القمة الفلسطينية – المصرية.. وإحياء «الرباعية العربية»!..  هاني حبيب

لاحظت وأنا أتابع زيارة الرئيس محمود عباس الى القاهرة واجتماعه مع الرئيس السيسي، أن هناك تغطية شاملة غير معتادة من قبل وسائل الإعلام المصرية، الرسمية والمستقلة على حد سواء، بعض المحللين الفلسطينيين أشار إلى أن القمة استمرت لساعة ونصف فقط، في محاولة من هذا البعض تناول القمة الفلسطينية – المصرية بشيء من السلبية، مع ان هذا الوقت أكثر من كاف لعقد قمة من هذا النوع، وعلى العكس، فإن مدة أطول في بعض القمم، تعني أن هناك خلافات أكثر تحتاج إلى وقت أطول للنقاش حولها، وبصرف النظر عن هذه الملاحظة، فقد قيل أيضاً أن ما ورد من تصريحات اثر القمة من الجانب المصري، عبارة عن كلمات متكررة في اللقاءات البروتوكولية، إلا إنني لاحظت في هذا السياق، احد أهم المواقف التي من المحتمل أن تشكل سبباً مباشراً لعقد هذه القمة في هذا الوقت بالذات، فقد صرح السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أن الرئيس السيسي أكد للرئيس محمود عباس «أن القضية الفلسطينية ستكون محل تباحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارة الرئيس المرتقبة لواشنطن، حيث من المهم اضطلاع الإدارة الأميركية بدورها المحوري في رعاية عملية السلام بما يؤدي الى استئناف المفاوضات من أجل إنهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية.

واعتقد أن الجملة الأخيرة في هذا التصريح، تعكس أهمية جوهرية لأسباب عقد القمة الفلسطينية – المصرية، قبل زيارة الرئيس إلى واشنطن للقاء ترامب، وهنا فإن الولايات المتحدة هي الراعية الأساسية للعملية السياسية على الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، تسليم عربي بأن واشنطن هي التي تمتلك أوراق اللعبة، ويجب أن يتشكل موقف عربي موحد، لدعم هذا الدور الأميركي، حديث مشابه عن هذا الأمر تم اثر لقاء المبعوث الأميركي مع أبو مازن قبل أيام في رام الله، وحسب مصادر وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن المبعوث الأميركي طرح عدة شروط يجب أن تتوفر لاستئناف العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أحد أهم هذه الشروط، وفد عربي مشترك يضم كلا من مصر والسعودية والإمارات والأردن، وهذا يذكرنا بالرباعية العربية التي وجدت طريقاً مغلقاً قبل بضعة أشهر لاستكمال دورها، وانفضت هذه الرباعية بالسرعة التي تم الإعلان عنها، غير أننا من الممكن ان نشهد تجديداً لها، خاصة اثر عودة ضخ النفط السعودي إلى جمهورية مصر العربية، كإشارة إلى توافق ما بين القاهرة والرياض حول بعض الملفات، من بينها الملف الفلسطيني، على الرغم من بقاء الخلافات حول بعض الملفات كالملف السوري.

توافقات عربية مطلوبة الآن، ربما يوفرها مؤتمر القمة العربي أواخر الشهر الجاري في عمان، من هنا، فإن توقيت القمة الفلسطينية – المصرية، قبل انعقادها، وقبل اجتماعات واشنطن بالغ الأهمية لتوفير التغطية العربية عموماً، والفلسطينية – المصرية على وجه الخصوص، لمثل هذه التوافقات، ومن المحتمل أن يتم التجديد للرباعية العربية، وإذا ما تذكرنا أن ولي ولي العهد السعودي، قد استبق كلا من ابو مازن والسيسي للقاء ترامب، فإن الدور الأميركي في إعادة صياغة الرباعية العربية من جديد، يبدو أكثر وضوحاً، تصريح الرئاسة المصرية اثر قمة ابو مازن – السيسي، حول الدور الأميركي المناط به لاستئناف العملية التفاوضية على الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، هو الأكثر صراحة حول تسليم هذا الملف ليصبح علنياً وبموافقة عربية رسمية، للرئاسة الأميركية التي بعثت مبعوثها الخاصة إلى كل من نتنياهو وأبو مازن قبل أيام قليلة من القمة الفلسطينية – المصرية.

التأزم السابق بين مصر وفلسطين، كان أمراً غير مألوف وغير طبيعي ولا يستند إلى قواعد العلاقات الأخوية بين الجانبين، أمر خارج نطاق المسموح به على ضوء الدور الذي اضطلعت به القاهرة على الدوام في رعاية القضية الفلسطينية، سحابة صيف، كان لها أن تمضي دون أن تترك آثارها السلبية على هذه العلاقة. الجانب الفلسطيني يدرك بدوره أن الحاضنة المصرية لا بد منها لتقوية الموقف الفلسطيني ودعمه، خاصة في ظل التغول الإسرائيلي المدعوم أكثر من أي وقت من قبل الإدارة الأميركية الجديدة، ومن الممكن القول أن السياسات العربية اللاحقة التي قد تديرها القاهرة، تهدف إلى احتواء هذا الدعم الأميركي من خلال مرونة عربية، قد لا تجد من يؤيدها لدى الجمهور العربي عموماً، والفلسطيني على وجه الخصوص، لكن إرادات السياسة وألاعيبها، قد تدفع بمثل هذه السياسات، لتحسين ميزان القوى بما يمكن معه، احتواء الدعم الأميركي المطلق للإدارة الإسرائيلية الأكثر يمينية وغطرسة، سياسة لا يمكن تفهمها على ضوء التجارب السابقة، إلا أنها قد لا تكون إلا الخيار الوحيد، أمام هذا العنف المستشري في كل المنظومة العربية!

hanihabib272@hotmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com