نتائج الاستفتاء في تركيا.. هل هي نعمة أو نقمة على أردوغان

توقع تغير وجه تركيا وهويتها

جرى استفتاء في تركيا يوم الأحد 16 نيسان 2017 حول تعديل بنود في الدستور التركي من أجل تحويل نظام الحكم في تركيا الى نظام رئاسي بدلاً من كونه حالياً نظاماً برلمانياً. وقد شارك في هذا الاستفتاء حوالي 48 مليون من أصحاب حق الاقتراع. وقد فاز “التعديل الدستوري” بأغلبية ضئيلة جداً، مما حدا بالمعارضة بالشك بنتائج هذا الاستفتاء، وتقديم طعون بذلك!

نتائج الاستفتاء تؤكد أن الشعب التركي الى حد كبير منقسم حول موضوع انتقال نظام الحكم الى رئاسي، وتؤكد أن الوضع العام في تركيا قد لا يكون مستقراً، إذ أن المعارضين لسياسة الرئيس اردوغان سيواصلون نضالاتهم من أجل اسقاط اهداف رئيسهم، وأهمها أن يتحول الى سلطان، وبالتالي يلغي أدوار القيادات الأخرى، أو قد يُدخل تركيا في حرب ضروس مع الدول المجاورة، أو يُدخل تركيا في صراعات داخلية مؤلمة، وبالتالي تؤدي هذه الصراعات الى ضعف تركيا على الساحتين الدولية والاقليمية!

الطعن بالنتائج

يأتي الطعن بالنتائج من أحزاب المعارضة إذ أن هناك شكوكاً بقيام أشخاص بالاقتراع أكثر من مرة، وهناك أيضاً أوراق لم تتم المصادقة عليها عند الاقتراع كما ينص القانون. ولذلك تطالب المعارضة باعادة عد الأصوات، والتأكد من صحتها، وهذا لم ولن يقبل به الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، اذ يقول أن الأغلبية وافقت على هذا التعديل الدستوري!

أما لجان المراقبة الأوروبية فقد أكدت أن هناك شكوكاً في أوراق الاقتراع، وان حالة “غش” و”تزييف” قد وقعت، وان هذه اللجان قد تتوجه الى المحكمة الاوروبية للبت في نتائج هذا الاستفتاء. وطبعاً فان قرار هذه المحكمة ليس ملزماً للحكومة التركية، كما ان تركيا نفسها تعتبر مثل هذا الأمر تدخلاً سافراً بشؤون تركيا الداخلية، ولن تكترث به.

وهذه النتائج ستساهم إلى حد كبير في توتر العلاقة بين الدول الأوروبية وتركيا، والتي تشهد الآن تبادلاً بالاتهامات والتصريحات النارية العدائية. ويقود الحملة ضد الدول الأوروبية الرئيس أردوغان نفسه لأنه غير راضٍ عن مواقف هذه الدول تجاه تركيا، ولمنعها الأتراك في اوروبا من القيام بمهرجانات دعم وتأييد للتعديل الدستوري، أي تقديم الدعم للرئيس أردوغان!

انقسام في التركيبة التركية

استناداً الى تفاصيل نتائج هذا الاستفتاء، فان غالبية الاكراد في تركيا صوتوا ضد التعديل، وكذلك جزء كبير من العلويين. أي أن أكراد تركيا لن يقبلوا بالتعديل، وهم يقفون بكل صراحة ضد أردوغان لمواقفه المعادية لهم.

مصادر عدة قالت أن الأتراك خارج تركيا صوتوا لصالح التعديل بنسب عالية لانهم أصحاب ميول “اسلامية” متعصبة، في حين ان نسبة الدعم للتعديل في تركيا نفسها كانت أقل بكثير!

وهذه النتائج تظهر أن هناك عدداً كبيراً من الاتراك يؤيدون النظام العلماني البرلماني، وهم ضد تحول تركيا الى دولة عثمانية سلطانية، ويخشون من أن النظام الرئاسي سيحول تركيا الى دولة ديكتاتورية، خاصة اذا كانت ميول الرئيس ديكتاتورية كما هو الحال مع الرئيس الحالي رجب اردوغان.

هذا الانقسام في الرأي، وفي التوجهات، اضافة الى الغضب العارم لسياسة اردوغان القائمة على بطش وقمع كل من يخالفه الرأي، حتماً سيغير تركيا من دولة مستقرة الى دولة ضعيفة، وغير مستقرة!

المتوقع من أردوغان

رغم أن نتائج الاستفتاء هي لصالحه، إلا أن الرئيس أردوغان لن يقوم بكل التعديلات الدستورية دفعة واحدة، فهو سيلجأ إلى خطوة تلو أخرى حتى لا يثير معارضيه. كما أن أردوغان من الآن يهيء نفسه للانتخابات العامة في خريف عام 2019. ويأمل بفوز حزبه بهذه الانتخابات كما أن أردوغان سيعود الى رئاسة حزب العدالة والتنمية مجدداً ليقوده في الانتخابات القادمة!

وضع صعب

تركيا ستعيش في وضع صعب إذ أن أردوغان على علاقة سيئة مع دول الجوار، وعلاقة فاترة مع روسيا وايران، وباردة جدا جدا مع الاتحاد الاوروبي. واضافة الى ذلك فان المعارضة له في الداخل ليست ضعيفة، وقد تثبت ذاتها رغم كل أساليب القمع الممارسة بحقها.

اردوغان ما زال يتدخل في الشأن السوري والعراقي، وما زال يحارب حزب العمال الكردستاني، ويقف ضد اقامة دولة كردية على الحدود التركية.

اذا لم يقم اردوغان بتعزيز جبهته الداخلية، فان تركيا في مأزق كبير، كما ان نتائج هذه الانتخابات التي يعتبرها “نعمة” بالنسبة له قد تتحول الى نقمة على الشعب التركي وتركيا.

من الصعب التكهن بأي شيء، سوى أن تركيا بدأت مرحلة تغيير.. ومن الصعب تحديد اذا كان ايجابياً أم سلبياً!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com