عواقب هذا الدّلال..

من حق اسرائيل أن تُعربد على كل القوانين والمواثيق والاتفاقات الدولية لأنه ليس هناك من حساب لتصرفاتها واجراءاتها. فالعالم كُله يتفرج على دولة تَدّعي الديمقراطية، وهي التي تسلب حق الآخرين بالعيش الكريم، وتصادر أملاكهم وعقاراتهم تحت أعذار مختلقة ووهمية.

لقد سمحت اسرائيل لنفسها أن تُصادر أراضٍ من خلال قانون جائر جداً سنته وشرّعته، ومنحته “ثياباً” ديمقراطية بالتصويت عليه، محاولة اظهار أن ما جرى هو قانوني وشرعي!

ماذا لو قام مجلس نيابي بريطاني أو الماني بسن قانون يسمح للبريطانيين أو الألمان بمصادرة أراضٍ في حيفا لصالح اقامة مدينة بريطانية أو المانية، فان اسرائيل ستقوم ولن تقعد، وكذلك العالم كله، والسبب واضح وهو أن اسرائيل “مُدللة” جداً، وهي فوق القوانين، ويحق لها أن تفعل ما يحلو لها، ويخدم مصالحها! ويجوز لها ما لا يجوز لغيرها.

أليس هذا بحد ذاته نفاقاً دولياً؟. وهل هذا النفاق سيقود الى استقرار أو سلام أو هدوء؟ بالعكس انه يعقد المشكلة أكبر، ويعرقل أية مساعي لتحقيق أي اتفاق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي!

إن مسايرة اسرائيل إلى أبعد ما يمكن سيؤذيها، وسيقودها للدمار. فان شطب حل الدولتين يعني تفوق وظهور حل آخر لا بديل عنه، وهو حل الدولة الواحدة ثنائية القومية، إذ أن ما تقوم به اسرائيل من استيطان ومصادرات للارض، وما تشرعه لسلب الاراضي الفلسطينية، يعني أن امكانية اقامة دولة فلسطينية هي مستحيلة، فأين ستقام هذه الدولة؟ وما هي حدودها؟ وهل يقبل الشعب الفلسطيني بدويلة مقطعة الأوصال، لا سيادة لها على أرضها؟ لن يقبل أحد بذلك، ولذلك فالحل الذي يطرحه أي أنسان الآن بديلاً عن حل الدولتين هو حل الدولة الواحدة.

وعربدة اسرائيل في الاستيلاء على الأراضي العربية لتحويلها لصالح المستوطنين، ستؤدي الى “دلال” من نوع مميز لصالح هؤلاء المستوطنين الذين سيشكلون عبئاً ثقيلاً على الدولة وعلى أبناء هذه الدولة.. فالمستوطن له امتيازات في دفع الضرائب، ويحصل على قروض، ويحصل على الكثير من الامتيازات في حين أن المواطن العادي لا يحصل عليها.

المستوطنون يزدادون عدداً، وهم يشكلون خطراً على الدولة ذاتها، فأي حل لا يرضي هؤلاء المستوطنين سيؤدي الى حرب داخلية، وسيؤدي الى ضعضعة الوجود للدولة الاسرائيلية! وهؤلاء المستوطنون سيشكلون عبئا كبيراً من المستحيل التخلص منه من أجل تحقيق سلام شامل ونهائي.. وهؤلاء هم الذين يقتحمون باحات المسجد الأقصى يومياً من أجل الاستفزاز واثارة المشاعر، لأنهم يرغبون في أن تبقى أجواء المنطقة ملبدة بالمشاكل والتوتر والفوضى حتى يبقوا هم أقوياء، لأنه إن تحقق “السلام”، فانهم يموتون لأن غذاءهم هو الفوضى والعربدة والاستفزاز والاجرام والاستيلاء على أراضي وحقوق الآخرين.

الرئيس الاميركي دونالد ترامب قد يؤذي اسرائيل اذا أعطاها الضوء الأخضر لتفعل ما تشاء، لان قادة اسرائيل يبحثون عن مصالحهم وكراسيهم، ولا يبحثون عن مصلحة دولتهم وشعبهم.. هم يريدون أن يبقوا في الكراسي لفترة أطول، هم ليسواء زعماء وقادة وطنيين وقوميين، بل هم حزبيون ومتسلقون يريدون مصالحهم الآنية وليست مصالح المنطقة وشعوبها!

واذا نقل الرئيس ترامب السفارة الاميركية للقدس، فانه لن يكافىء اسرائيل، ولن يخدمها، بل هذه الخطوة ستثير غضب الشارع في كل دول العالم ضد ادارة ترامب، وهذه الخطوة ستوحد “العرب” الشرفاء الذين سيبحثون عن طريق لاسقاط هذه الخطوة، أو اجبار اميركا على دفع ثمن باهظ لها.. وهذه الخطوة ستزيد المتطرفين تطرفاً وتشدداً، وستبعد التوصل الى أي اتفاق ولو كان هزيلاً.

كثيرون غاضبون على الرئيس ترامب لأنه “يُدلل” اسرائيل. أما الانسان الفلسطيني العاقل، فانه يضحك داخل نفسه لأن هذا “الدلال” هو الذي سيؤدي الى ضعف وتفكك اسرائيل على المدى البعيد إن لم يكن ذلك على المدى القريب أيضاً.

في رأي المراقبين الحياديين، ان ما تقوم اسرائيل به من اجراءات تضعفها، وتقودها الى الانتحار والدمار، لأن مثل هذه الاجراءات هي ضد ما ترفعه من شعارات حول الديمقراطية وحقوق الانسان. وان الذين يدعمونها بصورة عمياء يسيئون اليها، وهذا ما يجب أن يعرفه كل مسؤول في العالم.. وترك اسرائيل تعربد كما تشاء هو مسيء اليها ويشكل خطراً عليها … وهذا يعني أن قادة دول العالم الذين يسكتون عن هذه التصرفات والاجراءات لا يدعمون اسرائيل إلا آنياً، أما على المدى البعيد، فانهم يدمرونها لأن اسرائيل ستدفع ثمناً غالياً مقابل ذلك.

في الختام، لا بدّ من القول أننا نرّحب بمزيد من “الدلال” لاسرائيل، والمزيد من التشجيع على ارتكاب الاخطاء عبر اجراءاتها وممارساتها اليومية، لأن هذا لن يكون لمصلحتها، بل لمصلحتنا، وهذا ما ستثبته السنون القادمة، وتكون شاهداً على ما نقول!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com