الاسرى…مجد أمة/ د. خالد معالي

أيها الأسرى الأبطال الذين تذوب زهرة شبابهم خلف القضبان والأسلاك، يا من تخطون للأجيال طريق العزة والكرامة وتكتبون بالدم على جدران الزنازين، وتحملون معكم بقايا ‘الابراش’ وتطرقون خلايا دماغنا وأوردة قلوبنا، ويا من صبرتم حتى عجزت الكلمات عن وصف ثباتكم، ويا من تضرعون إلى الله ‘ رب مسني الضر وأنت ارحم الراحمين’.  تفاءلوا خيرا فهناك في  الخارج من يقاوم،  ومن لا ينامون لفك أسركم وعودتكم سالمين إلى أهاليكم.

قرابة سبعة آلاف أسير وأسيرة يقبعون خلف القضبان كالأسود في سجون وباستيلات الاحتلال، هم فخر ومجد هذه الأمة من المغرب العربي حتى أندونيسيا المسلمة، بل هم فخر البشرية جمعاء ينوبون عنها في مقارعة الباطل وقوى الظلم والطغيان، صحيح انه مغيبون بأجسادهم في اقبية وزنازين، ومع ذلك يواصلون دورة الحياة خلف جدران الصمت يعزة وكبرياء وصبر وصمود قل نظيره في  العصر الحالي.

أنتم وجعنا ووجع كل غيور وشريف لا ينام على ضيم في الوطن المأسور، أنتم يا من مع كل زيارة ينزف الجرح من جديد ليوقظ النائمين والمتقاعسين ويقرع باب قصار النفس ليقول لهم أنهضوا وسيروا على الطريق الذي رسمتوه نحو الأقصى .

أسرانا بقلوبهم التي تنبض بالحياة وتنثر الورد بكل الاتجاهات عبر حب الوطن مهما كان الثمن، فانتم لا تعبئون ولا تنكسرون رغم القيد والسجن والسجان، فبثباتكم ترسمون خطوط الصمود وحدود الوطن المغدور المقهور.

أسرانا يحفرون أسمائهم على صخور الزنازين لتنشق ولو بعد حين وينساب منها الماء الطهور السلسبيل، هم جوعى للوطن ويحدوهم الشوق والحنين لشوارع وحارات وأزقة المخيمات والقرى والبلدات،هم الوطن بل كل الوطن بجباله ووديانه وينابيعه.

آيات الفجر القادم والحرية تلوح وتلوح رويدا رويدا بعد طول مسير ومسير، نراها في عيون حسن سلامة، ومروان البرغوثي وسعادات، وعبد الله البرغوثي وعبد الناصر عطا الله، والقائمة تطول وتطول.

إنما هي لحظات صبر أقوى من الجدران والزنازين والأسلاك الشائكة، وأقوى من كل طواغيت الشر، فأنتم أيها الأسرى سواء في سجن مجدو أو عسقلان أو النقب، أنتم أمل وفخر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، أنتم الحصن المنيع والأخير في  الذود عن كرامة وشرف الأمة المغتصب، لا تدعو اليأس يدخل إلى قلوبكم وعقولكم فالنصر صبر ساعة والله معكم.

أنتم الأشواق في حلوق الظالمين الغاصبين المعتدين، فهم ما عادوا يقدروا على لفظها وما عادوا يقدروا على بلعها.

نعلم ان القضبان افترست وأكلت من لحومكم، ونعترف بتقصيرنا ولا عذر لنا نحوكم، ولن تصيروا لقطاء في زمن القطب الواحد، لا تيأسوا فسوف تعود البسمة لوجوه الأمهات شوقاً وتسري الدماء ضاحكة بعروق الآباء ويعود الأطفال إلى أحضان آبائهم وأمهاتهم الأسيرات.

أيها الذين تحملون وجع وألم الامة جمعاء،عن قريب وأقرب من قريب؛ الفرج قادم، عندها تخرجون رافعي الرؤوس أفواجا أفواجا، تسجدون شكرا لله عند خروجكم على بوابات السجون، وعند وطوئكم لبوابات بلداتكم وقراكم وشوارع مخيماتكم المؤقتة نحو القدس وحيفا وعكا ويافا..، “ويرونه بعيدا ونراه قريبا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com