هل أعلن عبد المجيد تبون الحرب على الفساد في الجزائر؟ عميرة أيسر

-الوزير الأول الجديد والذي خلف السيِّد عبد المالك سلال رئيس الحكومة السَّابق والذي شكل5حكومات منذ2012فالسيِّد عبد المجيد تبون والذي شغل منصب وزير السكن والعمران في حكومة هذا الأخير،يرى الكثير من المراقبين لساحة السِّياسية الجزائرية بأنه سيكون أمام تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة في ظلِّ انعدام الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وهياكلها وهذا ما ظهر واضحاً خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في14ماي من العام الجاري والذي بلغت نسبة العزوف الانتخابي فيها أكثر من60بالمائة وهذا ما يخالف كل القراءات والتحليلات التي راهنت على مشاركة واسعة بالنظر إلى الوعود التي قدمتها السلطات العليا في البلاد بأنَّ هذه الانتخابات التشريعية  ستكون نزيهة وشفافة ولكن نتائجها التي وقعت كالصاعقة على الطاقم الحكومي والذي أشرف على الإعداد لها ومواكبتها ومنهم الوزير الأول وقتها السيِّد عبد المالك سلال دفعت برئيس الجمهورية السيِّد عبد العزيز بوتفليقة لإجراء تغييرات  سريعة وعاجلة في أعلى هرم الطاقم الحكومي ككل وكان السيِّد عبد المجيد تبون هو الخيار الأمثل في نظر الكثير من أنصار الرئيس لما يمتلكه الرجل من ثقة كبيرة لديه وحتىَّ لدى محيطه وكذلك لما يمتلكه من خبرات ميدانية وعلمية.إذ أنه خريج المدرسة العليا للإدارة وتدرج في مناصب المسئولية حتى وصل إلى منصب الوزير الأول،فالرجل الذي أعلن بأنه سيشن حرباً لا هوادة فيها على الفساد كان ربما أول مسئول يعترف صراحة ودون مواربة بأنَّ البلاد قد ضيعت أكثر من7000مليار سنتيم في مشاريع لا جدوى منها وهذا ما نقله موقع الجزائر1والكثير من المواقع الإخبارية الجزائرية وهو ما يعكس رغبة الوزير الأول في إرساء قواعد الشفافية واطلاع الرأي العام على الحقائق والأرقام  التي تمَّ التعتيم عليها إعلامياً في عهد سلفه السيِّد عبد المالك سلال وفي المقابل كان لافتاَ ما قام به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والذي لم يكن متوقعاً في نظر الكثيرين إذ قام بإصدر مراسيم وأوامر رئاسية عاجلة كان من أهمها ربما منع العشرات من الشخصيات الأمنية والعسكرية وكذلك بعض كبار المسئولين السياسيِّين من السفر خارج البلاد وتجميد أرصدة وحسابات البعض منهم وفتح تحقيقات معمقة معهم كوزير الصناعة والمناجم السَّابق السيِّد عبد السلام بوشوارب والذي اتهم بتبديد أكثر من70ألف مليار واتهامه  بالضلوع في قضايا فساد مالي وتبديد أموال عمومية وتمَّ التحفظ على أمواله وهي خطوة صدمت الكثيرين باعتبار أنه كان من المقربين لمحيط الرئيس وله علاقات قوية مع السفارة الفرنسية وبالتالي كان فوق مستوى المحاسبة القانونية كما تقول المعارضة السِّياسية في الجزائر.

-فالفساد الذي أصبح من الظواهر السياسية والاقتصادية التي باتت تهدد كيان الدولة الاقتصادي وترابطها المؤسساتي والعضوي ويبدو أن السيِّد عبد المجيد تبون ينوي أن يكون رجل المرحلة ويحاول قدر الإمكان رغم توغل الفساد أن يحدَّ من انتشاره ويقوم بإجراء إصلاحات بنيوية هيكلية في بنية الاقتصاد الجزائري وبالتالي إدخال الأمة الجزائرية في عهد التحديث والتطوير والتخلص من التبعية للمحروقات والتي تمثل أكثر من95بالمائة من مداخيل البلاد من العملة الصعبة فيما يرى مراقبون ومنهم الأستاذ أحمد بن بيتور الخبير الاقتصادي ورئيس الحكومة الأسبق بأنَّ سياسة التقشف المتبعة من طرف الحكومة الحالية ستزيد من الأعباء الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطن البسيط في ظل عجز اقتصادي بلغ حوالي8.4مليار دولار لهذه السنة حسب ما يرى الخبير الاقتصادي السيِّد محمد حميدوش وبالتالي فإنَّ السيِّد عبد المجيد تبون عليه أن يقوم بإجراءات صعبة على جميع المستويات من أجل الحدِّ من التدهور الاقتصادي ونزيف الاقتصاد الوطني ومحاربة الظواهر المالية السلبية التي انتشرت وبكثرة حسب رأي الكثيرين ومنها تهريب العملة الصعبة تحت غطاء الاستيراد والتصدير وإنشاء شركات وهمية والحصول على قروض بنكية دون ضمانات كافية…الخ،فالجبهة الاجتماعية التي تحملت كثيراً نتيجة السياسات الحكومية الصارمة عليها أن تحس بأنَّ الوزير الأول جاد في ما يطرحه من مساعي وخطط من أجل القضاء على الفساد والذي تحتل فيه الجزائر مراتب متقدمة في سلم منظمة الشفافية الدولية ويبدو أن الرجل قد أخذ من الرئيس بوتفليقة كل التطمينات السياسية والدعم المعنوي لإطلاق يده في تنفيذ ما يراه مناسباً من أجل تنفيذ تلك المهمة الصعبة.فالفساد الذي أصبح العدو الأول للاقتصاد الوطني الجزائري وبسببه تمَّ إلغاء الكثير من برامج التنمية المسطرة نتيجة عدم وجود السيولة المالية الكافية بسبب التلاعب في ميزانية هذه المشاريع ونهبها بتواطؤ أحياناً من عدة جهات رسمية.فهناك أكثر من2000قضية فساد معروضة أمام المحاكم الوطنية،وعلى السيِّد عبد المجيد تبون أن يعطي تعليماته بإعادة فتح ملفات تلك القضايا لكي يحاسب المسئولون ويبرأ المتهمون الذين سجن بعضهم ظلماً،والسؤال المطروح بالنسبة لرأي العام الوطني هو كالتالي،هل سينجح الوزير الأول في مسعاه النبيل لتخليصنا من الفساد السِّياسي والاقتصادي؟نتمنى ذلك لأن الأوضاع باتت متأزمة ويجب إجراء قطيعة تامة مع العهود السابقة وإرساء دولة العدل والمساواة والقانون التي يحلم بها كل الشعب الجزائري وبدون استثناء.

-كاتب جزائري

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com