بطريركية القدس للاتين..القدس كنز لجميع البشر، لا يمكن اختزالها بصراع على الأرض أو سيادة سياسية”

 القدس – البيادر السياسي-  من أبو أنطون سنيورة – بطريركية القدس للاتين–  لِتَنسَ يَمِينِي كَيفَ تَعزِفُ إنْ نَسِيتُكِ يا قُدسُ. (مزمور ١٣٧ـ ٥)

لقد كثرت في هذه الأيام البيانات والتصريحات بشأن القدس ومستقبلها وأبدى الجميع قلقهم إزاء العنف والعواقب التي يصعب تنبؤها.

أعرب البابا فرنسيس، بإشارته إلى مختلف قرارات الأمم المتحدة، عن قلقه العميق، طالبا بعدم خلق ذرائع جديدة تؤدي إلى المزيد من العنف في الشرق الأوسط، بل بالمحافظة على الوضع الراهن في المدينة المقدسة، والتي ينبغي أن تضمن التعقل بين الجماعات الدينية الثلاث وبين جانبي المدينة في القدس، والتي في الواقع، قد تأثرت منذ مدة.

اذ نضع في اعتبارنا حالة الصراع القائمة والتغييرات السريعة في المدينة المقدسة، إننا نعتقد أن أي حل أحادي الجانب لا يمكن اعتباره حلًا.

إن القدس كنز لجميع البشر. وعليه فإن أي مطالبة أحاديّة سواء أكانت سياسية أو دينية ستكون بمثابة تناقض للمنطق الخاص بالمدينة. يجب أن يتمتع جميع سكان القدس وزائريها وحجاجها، بطريقة من الطرق، بفرصة إدراك وتبنّي رسالة الحوار والتعايش المشترك والاحترام التي تستدعيها المدينة المقدسة، والتي كثيرا ما نضر بها بسلوكنا. إن القدس مكان ترحيب، حيث يجب أن تُفتح المساحات، لا أن تُغلق، ولقد عانى سكانها لوقت طويل من هذه التوترات المستمرة التي عملت على تشويه طابع المدينة.

ما من أمر يمكنه أن يمنع القدس، في فرادتها ووحدتها، بأن تكون رمزًا وطنيًا للشعبين اللذين يطالبان بأن تكون عاصمة لهما. يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يتوصلوا إلى حل يتوافق إلى حد ما مع تطلعاتهم الشرعية ويحترم مبادئ العدل. ان القرارات أحادية الجانب التي تغير من صورة المدينة لن تفيد، بل تتسبّب بتوترات جديدة تُزيل إمكانية صنع السلام.

وإن كان للقدس مكانة مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين، فهي أيضًا مقدسة للكثيرين حول العالم، الذين يتطلعون اليها كعاصمة روحية، فهم يزورونها كحجاج للصلاة ولقاء اخوتهم في الإيمان.

لا ينحصر الطابع المقدس لهذه المدينة في الأماكن المقدسة فحسب، كما ولو أنها مفصولة عن بعضها أو معزولة من مجتمعها المحلي، بل تشمل القدس بمجملها، أي أماكنها المقدسة وجماعاتها ومستشفياتها ومدارسها ونشاطاتها الاجتماعية والثقافية.

يقع على عاتق الطرفين المحافظة على الطابع العالمي الحالي للمدينة المقدسة وان يعملوا جاهدين كي تبقى ملتقى لليهود والمسيحيين والمسلمين، كلاً منهم وفق تقاليدهم وعقليتهم التي ترتبط مع بعضها بصورة فريدة.

وعليه فإن مسألة القدس لا يمكن اختزالها بصراع على الأرض أو سيادة سياسية، ذلك لأن القدس فريدة بطبعها. إن القدس ميراث العالم أجمع، ولديها دعوة عالمية تخاطب من خلالها الملايين حول العالم، المؤمنين منهم أو غير المؤمنين.

إن التوصل إلى حل لمشكلة القدس ينبغي أن تشمل كل هذه العناصر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com