وربّ ضارة نافعة..

ما زال كثيرون يؤمنون بأن “حل الدولتين” ممكن تنفيذه، ويجب العمل على تحقيقه، أي أنهم يدعون الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وعلى حدود 4 حزيران 1967. ونحن نرحب باقامة الدولة المستقلة.. ولكن هل من الممكن اقامتها امام الحقائق والوقائع التالية المعروفة للجميع.

  1. ليس هناك من مسؤول اسرائيلي، كبيراً أو صغيراً، يقبل باقامة دولة فلسطينية مستقلة. وكانت جهود الحكومات الاسرائيلية على مدى السنوات الطوال الماضية ترفض هذا الحل. حتى أنهم رفضوا اقامة حكم ذاتي استناداً الى اتفاقيات كامب ديفيد الموقعة مع مصر، وجرت مفاوضات بهذا الخصوص بين مصر واسرائيل، ولكن النتيجة هو فشل هذه المفاوضات!
  2. تُصّر اسرائيل، وحتى في محادثاتها مع القيادة الفلسطينية منذ عام 1993، على عدم ازالة المستوطنات، وان أي اتفاق يتم التوصل اليه يجب ان يُبقي هذه المستوطنات. وتم طرح فكرة تبادل اراضٍ، والقيادة وافقت على المبدأ واختلفت مع اسرائيل حول “النسبة” المئوية لتبادل الاراضي.
  3. أكدت اسرائيل مراراً وتكراراً انها لن تنسحب الى حدود حزيران 1967، ويجب أن يجري تعديل على الحدود.
  4. تقول اسرائيل، وكل قياداتها اليمينية واليسارية، ان القدس الموحدة هي العاصمة الابدية لدولة اسرائيل.
  5. لا يمكن تسليم مناطق الغور للفلسطينيين، ويجب ان تبقى تحت السيادة الامنية الاسرائيلية!
  6. يتم الآن سن قانون التسوية أو قانون استيطاني جديد يسمح للمستوطنين باقامة أبنية على اراضٍ فلسطينية ذات ملكية خاصة، كما ان القانون يضفي الشرعية على كل “المستوطنات العشوائية” التي اعتبرت حسب خطة خارطة الطريق الاميركية بأنها لا شرعية!
  7. وضع رئيس وزراء اسرائيل شرطاً جديدا للتوصل الى أي اتفاق مع الفلسطينيين، وهو الاعتراف بأن اسرائيل هي دولة يهودية. وهذا له معانٍ وتبعات خطيرة جدا جدا على أبناء شعبنا في داخل الخط الاخضر!
  8. “حق العودة” يجب ان “يُلغى”، وهذا ما تطالب به اسرائيل، حتى انها لا تعترف به، والادارات الاميركية السابقة واللاحقة تؤيد هذا المطلب أو الموقف الاسرائيلي.
  9. أي كيان فلسطيني قد توافق اسرائيل على اقامته، يجب أن يكون معزول السلاح، وان تكون السيادة الامنية لاسرائيل.
  10. تعتبر القوى اليمينية الاسرائيلية، والحاكمة حاليا، ان الضفة الغربية ليست ارضا محتلة، بل هي اراضٍ حررت لانها يهودية، وهي تسمى مناطق “يهودا والسامرة”، ومن المستحيل التنازل عنها.

أمام هذه الوقائع، اضافة الى ممارسات تثّبت هذه الامور والمواقف على الارض، هل ممكن اقامة دولة فلسطينية، أو هل من الممكن قيام كيان فلسطيني مستقل؟ كيف واين؟

لقد اغلقت اسرائيل الابواب امام هذا الخيار، حل الدولتين، وهي تخطط لحلول خطيرة جدا، فهي تريد بقاء سيطرتها على الارض وليس على من يقيمون عليها..، وهي تريد التخلص من ابناء شعبنا الفلسطيني، لانها لا تريد مواجهة مشكلة ديمغرافية!

لقد كان شعبنا منذ سنوات يطالب باقامة دولة علمانية يعيش فيها شعبان وثلاث ديانات، لكننا تنازلنا عن هذا المطلب، لعل وعسى تم ايجاد حل “عادل” للقضية… ولكن هذا التنازل لم يقدم شيئاً على ارض الواقع، فبالعكس، وبعد اتفاقيات اوسلو، سارعت اسرائيل الى العمل على الارض لمنع قيام هذه الدولة.

انطلاقاً مما ذكر سابقاً، فان “حل الدولتين” ولى بلا رجعة، وان ما يقال عن عقد مؤتمرات دولية، او الحصول على مواقف من الأمم المتحدة للاعتراف بذلك، او دعم هذا الحل فهي كلها مجرد “ابر تخدير” ولا اكثر من ذلك. فاسرائيل لن تسمح باقامة دولة فلسطينية، وما جرى ويجري على الارض يحول دون ذلك.

لذلك علينا ان نعمل لضمان تنفيذ وتطبيق خيار واحد فقط، ويجب ان نتمسك به حتى النهاية، وهو حل الدولة الواحدة ثنائية القومية. ومواقف اسرائيل السلبية طوال السنوات الماضية تجاه الدولة الفلسطينية المستقلة انعشت المطلب الفلسطيني القديم، واعطت الحياة مجدداً لحل الدولة العلمانية. ونقول وبكل صراحة ان اسرائيل وعبر اجراءاتها وممارساتها تخدم شعبنا الفلسطيني، وتحيي آماله في العيش في دولة قوية، وليس في كيان “ممسوخ” وهزيل وضعيف، وصدق القول “رب ضارة نافعة”؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com