خارطة طريق عربية لإطلاق الملف الفلسطيني.. رجب أبو سرية

يبدو أن الانتخابات المحلية التي يتم الأعداد لأجرائها في فلسطين , في الثامن من شهر تشرين أول , القادم , تهدف ليس فقط إلى تجديد حيوية المجتمع الفلسطيني , بل إلى إرسال أشارت على وحدة الوطني المنقسم على ذاته منذ نحو عشر سنوات , فضلا عن توفير مدخل لتحقيق الوحدة السياسية للوطن , بعد تحقيق الوحدة المجتمعية .

إلى أي مدى يمكن التوقع أو ضمانة أن يتحقق هذا الأمر , لا أحد يمكنه أن يؤكد أو يتوقع تماما , ولكن ما يمكن قوله , هو أن صاحب أو أصحاب القرار يتخذه أو يتخذونه , ويتوكلون على الله , فان جاءت النتائج كما يجب , فبركة , وان جاءت أقل , فيكفيه أو يكفيهم شرف المحاولة , ولا أحد يدعي انه قد توضأ وضمن الجنة !

أما كيف خطّط أو توقع متخذ القرار , أن يساهم إجراء الانتخابات المحلية في توحيد المنقسم الفلسطيني , فذلك ما يمكن لنا أن نخوض فيه بالقول , بأنه واستنادا إلى أن نتائج الانتخابات المحلية ستؤشر على حجم القوى , وستكشف المستجد في الاتجاه العام , فإنها ستساهم في إضفاء ” واقعية سياسية ما ” على قادة القوى والفصائل , التي ما زال معظمها يتوهم بأنه ما زال يحوز على تأييد الشارع , أو انه ما زال يمتلك الشرعية الانتخابية أو الشعبية استنادا لمعطيات مضت عليها أعوام وأعوام , أو استنادا إلى أوهام أو ادعاءات أو ما شابه .

كذلك فأن إجراء الانتخابات يحقق توازنا نفسيا عاما لشعب حيوي وشاب , الفراغ السياسي يدفع به إلى الأقدام على أفعال قد لا يمكن السيطرة عليها أو حتى توقعها , وهي تبث أملا ما في أوساط الشعب عامة , الذي مل من الانتظار والجلوس إلى جانب الحائط , واضعا كفه على خده , ينتظر ” فرج الله ” , وهو يرى احتلالا يعربد كل يوم , وقيادة وطنية / أسلامية منشغلة بخلافاتها وصراعاتها , فضلا عن ” ترهلها ” وبطء استجابتها لما يتطلبه الكفاح اليومي الدءوب من مثابرة وحيوية واستعداد للتضحية الشخصية .

كما أن إجراء الانتخابات المحلية يمنح ضمانة للقوى بالتواجد على الأرض , حتى في حال تسليم السلطة السياسية ” بالكامل ” لأحد قطبي المعادلة السياسية الداخلية أو لكليهما , ونظن بان إجراء الانتخابات المحلية , يطمئن حركة حماس بالذات , وهي مثلها مثل الحركات الإخوانية, إن كان في الأردن أو مناطق ال 48 , اكتفت لسنوات طويلة بالسيطرة على الحكم المحلي , وغض النظر عن تفرد الآخرين بالحكم السياسي . خاصة وأنها تظن بأنها ستحقق الفوز في الضفة الغربية , حيث المزاج الشعبي العام يميل دائما لمعارضة الحكم , وهي تحتاج هذا الحكم المحلي لتحمي كوادرها وعناصرها من امن السلطة , وحتى من الاعتقال الإسرائيلي أو على أقل تقدير توفير حماية لهم من خلال وجودهم كقيادات محلية , أو من خلال القدرة عبر قيادة المجالس المحلية للقيام بالاحتجاجات اللازمة لمواجهة أية اعتقالات لاحقة .

وفي كل الأحوال فان الانتخابات المحلية ستكون بمثابة ” بروفة ” على الانتخابات العامة لاحقا , وعلى طريق أجرائها , يتم اختبار أكثر من محاولة لحل الخلافات أو الصراعات الداخلية .

أول هذه الخلافات هو ما يجري داخل فتح , فرغم قرارات اللجنة المركزية للحركة فصل النائب محمد دحلان والعديد من أنصاره , إلا أن الرجل ومؤيديه , لم يعتبروا أنفسهم إلا فتحاويين , ولم يقوموا بحرق سفنهم تماما مع قيادة الحركة , ولم يقوموا بغلق الأبواب تماما , , وكان أن تصرفوا بحكمة وقطعوا الطريق على المخاوف التي تنتاب القاعدة الفتحاوية وحتى الوطنية من أن يتم تشتيت الجهد الفتحاوي في الانتخابات المحلية , وقرروا دعم قوائم الحركة , رغم أنهم لم يشاركوا في اختيارها , مرسلين رسالة داخلية واضحة وهي أنهم مع قيادة الحركة ومع قوائمها ضد منافسيها , بهدف فوزها , وتجنب تكرار ما حدث عام 2006 .

هذا يفتح الباب واسعا أمام المصالحة داخل الحركة , بل ويقال بان قرار مركزية فتح بالترحيب بالتلاحم الفتحاوي على مستوى القاعدة , حيث تقدمت قوائم واحدة تمثل الحركة في الانتخابات ( في أشارة إلى موقف أبناء حركتهم الذين يعتبرونهم خارجين عن الموقف القيادي ) فضلا عن أنه عزز من احتمالات تحقيق حركة فتح فوزا كاسحا في غالبية المجالس المحلية , فأنه حقق لها _ حتى الآن _ الفوز بنحو ثلث المجالس المحلية بالتزكية , أي قبل أن تبدأ الانتخابات .   بيان مركزية فتح المشار إليه , قوبل بترحيب أردني / مصري , يؤكد وجود خارطة طريق عربية , تقودها مصر مع الأردن , الأمارات والسعودية , لأجراء مصالحة داخل فتح ومن ثم بين فتح وحماس , بهدف تقوية الوضع الداخلي الفلسطيني , ومن ثم لأجراء الضغط على إسرائيل لإتمام السلام مع الفلسطينيين استنادا للمبادرة العربية  والمبادرة الفرنسية . حيث أن تحقيق هذا الأمر خلال الأشهر القليلة القادمة , حتى نهاية العام , يعني محاولة ملء هذا الوقت الذي يعتبر ميتا بالنظر للانتخابات الرئاسية الأمريكية , فحتى  أذا ما تم انتخاب رئيس أمريكي جديد , وجد أن الوضع الفلسطيني والعربي جاهزان تماما , ليس لأجراء مفاوضات مع إسرائيل وحسب , بل والى توقيع اتفاق سلام شامل معها , وبما يجعل من دول الاعتدال العربي محورا إقليميا مقررا فيما يخص بكل ملفات المنطقة , وليس في الملف الفلسطيني وحسب .

Rajab22@hotmail.com

جريدة الأيام

30 / 8 / 2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com