لارضاء المستوطنين وتعزيز الاستيطان.. تشريع سرقة واغتصاب الاراضي الفلسطينية

 

عوامل عربية ودولية شجعت الحكومة الاسرائيلية على تبني هذا القانون العنصري

تمت بالقراءة التمهيدية الاولى في الكنيست الاسرائيلي المصادقة على مشروع قانون يجيز اقامة بناء للاستيطان على اراض فلسطينية خاصة في الضفة الغربية. وهذا القرار جاء على خلفية المستوطنة العشوائية “عامونا” التي اصدرت المحكمة العليا الاسرائيلية قرارا نظرا لاقامتها على اراضٍ فلسطينية ذات ملكية خاصة.

وقد امهلت المحكمة العليا الحكومة الاسرائيلية فترة من الزمن لازالة هذه المستوطنة، أو نقلها الى مكان آخر. وحاولت الحكومة نقلها الى اراضٍ اخرى بعد مصادرتها، ولكن كان هناك اصرار من المحكمة العليا على ازالتها. وهذا الامر لم يرض عنه المستوطنون فهددوا بالدفاع عن هذه المستوطنة، ومقاومة أي اجراء اسرائيلي لطردهم منها، مما حدا بالحكومة الاسرائيلية المماطلة في التنفيذ، وطلب تأجيل الاخلاء لمستوطنيها، ومن ثم قررت الحكومة نقلها الى مكان قريب.

قرار المحكمة العليا كان معتمدا على ان البناء الاستيطاني تم على اراض فلسطينية خاصة، ولذلك هناك محاولة لشطب هذا القرار عبر تشريع هذا البناء وغيره على اراض فلسطينية خاصة. والغريب ان رئيس الحكومة الاسرائيلية صوت لصالح هذا المشروع، مشروع اغتصاب وسرقة الاراضي ذات الملكية الخاصة للفلسطينيين، مما يعني هذا ان المستوطنين يستطيعون اقامة أي مستوطنة على اية اراضٍ، وحسب القانون، فان هذه الارض تصبح بصورة طبيعية وقانونية ملكا للدولة، وبالتالي ملكا لاصحاب الابنية التي يقيمون فيها.

ردود فعل اسرائيلية

لقد كانت ردود الفعل الاسرائيلية على هذا القرار غاضبة من قوى الوسط لان مثل هذا المشروع يعزز الاستيطان، وكذلك يشجع المستوطنين على التمرد مستقبلا. ويصبح موضوع الاستيطان عبئا على الدولة والشعب، ويشكل عائقاً كبيراً امام أي اتفاق فلسطيني اسرائيلي.

هذا القانون يُلغي أي أمل في التوصل الى حل أو الى اتفاق، لانه يقضي تماما على خيار حل الدولتين. فاين ستقوم الدولة الفلسطينية على ارض الواقع؟ لا اراض لها، وستكون مقطعة الاوصال، وعرضة لاستفزازات المستوطنين، وبالتالي لا استقرار في المنطقة.

وهذه القوى الاسرائيلية اليسارية، ومن الوسط، تشعر أن مثل هذا القانون سيسيء لاسرائيل على الساحة الدولية، وسيعزز “عزلتها” السياسية، كما انه جاء في فترة انتقالية للادارة الاميركية بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب، ورحيل باراك اوباما يوم 20/1/2017، أي بعد اقل من شهرين. وهناك خشية من ان هذا القانون قد يشجع اوباما على الامتناع عن التصويت في مجلس الامن اذا تم تقديم مشروع قرار يدين الاستيطان. وهذا القانون الاسرائيلي قد يحرج الادارة الاميركية الجديدة برئاسة ترامب الذي قد يعتبر القانون استفزازا له، ولم يتم بعد التشاور معه حوله، ولذلك نرى ان وزير الدفاع الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان المتطرف، يدعو الى تجميد الاستيطان الآن، والتوصل الى تفاهم مع الرئيس الاميركي المنتخب ترامب حول ضرورة استمرار البناء الاستيطاني داخل المستوطنات الشرعية، او داخل التكتلات الاسرائيلية الكبيرة، وبالتالي الحصول على موافقة من ترامب على بقاء هذه المستوطنات للابد، بدلا من تعريضها لانتقادات دولية بسبب مستوطنة عشوائية صغيرة قررمستوطنون وحدهم اقامتها وفرضها على الحكومة الحالية.

ردود الفعل العربية والدولية

ردود الفعل العربية باهتة جدا، كالعادة، ولم يصدر أي قرار عربي يدين هذا الاجراء او القانون. وكذلك رد فعل منظمة التعاون الاسلامي. اما الدول الاوروبية فقد اعربت عن استيائها وقلقها من سن مثل هذا القانون وهذه البيانات خجولة وضعيفة جدا، ولكنها قد تعطي اشارة للحكومة الاسرائيلية بان هذه الدول قد تصوت لصالح أي قرار في مجلس الامن او في الجمعية العامة يدين الاستيطان ويعتبره غير شرعي.

حكومة متطرفة وعوامل مشجعة

جاءت خطوة تقديم هذا القانون لعدة أسباب ودوافع ومن أهمها:

  • الحكومة الاسرائيلية الحالية متطرفة جدا، وهي موالية للاستيطان، ولا تستطيع تنفيذ أي قرار قد يستفز المستوطنين، او يقود الى مواجهتهم!
  • جاء هذا القرار كرسالة واضحة للجانب الفلسطيني بان اسرائيل ماضية في سياسة الاستيطان، وغير مستعدة لتجميده. وان على الجانب الفلسطيني القبول بالامر الواقع والتفاوض الآن، قبل ان تسن قوانين اخرى اكثر تطرفا!
  • تشجعت اسرائيل، وخاصة حكومتها، على تبني هذا القرار لانها تعرف ان العالم العربي لن يرد عليه، وان العلاقات مع دول الخليج جيدة، ولذلك فهي استغلت هذا الظرف وهذه المعطيات.
  • محاولة اسرائيلية ادخال الادارة الاميركية في موقف محرج للدفاع عن اسرائيل، وجس نبض الرئيس القادم ترامب، ومعرفة مدى دعمه للاستيطان اذ انه ابدى تفهماً لهذه المستوطنات خلال حملته الانتخابية، واكد مستشاروه انه لا يمانع ضمها الى اسرائيل.

المتوقع لمواجهة القرار

لن يكون هناك اجراء فعّال امام السلطة الفلسطينية لمواجهة هذا القانون سوى التحرك سياسيا قدر المستطاع، وتحميل اسرائيل مسؤولية عدم الاستقرار ومن ثم تصعيد التوتر، وتصعيد المقاومة الشعبية ضد الاستيطان وسياسته!

ولا بدّ من التحرك على الساحتين العربية والاسلامية. فاسرائيل لن تعود عن مثل هذا القانون او تؤجل المصادقة عليه في القراءات الثلاث الا اذا وجدت نفسها في مأزق او امام وضع سياسي سيء. فهل السلطة الفلسطينية بالتعاون مع قادة العرب والدول الاسلامية قادرون على او راغبون في مواجهة اسرائيل حقا وحقيقة للعدول عنه! املنا وثقتنا انهم قادرون، ولكننا ننتظر وجود الرغبة في ذلك من قادة الأمتين العربية والاسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com