التأخر في الرد أبلغ من الرد ذاته…

بعد الاعتداء الغاشم على مطار “تي فور” في سورية قبل فترة قصيرة، وسقوط عدد من الخبراء والمستشارين الايرانيين العاملين فيه، توعدت ايران بالرد القاسي والمناسب على هذا العدوان، الذي يعتبر الأول من نوعه ضد ايران على الاراضي السورية. وتأخذ اسرائيل بمحمل الجد هذا التهديد الايراني، لأن ايران تفعل ما تقول، وتنفذ ما تقدمه من وعود، وفي الوقت نفسه لا تريد أن تعطي اسرائيل مجالا للقيام باعتداءات اخرى على التواجد الايراني الشرعي في سورية.

ومنذ العدوان وحتى يومنا هذا، الجهات الاسرائيلية المعنية تدرس ماذا ستكون طبيعة الرد الايراني، هل ينطلق من الاراضي السورية، أو من ايران، أو من احدى السفن الايرانية التي تبحر في احد البحار في منطقة الشرق الأوسط؟ وهل سيكون الرد الايراني مشتركاً مع الدولة السورية، لأن سورية معنية ايضاً بالرد على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، لوضع حد لها؟

اسرائيل مشغولة في تقييم وتوقع طبيعة الرد على عدوانها على مطار “تي فور” السوري، وهي تعيش حالة من القلق منذ اسابيع، لأن الرد الايراني قد يجبر اسرائيل على عدم السكوت، وبالتالي يتم جرّها الى حرب ضروس لا تعرف متى تتوقف او تنتهي، وستكون مكلفة جداً، وبخاصة اذا توسعت وشملت محور المقاومة كله، الذي لن يقف متفرجاً اذا كان الرد الاسرائيلي على الرد الايراني قاسياً وموسعاً وشاملاً.

وهناك قلق آخر داخل اسرائيل من أن الجبهة الداخلية غير مستعدة لحرب ضروس ومدمرة، وكذلك هناك تخوف أكبر مما هو قلق من أن هذه المواجهة، وحتى لو كانت محدودة ايضاً، قد تشجع عدداً كبيراً من الاسرائيليين على الهجرة المعاكسة، والعودة الى البلاد التي أتوا منها حفاظاً على حياتهم، وسعياً للاستقرار.

بالطبع فان ايران سترد على هذا العدوان في المكان والزمان المناسبين، وهذا ما تتوقعه القيادة الاسرائيلية، لذلك فهي تعيش حالة من القلق بسبب الحسابات والتوقعات، وحالة من اليقظة والاستعداد المتواصلة منذ أسابيع عديدة.

ان عدم الرد حتى الآن هو أبلغ وأكثر فاعلية من الرد اذا حدث، فعدم الرد يثير لدى العدو الاسرائيلي حالة من البلبلة والقلق أكثر من الرد الذي قد يتم استيعابه، وتهدأ الاوضاع وتعود اسرائيل الى ممارسة سياستها القائمة على العدوان والتوسع، وعلى التهديد والوعيد..

وكلما تأخر الرد، فان اسرائيل تدفع ثمناً لذلك، ويبدو ان القيادة الايرانية تدرك ذلك ، ولذلك فهي غير متسرعة في الرد، والأهم لديها ان تثير الرعب والخوف أطول مدة ممكنة قبل تنفيذ الرد العسكري على العدوان!

القدس / 27 نيسان 2018

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com