خطة ترامب … تسريبات … ام حقل الغام !!! وفيق زنداح

اسهل المواقف السياسية ان ترفض ما يتم طرحه جملة وتفصيلا … واسهل المواقف الاعجاب والقبول بما يتم طرحه … وافضل المواقف حسب وجهة نظر البعض ان نكون بحالة رفض دائم … وقاطع … لان الرفض سيحافظ علينا… بينما القبول سيشتت ما بداخلنا .. وسيفتت من وحدتنا … اذا ما كانت لدينا وحدة .
وحتى نصل الى محطة ما يسرب حول خطة ترامب … ليس من الخطأ أن نعود بالذاكرة … ومنذ البدايات الاولى لسياسة الرفض الفلسطيني حيث تم رفض القرار 181 قرار التقسيم … كما تم رفض القرار 242 … كما تم رفض مبادرة روجرز … كما تم رفض دعوة الرئيس الراحل انور السادات لمارنا هاوس واعتبرنا كامب ديفيد خيانة … كما تم رفض مؤتمر مدريد للسلام … واتفاقية اوسلو …  كما تم رفض ما طرح في واي ريفير وكامب ديفيد وطابا … ابان عهد الرئيس الامريكي كلينتون .. كما رفض البعض سياسة التفاوض … ومفهوم حل الدولتين .
سياسة الرفض الفلسطيني والعربي … وحتى الجدل حول مبادرة السلام العربية …. والحل الاقليمي .. يؤكد على ان ما يقدم ليس بمستوى الطموح والمطلوب عربيا فلسطينيا وحتى دوليا … بل ان ما يقدم يتناقض مع قرارات الشرعيه الدولية … واصول العلاقات الدولية … وما يحكم القانون الدولي من احكام وضوابط .
فهل بالرفض الفلسطيني ندم ؟!
الملاحظ ان ما يقدم لنا عبر عقود طويلة …. انما يؤكد ان ما يقدم اليوم …. وبالقياس افضل مما يقدم غدا ..
لماذا برأيكم ؟! هل لاننا موحدين .. اقوياء … لنا تأثير كبير في معادلة السياسة الدولية … ام ان العكس تماما ؟!
الوقائع متسارعه … والتقلبات جارية … ومعادلة السياسة والتوازن بحالة خلل دائم … مما احدث حالة من الفراغ … وحالة من الارهاب التكفيري الذي زاد من الضغوط على العرب … كما عجل بالسعي الى ايجاد الحلول لتعزيز أمن واستقرار المنطقة .
أي ان هناك تراجع ملحوظ بما يقدم لنا من مبادرات … وحتى ما يتم صياغته من قرارات اممية … وبطبيعة الحال في ظل انقسام فلسطيني … اضعف صورتنا كما مقومات قوتنا … وفي ظل خارطة عربية سياسية تشهد الكثير من التحالفات المتناقضة والمتباينة … والمتسارعه … في ظل قوى اقليمية مستفيدة من الحالة العربية كما ايران وتركيا  ودويلة قطر والتنظيم الدولي للاخوان …. والجماعات الارهابية التكفيرية بمسمياتها المتعددة.
امريكا واسرائيل ليسوا بموقف يمارس عليهم ضغط كبير … ولا حتى قليل … لكي يقدموا المزيد … او حتى التنازل عما هم عليه الان .
ما يتم تسريبه حول دولة بمفهوم جديد … وليس بمفهوم الدولة المعتادة ذات السياده والحدود … والى جانب خطة اقتصاديه … دولة ليست بالضرورة من وجهة النظر الامريكية بحدود الخامس من حزيران 67 … ولكن بالامكان ان تتضمن تبادل اراضي … شكل الدولة المختلف …. بداخلها المستوطنين والمستوطنات والذين لن يتم اخلاءهم …. مقابل ان لا يهجروا اصحاب الارض من الفلسطينين داخل اراضي العام 48 .
القدس ليست مدرجة حتى الان لتقسيمها … ونقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل يترك لمفاوضات امريكا مع دولة الكيان … امريكا تقدم خطة اقتصاديه … وكما سماها البعض بمشروع مارشال أسوة بما تم تقديمه ما بعد الحرب العالمية لاعادة اعمار اوروبا … وبطبيعة الحال خطة اقتصادية وبملايين من الدولارات وبتمويل عربي … واخيرا وليس اخرا ليس امام الرئيس محمود عباس الا الموافقة .. وامريكا سوف تتعهد بأمن اسرائيل .
هكذا يتم التسريب .. وبهذه المبادئ والخطوات يتم النشر لقياس ردود الفعل …. والتي ستتراوح ما بين الرفض القاطع والتام … وما بين الرفض المتوسط لاجل التعديل … وما بين الانتظار والترقب … حتى يتم الاعلان بصورة رسمية عن خطة ترامب .
تأتي التسريبات  الجديدة في ظل التهديدات الامريكية باغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية … وفي ظل التشريعات المنوي اقرارها لمحاسبة كل من يمول حماس والجهاد الاسلامي .
أي ان الضغوطات السياسية … وبطبيعة الحال المالية … تجري على قدم وساق … في ظل تسريبات سياسية حول ما يمكن ان يكون عليه الحل السياسي بمفهومه الاقتصادي …وليس السيادي … بمفهومه المعيشي … وليس الوطني .
أي ان امريكا وحكومة دولة الكيان يريدون لنا ان نعيش ونأكل لا أن نعيش ونبني … ونقيم دولة ذات سيادة … دولة منتجة لها ابداعاتها … ولها مكانتها ومنافستها في اطار دول المنطقة وفي معادلة الاقتصاد الدولي … ولا حتى يريدون لنا ان نكون دولة سياحية … تعتمد على السياحة الدينية باعتبار اننا في فلسطين نمتلك عوامل الجذب السياحي الديني الاسلامي والمسيحي .
امريكا وحكومة دولة الكيان يريدوننا أن نغير بطاقة التموين الصادرة عن وكالة الغوث … الى بطاقة تموين دولي … أي انهم يريدون لنا ان نعيش على الاتكالية و المعونة …. والعيش من الاخريين دون عمل او جهد … ودون ان نثبت ذاتنا الوطنية … وان نحقق لانفسنا مكانة مرموقة تليق بشعبنا … كما وتليق بما يميز الشعب الفلسطيني بنسبة التعليم الاعلى على مستوى العالم … .
فهل نستسلم ونرفع الراية البيضاء ؟!
منذ عقود طويلة مررنا بتجارب قاسية ومريرة … كما مررنا بالعديد من المبادرات السياسية والضغوطات العسكرية … فلم نسلم ولم نرفع الراية البيضاء .
ما يجري اليوم من تسريبات حول مشروع خطة الرئيس الامريكي ترامب حول مفهوم السلام الاقليمي … يزيد من الضغوط علينا … ليس لانها المرة الاولى التي نواجه فيها مثل هذا التحدي … لكنها المرة الاولى التي سوف يطرح فيها حل اقليمي … ومن ضمنه حل القضية الفلسطينية … وهذا ما يصعب  علينا … واهمية الدراسة المتأنية والدقيقه للحسابات السياسية … في ظل اخطار محدقة بالمنطقة … سواء من قبل الارهاب التكفيري المساعد الاول لمثل هذا الطرح الامريكي … كما التهديد الايراني ومواقف بعض العواصم والقوى الطائفية … التي تساعد على مثل هذا الطرح … والتي تصعب التسرع باتخاذ الموقف الرافض والقاطع … على اعتبار ان الخيارات والبدائل ملغمة … وفي طريقها  الغام قابلة للانفجار … يصعب التحكم فيها … وتلافي مخاطرها .
المشهد السياسي العربي وسوء حالته والمخاطر المحدقة به … والمتداخله بواقعه … كما الحالة الفلسطينية الانقسامية وسعيها للملمة احوالها والخروج من مأزقها … حتى تتمكن من صياغة مواقفها وقرارها … وحتى يمكن للعرب والفلسطينين ان يخرجوا بموقف موحد … يمكنهم من تجاوز هذا الطرح الامريكي الاسرائيلي … وحتى يتجاوزوا  ما يتهددهم من مخاطر واخطار قد تعصف ببعض الدول … وقد تهدد أمن الكثير من الشعوب كما تهدد خيراتها واقتصادياتها .
ما يتم تسريبه يجعلنا بموقف اسماع صوتنا للرئيس الامريكي ترامب … وبالتأكيد لرئيس حكومة الكيان نتنياهو … من خلال رسالة قصيرة فحواها … اياكم والتلاعب بنا بأكثر من ذلك … اياكم واستمرار التجاهل والاستهتار بنا وبحقوقنا … اياكم والاستهتار بمشاعرنا وعروبتنا وقوميتنا … اياكم وقادم المجهول علينا … وعليكم .
اذا ما صحت تلك التسريبات .. وما أكدته تلك المبادئ المطروحة حول خطة ترامب للتسوية السياسية والحل الاقليمي … فأن القادم سيحمل اخطار ومخاطر … قد لا يتوقعها الامريكي والاسرائيلي … بل ستكون الغام ستلهب المنطقة … وليس العمل على استقرارها .. مما سيكون لصالح الجماعات الارهابية والتكفيرية … ولصالح الاطماع الايرانية … وحتى التركية … ونجاح غير مسبوق لدويلة مثل قطر .
نجاح لمن لا يستحقون … وخسارة لمن هم على حق وصواب واصحاب تاريخ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com