قطر تتمرّد على عنصريّة دول مجلس النعاون الخليجيّ وتسدّد لها ضربة مربكة/ كاظم ناصر

في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة في دول مجلس التعاون الخليجي، وافق مجلس الوزراء القطري يوم الأربعاء 2-8-2017 على مشروع قانون بشأن منح بطاقة إقامة دائمة لبعض الأجانب المقيمن في الإمارة . هذه الإجراءات التي  تمنح حق الحصول على الإقامة الدائمة  لثلاث فئات : أبناء المرأة القطرية المتزوجة من غير قطري، والذين ” أدّوا خدمات جليلة للدولة ” وساهموا في بناء البلد وتطويرها، وذوي الكفاءات الخاصة التي تحتاج إليها الدولة، سيكون لها تأثيرا بالغ الأهمية على حياة الكثيرين من المقيمين غير القطريين، وعلى أمن واستقرار ومستقبل الإمارة .

القوانين الجديدة ستمكّن حامل الإقامة الدائمة من الحصول على نفس معاملة القطريين في الخدمات التعليميّة والصحيّة الحكوميّة، وتمنحه الأولويّة بعد القطريين في شغل الوظائف المدنيّة والعسكريّة، وتعطيه الحق في التملّك العقاري، والعمل في التجارة بدون شريك أو كفيل قطري .وبالرغم من أن القانون الجديد لا يمنح الجنسية للذين يحصلون على الإقامة الدائمة، إلا أنّه يشكّل نقلة نوعيّة في دول مجلس التعاون التي تفرض قيودا مشدّدة على العمالة الأجنبية.

التفرقة العنصريّة الظالمة والمجحفة التي تمارسها دول الخليج ضدّ العمالة الأجنبية التي تساهم في بنائها وازدهارها تتنافي مع الأخلاق والقوانين الإنسانية. المتعاقد الذي يخدم تلك الدول، ويساهم  بجهوده ومهاراته ونفقات معيشته في تطويرها ودعم إقتصادها لا حقوق له. إنّه يحصل على أقل من نصف الراتب الشهري الذي يحصل عليه المواطن الذي يعمل معه في نفس الجامعة والمدرسة والمستشفى والمصنع والمتجر والمكتب إلخ.، ويمكن للدولة الكفيلة التي يعمل في مؤسساتها أو لكفيله في القطاع الخاص إنهاء عقده، وطرده من عمله، وإبعاده في أي وقت لأنه لا توجد قوانين تحمي حقوقه .

كذلك فإن المقيم لا يحق له الحصول على تقاعد مهما طالت مدّة خدمته، وهو وأفراد أسرته محرومين من العلاج المجّاني، ولا يسمح لأبنائه بدخول مدارس وجامعات الدولة المجانية . وقد إزداد الإضطهاد بسنّ قوانين جديدة أصدرتها السعودية مؤخرا وفرضت بموجبها ضرائب مرهقة على الأجانب بقصد تخفيف العجز في ميزانيّتها والتخلّص من معظمهم، وصدور قرارات عن وزاراة الصحة كويتية الأسبوع الماضي تضاعف تكاليف الرعاية الصحية للوافدين، وتلزمهم على دفع مبالغ كبيرة لمستوصفات ومستشفيات القطاعين العام والخاص .

إجراءات قطر الجديدة سيكون لها مردودا جيدا على الدولة : إنها تمنح الأمن والأمان، وفرص عمل، وتملّك عقاري وتجاري لمئات الآلاف من المقيمين الذين سيزداد ولائهم لها، ويدافعون عنها، ويخدمونها كوطن لهم وليس كدولة تعتبرهم أجانب وغرباء . كذلك فإن هذه الإجراءات التي تتعارض تماما مع سياسات وممارسات دول مجلس التعاون يمكن اعتبارها ضربة معلّم سدّدتها قطر لدول المجلس، وردا مباشرا ومحرجا على الإجراءات الضريبيّة المجحفة التي فرضتها السعودية مؤخرا على المقيمين، وتحديّا واضحا لها وللإمارات  العربية المتحدة والبحرين ومصر التي فرضت عليها حصارا بريا وبحريا وجويا !

قطر ما زالت صامدة ومتحديّة لدول الحصار بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أشهر على إندلاع الأزمة الخليجية وستخرج منتصرة لأنها تصرّفت بحكمة وبدبلوماسية ذكيّة مكّنتها من الحصول على دعم شعبها والشعوب العربية الأخرى، والكثير من دول العالم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com