وثيقة “حماس” السياسية.. أهداف اعلانها وأهم مضمونها

قبل عدة أسابيع أثارت “قناة الميادين” موضوع اصدار “حماس” لوثيقة سياسية تتضمن اعترافاً وقبولاً بدولة فلسطينية على حدود 4 حزيران 1967، وعاصتها القدس الشريف. وقامت القناة بتسريب أهم ما جاء في الوثيقة التي يتم العمل على اعدادها. وقد ردت حركة “حماس” على هذا التسريب قائلة أن القناة حصلت على احدى مسودات الوثيقة بطريقة غير لائقة.

أهم ما جاء في الوثيقة

تتضمن الوثيقة 11 فصلاً، و41 بنداً تفصيلياً. وتحدثت الوثيقة عن ان اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة عاصمتها القدس ضمن حدود 4 حزيران 1967 هي صيغة توافقية وطنية مشتركة. وهذا لا يعني اعتراف الحركة بالكيان الصهيوني (أي باسرائيل).

كما ان الوثيقة تؤكد اهتمام الحركة بتفعيل منظمة التحرير، إذ تعتبرها ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، وبضرورة الانضمام لهذا الجسم الفلسطيني.

وهذه الوثيقة هي تعديل لوثيقة “حماس” التي أصدرتها في العام 1988 مع بداية عهدها. وقد كانت هناك اتصالات مكثفة في العام 1992 لتعديل الوثيقة، ولكن هذه الاتصالات والمشاورات لم تؤدِ الى أي تعديل.

تحديث وتطوير

استناداً إلى تصريحات القيادي السياسي البارز في حركة حماس، الدكتور أحمد يوسف. فان اسرائيل استغلت بعض الثغرات في وثيقة عام 1988، وسوقت بأن حركة “حماس” هي حركة عنصرية، ومعادية للسامية، وفُهم من الوثيقة بأن حماس مخالفة للقانون الدولي. وقد جاءت وثيقة عام 1988 في فترة الانتفاضة الاولى، وكانت الظروف مضطربة، وكان الهدف حشد الشارع. وخلال 30 عاماً من الممارسة في الميدان استجدت أمور كثيرة، ووثيقة عام 1988 كتبت بنظرة ايدولوجية دينية بالدرجة الأولى، ولم تميز بين اليهود واليهودية كديانة، وبين الاحتلال والحركة الصهيونية ومشروعها الاستيطاني التوسعي!

أما الوثيقة السياسية الجديدة فهي تطوير وتحديث للوثيقة الاولى ملبية للحاجات والطلبات الحالية.

من أهم أهداف الوثيقة

هذه الوثيقة السياسية الجديدة تفتح الباب أمام التفاهم مع حركة فتح والمجتمع الدولي المنحاز لاسرائيل. وبالتالي تساعد على تفاهمات مع جميع الفصائل، وتهيء الظروف للعودة الى الوحدة الوطنية، وبالتالي انهاء الانقسام الحالي.

أما الهدف الثاني من وراء اصدار الوثيقة محاولة حماس لكسر احتكار اسرائيل للمواقف الدولية خاصة بعد حصول متغيرات في الدول الغربية لصالح القضية الفلسطينية. والمشروع الصهيوني لا يمتلك أصوات جميع اليهود في العالم، اذ ان هناك عدداً كبيراً منهم يؤيدون حق الفلسطينيين باقامة دولة مستقلة كاملة السيادة!

وهناك هدف ثالث وهو اظهار أن حركة “حماس” تتطور في مفاهيمها ومواقفها لتتماشى مع المعطيات والظروف المتوفرة. وأن هذه الحركة ليست “خشبية” في مواقفها، بل هناك ليونة، من أجل الحصول على ادنى الحقوق الفلسطينية.

الوثيقة ستظهر للعالم أن “حماس” ليست ضد اقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران 1967، بل هي بصورة غير مباشرة، تدعم جهود القيادة الفلسطينية لتحقيق ذلك.

وتؤكد الوثيقة أن حماس مقبلة على تجديدات كثيرة من خلال مواقفها السياسية، وكذلك من خلال بنود هذه الوثيقة السياسية المهمة.

وليس خافياً على أحد من أن الوثيقة تتصدى لكل من يتهمها بأنها حركة ارهابية، بل هي حركة مقاومة، وحركة سياسية مستعدة للحوار، والنقاش، مع أي طرف دولي يرغب في معرفة حركة “حماس” حقاً وحقيقة!

والتجديدات الجديدة تتضمن تغييرات في القيادة اذ أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي، يغادر منصبه، ومن المتوقع أن يحل مكانه اسماعيل هنية. كما أن القيادي يحيى السنوار اختير لقيادة الحركة في القطاع، مما يعني أن هناك وجوها جديدة في قلب الحركة.

عوامل اصدار هذه الوثيقة

هناك عوامل عديدة دفعت حركة حماس الى العمل على اعداد هذه الوثيقة السياسية المهمة ومن أهمها:-

  • مطالبتها حالياً بتحرير كامل فلسطين هو أمر صعب دولياً، وتعتبر كمحاولة للقضاء على اسرائيل!
  • التركيز على انهاء الاحتلال هو خطوة مهمة جداً حتى يعرف العالم أن الحركة ليست ضد شعب، بل ضد احتلال، وضد حركة صهيونية.
  • تسهيل أمور احتضان قادة الحركة من قبل داعميها، قطر وتركيا، إذ أن الدولتين معنيتان بنجاح حكم “حماس” في القطاع.
  • تهيئة الظروف لاجراء حوارات دولية مع حركة حماس. وقد بدأت بعض الحوارات السرية في جنيف، ومع الاميركان أيضاً.
  • تهيئة الأجواء لعودة خالد مشعل، رئيس الحركة، بعد التخلي عن منصبه الى الضفة الغربية، وخوض الانتخابات فيها.
  • هناك من يؤكد للحركة أن توجهها السياسي سيشجع اسرائيل على فتح حوار مع “حماس”، والتوصل الى هدنة طويلة الأمد. هذه الهدنة تضع المقاومة العسكرية جانباً، ليحتل مكانها الخيار السياسي.

في انتظار اعلان الوثيقة

حتى كتابة هذا المقال التحليلي لم يعقد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي، المؤتمر الصحفي الموعود بخصوص هذه الوثيقة اذ أن الحركة لم تنهِ بعد اعدادها لأن النقاش داخل الحركة حول بنودها المختلفة ما زال مستمراً.

سواء تم الاعلان عن الوثيقة حالياً أو مستقبلاً، فان هذه الوثيقة تشكل مفترق طرق لحماس.. ومقدمة للانخراط في المجال السياسي، فهل ستساهم هذه الوثيقة في تحقيق أهداف ومخططات حماس التي تسعى إلى تحقيقها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com