قراءة هادئة وموضوعية وحيادية في: مقاطعة القائمة المشتركة لخطاب بينس وفحوى الخطابات في جلسة الكنيست

لأول مرة في تاريخ البرلمان الاسرائيلي (الكنيست)، تُمنح الفرصة لنائب رئيس الولايات المتحدة، مايك بينس، بالقاء كلمة أمام أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب وذلك في جلسة احترام واستقبال خاص عقدت بعيد ظهر يوم الاثنين 22 كانون الثاني 2018.

وقد ألقى رئيس الكنيست، يولي ادلشطاين كلمة رحب بنائب الرئيس الاميركي بينس، والقى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو كلمة رحب فيها أيضاً بالضيف الكبير شاكراً الرئيس الاميركي دونالد ترامب على كل ما يقدم لاسرائيل من دعم مالي وعسكري، وعلى العلاقات التحالفية القوية بين اميركا واسرائيل. كما ألقى زعيم المعارضة اسحاق هرتصوغ كلمة أيضاً رحّب بها بنائب الرئيس بينس، وشاكراً أيضاً اميركا على ما تقدمه من مساندة ودعم، وخاصة في قرار الرئيس ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل، مستذكراً بأن توحيد القدس تم عندما كان ليفي اشكول رئيس الوزراء (أي أنه كان زعيم حزب العمل)، كما ان القائد العسكري الذي حقق ذلك هو اسحاق رابين. وان توحيد القدس كلف ثمناً كبيراً.

خطابا نتنياهو وهرتصوغ أشارا الى أن اسرائيل واحة الديمقراطية في المنطقة. واشارا الى أن اسرائيل تمنح حرية العبادة الدينية وخاصة للمسيحيين، وانهم ينعمون بالاستقرار خلافاً لما يعانيه هؤلاء في الدول العربية المجاورة، كما أكدا حفاظ اسرائيل على المقدسات المسيحية.

هذا المديح لموقف اسرائيل الداعم للمسيحيين جاء لارضاء أنصار نائب الرئيس بينس المتصهين الانجيليين في اميركا الذي يتجاوز عددهم الـ مائة مليون شخص.

وعندما صعد بينس الى المنصة لالقاء كلمته، قام أعضاء القائمة المشتركة (العربية) برفع يافطات وصور مما أدى، وبناءً على طلب رئيس الكنيست ادلشطاين، الى قيام رجال الأمن باخراج أعضاء القائمة وطردهم من القاعة في لحظات ضجيج سرعان ما هدأت. وقد اعتذر ادلشطاين عن هذا التصرف قائلاً لبينس: “هذه هي الديمقراطية الممارسة في اسرائيل”.

وخلال كلمته أكد بينس استمرار الدعم لاسرائيل، كما ان الرئيس ترامب مُصمم على نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، وهذا سيتم في أواخر عام 2019، أي أواخر العام القادم.

وتعتبر هذه الجلسة بأنها احتفالية ورسمية لتعزز العلاقات القوية بين اميركا واسرائيل.

التساؤل الذي يُطرح: هل كانت مقاطعة القائمة المشتركة لكلمة نائب الرئيس بينس مناسبة، وهل أوصلت رسائل لصالح الجانب الفلسطيني أم لصالح حكومة اسرائيل؟

هناك عدة وجهات نظر حول ذلك، وكل وجهة نظر لها احترامها وأسبابها معتمدة على توجه كل من يبدى رأيه في ذلك.

الرأي الأول والعام، وخاصة العربي، يقول أنه لم يكن أمام أعضاء القائمة العربية أي أسلوب آخر للتعبير عن عدم موافقة الكتلة على قرار الرئيس ترامب، ومعارضتها له بصورة واضحة. وفي رأي كثيرين فانها كانت رسالة واضحة للادارة الاميركية بأن الفلسطينيين العرب داخل الكنيست وداخل اسرائيل يقفون ضد قرار ترامب حول القدس، ويعارضونه بشدة.. وقد تمت المقاطعة بتظاهرة غطتها وسائل الاعلام العالمية والمحلية.

ولا بُدّ من الاشارة الى ان قيام رجال أمن الكنيست بمنع أعضاء القائمة من رفع اليافطات، وطردهم من الجلسة يعبّر عن سياسة “قمع” وليست “ديمقراطية” في التعامل مع نواب برلمانيين عرب يمثلون العرب الفلسطينيين داخل فلسطين عام 1948.

وجهة نظر ثانية تقول أن هذه المقاطعة خدمت اسرائيل من عدة نواحٍ ومن أهمها:-

  • التأكيد على أن هناك ديمقراطية في اسرائيل، وان العرب في البرلمان الاسرائيلي يمارسونها وحتى في الكنيست الاسرائيلي، وأمام نائب رئيس أكبر دولة في العالم.
  • من الضروري أن تكون دولة اسرائيل هي دولة يهودية، وان من سيعيش فيها سيحترم وسيعترف بذلك. وان الرئيس الاميركي ترامب ونائبه يؤكدان باستمرار دعمهما لضرورة اعتراف العالم بأن اسرائيل دولة لليهود كما هما يعترفان ويقران بذلك.
  • محاولة اظهار أن اسرائيل تعاني من “وجود العرب” داخل الدولة من خلال تصرفاتهم المعادلة للدولة. وهذا يبرر اجراءاتها بحقهم، مع أن اسرائيل تتبع سياسة التمييز ضد هؤلاء أصحاب الارض الاصليين.

هناك ملاحظة مهمة وهي أن كبار المسؤولين الاسرائيليين من حكومة ومعارضة يؤكدون ان الاماكن المقدسة المسيحية في صون وأمان، وهذا رد على المواقف المسيحية في العالم كله، والتي انتقدت قرار ترامب بخصوص القدس، وعلى المسيحيين، حسب ما يعتقد هؤلاء، تقديم الشكر لاسرائيل على ما توفره لهم من دعم لاستمرار وجودهم في “الديار المقدسة”!

24/1/2018

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com