ضبط مستنبت للمخدرات بالقرب من بلدة دير الغصون

طولكرم- البيادر السياسي:ـ قبل نحو أسبوعين، تمكنت الشرطة الفلسطينية، وجهاز مكافحة المخدرات في طولكرم، من ضبط مستنبت للمخدرات بالقرب من بلدة دير الغصون، إحدى قرى شمال طولكرم، القريبة من جدار الضم والتوسع.

وبعد شهرين من المراقبة، والعمل الدؤوب، والمتواصل ليل نهار، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط هذا المستنبت، وهو واحد من عدد لا بأس به من المستنبتات التي اكتشفتها هذه الأجهزة مؤخرا.

الملاحظ في هذه المستنبتات التي تكون قريبة من أراضي عام 1948، انها مزودة بأحدث الأجهزة التقنية، ذات التكلفة المادية العالية، قد تصل إلى أكثر من 3 ملايين شيقل.

والمستنبت الذي تم اكتشافه كان عبارة عن بيت بلاستيكي على مساحة دونم، زرع بداخله ما يقارب (2000) شتلة “ماريغوانا”، تتراوح أطوالها ما بين 60-170 سم، وقدرت القيمة السوقية لها بمبلغ مليوني شيفل، وصنف ضمن أخطر المشاتل التي تم ضبطها في المحافظة خلال العام الجاري.

و”الماريغوانا” أحد أنواع المخدرات، وهي أزهار ونباتات تأتي على رأس مجموعة واسعة من أنواع المهلوسات، تشبه في شكلها ولونها الكثير من الأعشاب، والنباتات، التي تزرع وتنبت في الدفيئات، أو في المنازل.

وتعتبر زراعة هذا النبات المخدر من الزراعات التي انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية في مختلف محافظات الوطن، وتتركز بشكل كبير في الأراضي المصنفة “ج”؛ بسبب السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليها بشكل كامل.

وقبل أقل من شهر تقريبا، ضُبط مستنبت كبير جنوب طوباس في منطقة مصنفة “ج”، يضم 7 آلاف شتلة “ماريغوانا”.

وفي الواقع فإن عدم السيطرة الأمنية الفلسطينية على هذه المناطق، فتح الباب على مصراعيه أمام تجار هذه الآفة.

ومعروف أن وصول الأجهزة الأمنية لهذه المناطق يحتاج لتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، ما يجعل من الصعوبة على هذه الأجهزة الدخول إليها بالوقت المناسب.

لكن رغم ذلك فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تمكنت خلال السنوات الماضية من ضبط العديد من مستنبتات المخدرات في المناطق المصنفة “ج”.

لم تكن عملية الضبط الأخيرة لمستنبت “الماريغونا” هي الأولى في طولكرم، ففي العام 2014 ضبطت الشرطة مستنبتا ومعملا “للماريغوانا”، وصف أنه من أخطر المستنبتات في ذلك الوقت في قرية نزلة عيسى شمال طولكرم، وكان في أحد المنازل، التي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن جدار الضم والفصل العنصري ومجهز بأحدث التجهيزات التقنية، إضافة إلى ضبط عدد من المستنبتات في المناطق ذاتها خلال العامين الماضيين.

وقال مدير شرطة طولكرم العقيد عزام جبارة لمراسلة “وفا”، إن إسرائيل هي المسبب الرئيسي لانتشار هذه المستنبتات، وترويجها في مجتمعنا الفلسطيني.

ويضيف، ان الشرطة ومكافحة المخدرات تكونان دائما على أهبة الاستعداد، وتعملان بشكل مستمر في البحث عن تجار المخدرات، ومروجيها، من خلال جولات مكثفة على المشاتل، ومراقبة البيوت المشتبه بها التي تتم بداخلها الزراعة، في كافة المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، وفي الوقت ذاته تتابع المناطق النائية خاصة القريبة من الجدار التي يقوم باستغلالها الخارجون عن القانون في إقامة المستنبتات.

وكشف جبارة الطريقة التي تمت فيها ضبط المستنبت الأخير، من خلال عمل متواصل ويومي على مدار شهرين، بعد ورود معلومات لإدارة المكافحة، تفيد بقيام أشخاص بعرض بذور نبتة “الماريغوانا” على أشخاص آخرين من طولكرم، من أجل زراعتها.

وتابع: بعد الفحص والتحري على أحد الأشخاص المشتبه به، ومن خلال السوابق الجنائية تبين أن له أسبقيات في موضوع المخدرات، وتمت متابعته، ومراقبة تحركاته، وكشف أنه يقوم بشراء سماد عضوي مخصص لزراعة المخدرات، ويتوجه بها إلى دفيئة زراعية قريبة من الجدار، محاطة ببيوت بلاستيكية مزروعة بالخضار، حيث تم اختيار هذا الموقع الزراعي للتمويه، وهذا ما اعتاد عليه تجار ومروجو المخدرات.

وأشار إلى أنه تم استصدار مذكرة من النيابة العامة لتفتيش المكان، بوجود خبير المخدرات، ومن خلال المشاهدة العينية تبين أنه مشتل لمخدر “الماريغوانا” يحوي أشتالا بأطوال مختلفة.

وأردف جبارة أن الشرطة وفي الليلة ذاتها اعتقلت شخصين مشتبه بهما من طولكرم، فيما هناك شخصان آخران من فلسطينيي عام 1948، لم يتم القبض عليهما، رغم إرسال اسميهما إلى الجانب الإسرائيلي، الذي لم يبد أي تدخل، أو إجراء لاعتقالهما، على الرغم من وجود اعترافات تفصيلية من أشخاص تم القبض عليهم من الشرطة الفلسطينية، كانوا يعملون معهم.

وأوضح أن الاحتلال يتعمد عدم ملاحقة من يروجون المخدرات داخل الأراضي الفلسطينية، رغم معرفتهم بهم، في حين يتم اعتقال واتخاذ إجراءات قاسية بحق من يروجونها لليهود، ما يثبت أن الاحتلال المتسبب الأول في نشر وترويج المخدرات في المناطق الفلسطينية، لتدمير أجيال الشباب والأطفال، وبالتالي تدمير للمجتمع بأكمله.

وأكد جبارة أن هناك ازديادا في زراعة “الماريغوانا” كونها الأساس لكل المخدرات، ليس في طولكرم فحسب، بل في الوطن كله، خاصة في موضوع المستنبتات سواء في بيوت بلاستيكية، أو بيوت مغلقة، بتكاليف ضخمة لا يقدر على توفيرها سوى عصابات منظمة، يكون على قمة هرمها الاحتلال.

وقال، إن زراعة “الماريغوانا” يعتمد على البيئة الخصبة المتوفرة لزراعتها، كأراضي محافظة طولكرم، ومنها: دير الغصون، والمناطق المجاورة لها، والعمل على تحسينها من خلال بعض المدعمات، والسماد الذي يتم استيراده من إسرائيل، بكلفة باهظة يصل سعر الجالون الواحد 500 شيقل، عدا عن قرب طولكرم لمناطق عام 1948، ما جعلها من ضمن أكثر المحافظات الفلسطينية زراعة لهذا النبات المخدر.

ولفت إلى أن عمل الشرطة غير مقتصر على المستنبتات، بل في كل يوم يتم ضبط مواد مخدرة من داخل مركبات لمواطنين عبر الحواجز الأمنية، التي تقوم بها سواء في جنوب المحافظة، أو شمالها، أو محيطها، بناء على معلومات، أو بشكل اعتيادي.

وأشار إلى أن الشرطة تعاملت منذ مطلع العام الحالي مع 45 حالة من قضايا المخدرات في المحافظة، وبلغ عدد المتهمين فيها 56 متهما معظمهم من فئة الشباب.

وقال جبارة، إن القانون يجرم كل من يقوم بزراعة وترويج وتصنيع المخدرات، والحكم عليه بأحكام تصل إلى 10 سنوات.

وحسب قرار بقانون رقم (18)، لسنة 2015 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، فإن المادة 21 منه، تنص: بأنه يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار أردني لكل من زرع أي من النباتات التي ينتج عنها أي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو استورد أو صدر متل تلك النباتات، ولكل من أنتج أو صنع أي مادة مخدرة أو مؤثرات عقلية، ولكل من اشترى، أو باع، أو حاز، أو أحرز، أو خزن مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو نباتا من النباتات المنتجة لمثل تلك المواد، أو تعامل، أو تداول بها بأي صورة من الصور.

وشدد جبارة على أن الشرطة مجندة بكل عناصرها، للوصول إلى أي مكان توجد به مخدرات حتى لو كان في المناطق “ج” وكشف الخارجين عن القانون، ولا تتهاون مع أي معلومة تصلها، بل تتم متابعتها، والتوجه إلى المكان حتى لو كان البلاغ كاذبا، لأن هدفها هو حماية شعبنا وشبابنا من هذه الآفة الخطيرة مهما كلف الأمر.

وقال “نحن جاهزون، وهذا عملنا، لن نكل ولا نمل في مواجهة هذه الحرب، وسنكون لكل المروجين بالمرصاد أينما كانوا”، معتبرا أي إهمال في العمل سيؤدي إلى مرحلة خطيرة تتغلل إلى كافة المناطق، وبالتالي ازدياد عدد المدمنين على المخدرات.

وأضاف ان يدنا ستطال كل من يحاول أن يمس ويضرب أبناء شعبنا بهذه الآفة الخطيرة، مشيدا بسرعة الإنجاز من قبل إدارة مكافحة المخدرات في إلقاء القبض على المشتبه بهم، وضبط الأشتال رغم خطورة الوضع.

وحذر من خطورة انتشار المخدرات في المجتمع الفلسطيني، مؤكدا أن هذا الموضوع يحتاج إلى تعب وثقة المواطن، وجرأته في تبليغ الشرطة عن أي معلومة هامة قد تكون فيها الفائدة لمجتمعه.

وأوضح أنه يتم التعامل مع ملف مكافحة المخدرات بعدة طرق، ووسائل، ومنها: عملية التعبئة المجتمعية والتوعية ما بين المواطنين، وتوضيح المخاطر الصحية والطبية الناتجة عن التعاطي وذلك بإقامة الندوات التوعوية، بالتعاون مع الجامعات، ومدارس التربية والتعليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com