عامان على العدوان على اليمن.. لا انتصار عسكري ولا حل سياسي

عاصفة الحسم لم تحقق أهدافها

السعودية وحلفاءها تورطوا في مستنقع خطر

صادف يوم 26/3/2017 الذكرى الثانية لشن السعودية والحلفاء حرباً مدمرة على اليمن تحت شعار “بسط الشرعية، واعادة تنصيب الرئيس عبد الهادي منصور” اذ ان اليمنيين ثاروا ضده، لانه لم يلتزم بالاتفاق لانهاء ولايته المؤقتة، بل تمسك بالكرسي مدعوماً من السعودية.

كل وسائل القتال المتطورة استخدمت ضد اليمن، وخاصة الاغارة على المواقع العسكرية والمدنية على حد سواء. وحسب احصائيات أولية، فان عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة هذا العدوان السعودي وصل الى عشرة آلاف على الاقل، اما عدد المصابين فقد تجاوز الاربعين الف شخص من مختلف الاعمار. وهناك نصف مليون طفل في حال الخطر نتيجة الحصار لليمن!

التساؤل الذي يطرح نفسه: هل حققت السعودية هدفها من شن هذه الحروب الضروس على بلد فقير جدا؟ أي بمعنى أدق: هل استطاعت السعودية وحلفاؤها اعادة الرئيس اليمني الى كرسيه، واعادت الاستقرار الى ربوع اليمن؟

الاجابة واضحة، وهي أن السعودية، وحتى الآن، فشلت من تحقيق هذا الهدف، ولذلك فانها فشلت في هذه الحرب؟ وفشلت في فرض املاءاتها على اليمن؟

الأسباب الحقيقية لهذه الحرب

هناك ادعاء سعودي بأن الحوثيين استولوا على السلطة بالقوة بدعم من الرئيس اليمني السابق علي صالح. وهذا الاستيلاء هو بمثابة تمرد على الشرعية، وعلى الرئيس اليمني هادي منصور الموالي للسعودية، وقد فرّ اليها. مما حدا بالسعودية شن هجوم من اجل اعادة الرئيس الشرعي والذي انتهت ولايته، لوضع حد لهذا التمرد.

أما الوقائع والأهداف الخفية من وراء هذا العدوان هو التصدي للنفوذ الايراني في اليمن، ومنع الحوثيين الذين يعتبرون موالين للشيعة، وبالتالي لايران، من السيطرة على اليمن.

أي أن الصراع في اليمن هو صراع بين ايران والسعودية وعلى الحلبة اليمنية، هذا ما تروجه وسائل الاعلام الموالية للسعودية وحلفائها، وهذا ما يدعيه ايضا القادة الموالون أو الداعمون للسعودية!

تحريض لاهداف سياسية خبيثة

شنت السعودية هذه الحرب بتحريض جهات عديدة لاهداف خبيثة، وللاسف الكبير لم يدركها القادة السعوديون، ومن هذه الاهداف:

  • استنزاف القوة العسكرية السعودية، واستخدام الاسلحة المكدسة لديها التي اكل الدهور عليها وشرب.
  • استنزاف مالي للسعودية اذ ان هذه الحرب مكلفة.
  • تحويل الصراع السياسي الى صراع ديني، أي الى فتنة طائفية أو مذهبية.. الى صراع بين السنة والشيعة.
  • محاولة تمزيق اليمن وتقسيمه الى دولتين شمالية وجنوبية كما كانت قبل وحدتهما.
  • اعتبار الحوثيين الذين يصل عددهم الى 2 مليون شخص من اصل 18 مليون نسمة هو عدد سكان اليمن اقلية خارجة عن القانون مع انهم جزء لا يتجزأ من التركيبة الاجتماعية للشعب اليمني.
  • تحويل الاهتمام الاقليمي للصراع في اليمن، وبالتالي تحويل الانظار نحو مشاكل داخلية، وابعاد الانظار عن القضية الفلسطينية المركزية.
  • توفير تربة خصبة لاسرائيل كي تدخل الى الساحة العربية في اطار التحالف مع العرب ضد ايران، وبالتالي اجبار الدول العربية سواء بصورة علنية أو سرية على اقامة علاقة وطيدة مع اسرائيل.
  • لا شك أن هذه الحرب تسيء الى دول الخليج العربي، وتضعفها وخاصة ان دولة الامارات من أشد وأخلص الحلفاء حاليا للسعودية.

مستنقع خطر

لقد دخلت السعودية مع حلفائها في مستنقع خطر جدا جدا، ومن الصعب الخروج منه، فهي لا تستطيع احتلال اليمن بسبب التضاريس الطبيعية الصعبة، وبالتالي أي اجتياح سيكون مكلفاً ولن يحقق اهدافه.

كذلك فان الحوثيين وجماعة علي عبد الله صالح لن يستطيعوا هزيمة السعودية أو تحقيق نصر عليها.

من هنا، فان السعودية غرقت في مستنقع، ومن الصعب الخروج منه، لان هذا الخروج يعني فشلها، وخاصة في تحقيق أهدافها السياسية. ولذلك لا بدّ من ايجاد حل سياسي في أسرع وقت يحافظ على وحدة اليمن، وكذلك يحفظ ماء الوجه لكل الأطراف.

السيناريوهات المتوقعة

بعد عامين من شن عدوان أو حرب، فان السعودية لم تحقق أهدافها، ولم يستطع الرئيس اليمني من العودة الى اليمن وبسط نفوذه عليه. ويحاول مبعوث الأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ التوصل الى اليمن تحقيق تسوية ما الا انه حتى اليوم لم ينجح.

ومع بدء العام الثالث من المواجهة هناك عدة سيناريوهات متوقعة للفترة القادمة.

الاول: استمرار القتال على ما هو عليه، واستمرار نزيف الدم اليمني.

الثاني: العودة الى طاولة المفاوضات للتوصل الى تسوية بعد التوصل الى وقف اطلاق النار.

الثالث: اتخاذ السعودية قرارا شجاعا بوقف هذا العدوان والتنازل عن مطلب اعادة الرئيس اليمني المنتهية ولايته لكرسي الرئاسة، وبالتالي التوصل الى اتفاق وسط!

الرابع: محاولة الايقاع بين الحوثيين وجماعة علي عبد الله صالح، وبالتالي ادخالهم في صراع عسكري، وبالتالي يكون هذا الصراع مساعدا للسعودية في تحقيق نصر عسكري على حساب دم الابرياء اليمنيين.

اليمن فقير وضعيف وبحاجة الى سلام والى استقرار، فهل الحكمة تهيمن على جميع القيادات، وتجبرها على الحوار بدلا من القتال! كثيرون يأملون ذلك، ولكن هل يتحقق هذا الامل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com