرة، والخضروات، و اشتغلوا بأعمال التجارة والصناعات الخفيفة مثل الحدادة، والدباغة والصباغة والخياطة ، وأعمال البناء والصناعات السياحية التذكارية من سجاد ونحاس وخشب محفور وصدف، و لديهم معاصر للزيتون والسمسم لاستخراج زيت الزيتون والسيرج والحلاوة الطحينية، ومن الجدير ذكره أن أهلنا العرب الذين صمدوا في مدنهم وقراهم وخاصة في مدينة الناصرة واجهوا سياسة إسرائيلية حاقدة وعنصرية، أجبرتهم علي عدم بروز اقتصاد عربي قوي، كما ضيقت الحكومات العنصرية الإسرائيلية المتعاقبة علي كافة المهن والمجالات الاقتصادية الأخرى، وترفض حتى الآن اعتبار الوسط العربي كمناطق تطوير ، ما ساهم في تأخير عجلة الاقتصاد لأهلنا عرب 1948، مقابل سكان المستوطنة اليهودية التي تُدعي ” الناصرة العليا “، التي أقامتها دولة الاحتلال علي أراضي الناصرة والفري العربية المجاورة .

وهكذا نجد مدينة عربية كبيرة في فلسطيننا المحتلة كمدينة الناصرة، تخلو من المصانع، والمشاريع الاقتصادية الكبيرة، ما أضطر بعض أهالينا إلي التوجه للعمل في المصانع والورش اليهودية، لتأمين لقمة عيش كريمة في وطنهم المحتل .

3

وقبل أن أختم مقالي هذا، يجب أن أشير الي ما كان يتمتع به أهل الناصرة، ووجهائها الكرام من إحترام وتقدير لعروبتهم ، و لدينهم الإسلامي الحنيف، فشيدوا المساجد، ودعوا المشايخ العظام لتفقيههم وتعليمهم علوم دينهم الإسلامي، وشعائره، وكان فضيلة الشيخ فهمي حافظ الأغا، رحمه الله ،أحد هؤلاء المشايخ الذين كانوا يلبون نداء الواجب في نشر سماحة الدين الإسلامي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن الجدير ذكره في هذا المقام، أن أهلنا هؤلاء كانوا يجمعون صدقاتهم ، وزكاة أموالهم ، ويحملونها أمانة لفضيلته ليوزعها علي فقراء خان يونس وقطاع غزة لسنوات عديدة، وكان رحمه الله يقوم بهذه الأمانة خير قيام .

  • كاتب وصحفي فلسطيني

عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

وعضو الإتحاد العربي للصحفيين

وعضو الإتحاد الدولي للصحفيين

  • m.s.elagha47@hotmail.com

الثلاثاء 30 آب أغسطس 2016

الصور لمدينة الناصرة الفلسطينية المحتلة

وصورة لفضيلة الشيخ فهمي حافظ الأغا رحمه الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com