الموقف الاميركي الرسمي والفعلي تجاه القدس العربية.. دعم فعلي للاجراءات الاسرائيلية

 

الاعتراف الفعلي بضمها الى دولة اسرائيل

مع الادعاء بأنها أراضٍ متنازع عليها

ما الموقف الاميركي الحقيقي تجاه احتلال اسرائيل للقدس العربية في حزيران عام 1967؟ سؤال لا بدّ من طرحه بعد مرور تقريبا خمسين عاما على احتلال القدس العربية وفرض وممارسة وتطبيق اجراءات وسن قوانين اسرائيلية تؤكد أن القدس “الشرقية” (أي العربية) هي جزء من دولة اسرائيل. ويقول الاسرائيليون علنا انه لا تنازل عن القدس أو أي جزء منها، فهي ستبقى موحدة والعاصمة الابدية لدولة اسرائيل.

تسع ادارات اميركية والعاشرة على الطريق

منذ احتلال القدس وحتى يومنا هذا، مرّت هناك في اميركا تسع ادارات، طبعا لتسع رؤساء، فاحتلت القدس عندما كان ليندون جونسون رئيسا للولايات المتحدة، الذي قال وقتها ان القدس محتلة، ولكنه رحل عن الحكم مع بداية 1969 لصالح الرئيس ريتشارد نيكسون. ويمكن القول ان الولايات المتحدة في عهد الرؤساء جونسون ونيكسون وجيرالد فورد وكارتر كانت تعتبر القدس محتلة، وتتعامل على هذا الأساس، ولكن هذا التعامل تغير رويد رويدا ليقول ان القدس منطقة متنازع عليها، أي ضمنا هناك حق لاسرائيل فيها، وهذا تراجع كبير في السياسة الاميركية.

وبدأ التراجع الواضح بعد اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979، وفي عهد الرئيس الاميركي دونالد ريغان.

وعندما جاء كلينتون الى الحكم انهار الاتحاد السوفياتي، واصبح العالم يحكمه قطب واحد من دون أي منازع الا وهو الولايات المتحدة.

وفي عهد الرئيس الاميركي بيل كلينتون حدثت تطورات مهمة وأهمها:

التطور الاول كان في توقيع مبادىء اتفاق اوسلو عام 1993، حيث بدأت مسيرة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، وقدوم السلطة الفلسطينية الى المناطق الفلسطينية.

أما التطور الثاني والمهم هو أن الكونغرس الاميركي سن واقر قانونا يطالب فيه الادارة الاميركية بنقل مقر السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس، وهذا يشكل اعترافا اميركيا بأن القدس عاصمة دولة اسرائيل.

والتطور الثالث تمثل في اغتيال رئيس وزراء اسرائيل اسحق رابين، وهذا وجّه ضربة قوية لقوى السلام في اسرائيل، وعرقل المضي قدما في تحقيق اتفاقات مع الجانب الفلسطيني.

والتطور الرابع تمثل في ان المواجهة بين اسرائيل والفصائل المقاومة المعارضة لاتفاق اوسلو احتدمت، وكانت هناك عمليات مقاومة داخل اسرائيل، وقامت اسرائيل باغتيال الامين العام للجهاد الاسلامي الدكتور فتحي الشقاقي، واغتيال العديد من القادة الفلسطينيين الآخرين.

وفي ظل هذه الظروف والاجواء، وقبل أن تأتي السلطة الفلسطينية، وفي الثمانينات اقدمت القنصلية العامة للولايات المتحدة اقامة حفلات وبمناسبات وطنية وغيرها في مقرها في القدس الغربية، بدعوة الفلسطينيين والاسرائيليين اليها، وقاطع ذلك العديد من الشخصيات لان هذا القرار او الاجراء اعتبر تعزيزاً للتطبيع، واعترافا اميركيا بأن القدس موحدة.

ولم يقم الرئيس الاميركي بيل كلينتون بأي اجراء لوقف الاجراءات الاستيطانية في القدس، بل ان الادارة الاميركية استخدمت حق النقض الفيتو في عهد الرئيس جورج بوش الابن اوائل التسعينات لاحباط مشروع قرار قدم الى مجلس الامن يدين الاستيطان.

وفي عهد الرئيس الاميركي جورج بوش الابن، تغاضت اميركا عن القيادة الفلسطينية، وعن اجتياح الضفة الغربية عسكريا، ومحاصرة الرئيس عرفات ومن ثم اغتياله. والرئيس باراك اوباما لم يفعل أي شيء لوقف الاجراءات الاسرائيلية لتهويد المدينة.

ولا بدّ من الاشارة الى ان الرئسي جورج بوش الابن منح رئيس وزراء اسرائيل ارئيل شارون في نيسان 2004 ما يسمى برسالة الضمانات الاميركية الشهيرة التي تنص في احد بنودها ان القدس ستبقى موحدة وعاصمة دولة اسرائيل.

وهذا التعهد الاميركي شجع اسرائيل على المضي قدما في اجراءاتها لتعزيز سيطرتها على المدينة.

أسباب هذا الدعم الاعمى

هناك عدة أسباب ادت الى تراجع الموقف الاميركي تجاه القدس ليتحول الى داعم اعمى لاسرائيل، ومن اهمها:-

  1. قوة نفوذ اللوبي الصهيوني على الساحة الاميركية، اذ ان له تأثيرا قويا وفعالا على الكونغرس الاميركي بصورة مستمرة.
  2. غياب الوجود العربي وتأثيراته على مختلف الساحات الدولية والاقليمية بسبب النزاعات والخلافات.
  3. تقصير ذاتي (أي فلسطيني وعربي) في دعم صمود القدس وابنائها.
  4. الاعتماد على اميركا في ايجاد حل حيادي وعادل في حين ان اميركا حليف استراتيجي لاسرائيل، وبالتالي منحازة لصالح اسرائيل.
  5. شعور بعض القادة العرب بأن اسرائيل دولة قوية “واننا نعاج”، ولا بدّ من الحديث معها، أي تطبيع العلاقات لان هؤلاء يظنون انها ستعطي عبر هذا التطبيع ما لم تقدمه بالقوة.

انطلاقاً مما ذكر، فان الموقف الاميركي كان باستمرار داعماً لاسرائيل، وازداد وقوي دعمه من عهد ادارة الى أخرى، وذلك لان هناك تقصيرا عربيا واسلاميا واضحا، ونظرا للمؤامرات التي تحاك ضد اقطارنا العربية، هذه المؤامرات التي صنعت الارهاب وعزرته لتدمير العرب ولتحقيق المزيد من الاستسلام العربي تجاه القدس وغيرها من القضايا.

والسؤال: ما هو الواجب عمله لمواجه هذا الوضع؟

الاجابة بأن نضع استراتيجية فعلية وعملية لمواجهة هذا الموقف الاميركي، والا تكون هذه الاستراتيجية دعائية كما هو الحال لقرارات القمة العربية بانشاء صناديق لدعم القدس، وهذه الصناديق ما هي الامجرد اعلانات ودعاية لم يلمس منها المواطن المقدسي أي شيء!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com