أبو مرزوق: استمرار العقوبات على غزة قد يؤسس للانفصال والوضع لا يحتمل الفراغ

غزة- البيادر السياسي:- قال موسى أبو مرزوق مسؤول مكتب العلاقات الدولية في حركة “حماس”  أن فكرة تشكيل إدارة جديدة لقطاع تمثل فيها كل المكونات، هي فكرة تؤسس لانفصال غزة عن فلسطين، وأن استمرار العقوبات على غزة قد يؤسس لمرحلة انتقالية من الانقسام إلى الانفصال، ومن سلطة واحدة إلى سلطات، وأن المصالحة الفلسطينية معطلة حتى ترفع العقوبات الظالمة عن غزة، والاعتقاد بأن الإجراءات العقابية ستخضع غزة “وهم كبير” وأن “هناك عدة حلول للخروج من الأزمة التي صنعها أصحاب القرار في السلطة”

 واعتبر أبو مرزوق، في حوار مع “القدس” أن أي فكرة لإدارة جديدة تمثل كل مكونات القطاع لإدارة غزة، هي فكرة تؤسس لانفصال غزة عن فلسطين، “وهذه رغبة صهيونية لا نريدها ونرفضها” لكن أبو مرزوق استدرك قائلاً: “لكن إذا تخلت السلطة عن مسؤولياتها في إدارة غزة، وهنالك 2 مليون إنسان، والوضع لا يحتمل الفراغ؛ فلابد من جهة تتحمل المسؤولية؛ خاصة إذا ما رفضت حماس أن تدير القطاع مرةً ثانية” وأضاف بأن: ” هذا يتطلب توافقًا وطنيًا عامًا في غزة”.

إلى ذلك كشف القيادي في “حماس” أن ملف المصالحة الفلسطينية متعطل، ولا جديد فيه الآن؛ وأن أي جديد في هذا الملف سيراه المواطن الفلسطيني بعد رفع العقوبات عن غزّة.

وقال أبو مرزوق: ” المطلوب فورًا من حركة فتح والسلطة الفلسطينية إنهاء العقوبات التي فُرضت على قطاع غزة، خاصة في مجالات الكهرباء، والمياه، وتخفيض رواتب الموظفين وإحالة بعضهم إلى التقاعد المبكر، ومساعدة الأسر الفقيرة، وإلغاء التحويلات المالية للمؤسسات والجمعيات والأفراد، والتضييق الشديد على الجمعيات الخيرية وغيرها من الإجراءات، وعليها التوقف عن سيل التصريحات السلبية المتعلقة بالمقاومة والتي تأتي استجابة للضغوط الأميركية أو الإسرائيلية” مضيفا: “كذلك مطلوب وقف الحملات الإعلامية المسممة للعلاقات الوطنية، والعودة إلى تطبيق اتفاقيات المصالحة بدون الضغوط التي أرهقت المواطن في غزة، اعتقادًا من أصحاب القرار في السلطة بأن هذه الطريقة هي الأنسب في إخضاع قطاع غزة وتبين لهم أن هذا وهم وأن هناك العديد من الحلول للخروج من الأزمة التي صنعوها، وأي جديد لا يعالج الأزمة لن يكسب النجاح”.

وحول التصريحات المتتالية من قيادات السلطة وحركة “فتح” في رام الله من أن حجر العثرة الرئيسي أمام المصالحة هو استمرار “حماس” في عدم تمكين حكومة الحمد الله في القطاع؛ وتحديداً في الجانب الأمني؛ وآخرها ما كان من تصريحات أدلى بها محمود الهباش مستشار الرئيس عباس للشئون الدينية؛ الذي قال بأن: ” حكومة الحمد الله لن تأتي إلى قطاع غزة، الا عندما تسيطر الأجهزة الأمنية الرسمية التابعة للسلطة الفلسطينية على القطاع، وحينها ستنحل كل المشكل؟ قال أبو مرزوق: ” نحن في حماس تعاملنا بمرونة عالية ومن طرف واحد، وكان قولنا وفعلنا واضحًا بأننا خارج معادلة الانقسام، وعملنا على تمكين حكومة الحمد الله بالرغم من عشرات الملاحظات الهامة حولها، وطالبنا الرئيس عبّاس بالقدوم لغزة، وأبدينا إيجابية عالية، دون اشتراطات، وغلّبنا مصلحة الشعب ومصلحة أهلنا في غزة على أي هدف آخر. وأي قضية كانت من الممكن أن تكون مثار شك، حاولنا أن نوضحها ونبيّنها بشكل واضح حتى لا يكون هناك لوم على الحركة وأي مطلب تقدمت به الحكومة؛ ساعدناها في تطبيقه، وهناك عشرات الأمثلة على ذلك، وهذا تم بشهادة الجميع بما فيهم أركان من السلطة وأعضاء في مركزية فتح، لكن لا يمكننا أن نقول بأن شعبنا قد غادر مربع الانقسام طالما لم تتلمس حركة فتح حاجة الشعب الفلسطيني، والسير قدما في المصالحة الفلسطينية”.

وواصل مسئول مكتب العلاقات الدولية في “حماس” حديثه لـ”القدس” بالقول ” الملف الأمني من أكثر الملفات الشائكة، نظرا لوجود مؤسستين أمنيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة بهياكل فيها بعض التمايز وعقيدة أمنية مختلفة، وقد شكّل الملف الأمني أحد أبرز الملفات التي تصدرت جولات الحوار مع حركة فتح بالقاهرة، وتتوافق حماس وفتح على حساسية الملف والعمل عليه بما يحتاج من وقت دون تسرع حتى لا تتأثر المصالحة به سلبا، ومع ذلك تجاوبنا مع حركة فتح بشكل يفوق ما التزمنا به في اتفاق القاهرة مايو/أيار 2011 وهو مرجع التفاهم الأخير مع حركة فتح، وأعتقد أن في اتفاقية 2011 ما يكفي ويلبي ما نحتاجه من تفاهمات، ونرفض أي تجاوز لهذه الاتفاقيات، وما نحتاجه هو التطبيق فقط وأن يمتنع البعض عن تصريحاته التي لا تخدم أحدًا سوى الاحتلال الإسرائيلي”

وأضاف أبو مرزوق: “قطاع غزة يعاني من العشرات من الأزمات فلماذا الإصرار على الملف الأمني طالما أن المواطن لا يشعر بأزمة تجاه هذا الملف؟ فإن كانت حركة فتح ترغب حقيقة في تجاوز الخلاف حرصًا على شعبنا الفلسطيني فعليها أن تبدأ من عشرات الأزمات وخاصة التي بيدها حلّها، لا أن تتذرع بملف الأمن والذي يشهد الجميع بأن حاله أفضل حاليًا من الأمن في الضفة الغربية. ولعل ما يطرحه بعض المسؤولين في الموضوع الأمني وهو وإن كان خارج الاتفاقيات الموقعة لكنه مطلب إسرائيلي وليس فلسطينيا وهنا خطورة الأمر، فموضوع سلاح المقاومة ليس مطلبًا فلسطينيًا ويحمله البعض بالنيابة عن الاحتلال بدون ثمن ولا يطرح بديلا في خدمة الحالة الوطنية وسيطرته على الضفة الغربية في هذا المجال فسلاح المستوطنين وسلاح الفلتان موجود في طول الضفة وعرضها فما هو موقفهم، والكل يعلم أن السلاح المسموح به في الضفة هو السلاح الإسرائيلي أو المقدم من الاحتلال”.

وحول تجاوز كل من “فتح” و”حماس” مسألة تفجير موكب رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله كما أعلن مؤخراً عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”؛ الدكتور صائب عريقات؛ قال أبو مرزوق: “بدايةَ استخدام العنف في الخلافات السياسية، أو لأغراض سياسية، أمر مرفوض، ومنبوذ في ساحتنا الوطنية، وهي المستهدفة بالدرجة الأولى بتكريس الانقسام ورفض المصالحة، والاستمرار بمعاقبة غزة. وحادث تفجير موكب الحمدلله جريمة، جزء لا يتجزأ من محاولات العبث بأمن القطاع، ويهدف لضرب أي جهود لتحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة، ونحن عبّرنا عن إدانتنا للحادث، وبالقدر نفسه الذي نستنكر فيه هذا العمل الجبان، نستنكر الاتهامات لحركة حماس بأنها كانت خلف هذا الحادث الإجرامي والمدان، بالرغم أن المعلومات التي عرضناها للرأي العام الفلسطيني، والتي أطلعنا عليها المخابرات المصرية والفصائل الفلسطينية وعددا من الدول، تشير إلى أن مجموعة من المتشددين يقفون خلف التنفيذ بتوجيه من جهات أمنية تتبع لرئيس الوزراء ذاته، وهي جريمة وطنية؛ وهذا التفجير ليس تفجيراً أمنيا، بل تفجير سياسي بامتياز”.

وواصل القيادي في “حماس” القول: ” لكن يبدو أن الجهات التي تقف خلف التفكير والتخطيط والتنفيذ مازالت تقف خلف رفض المضي قدمًا بالمصالحة الفلسطينية، وما فشلت بتنفيذه بالطرق الخشنة مازالت تعمل عليه في الغرف المغلقة. وبالمناسبة نحن عرضنا على السلطة المشاركة في التحقيقات منذ بدايتها لكنهم رفضوا ذلك؛ كما طلبنا مساعدتهم في استخراج المعلومات من شرائح لم تنفجر وكانت معدة لذلك ورفضوا تقديم أي مساعدة. والملاحظ والمراقب يجد أن الهجوم على الحركة بدأ بعد دقائق من التفجير وبشكل يوحي بأنه معد مسبقًا لذلك”.

وحول خطوة الحكومة الفلسطينية في رام الله مؤخراً من صرف نصف رواتب موظفيها في قطاع غزة شدد أبو مرزوق على أن “أموال الشعب الفلسطيني هي للشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني واحد مهما اختلفت أماكن تواجده، وإن خلافه السياسي مع حماس يجب أن يتجاوز حدود الخلاف السياسي أو حركة حماس، ونحن سنعمل كل جهدنا لإعادة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة” وأضاف أبو مرزوق “هذا التصرف وغيره قد يؤسس لمرحلة انتقالية من الانقسام إلى الانفصال ومن سلطة واحدة إلى سلطات وهو سلوك غريب لا يتسم بالحكمة والمسئولية. وبصراحة شديدة أنا متعجب من بعض إخواننا الموظفين أنفسهم الذين يقبلون بهذا الفعل ولا يقاومونه”.

وحول البدائل والخيارات لديهم في “حماس” حال استمرار هذا الوضع واستمرار الإجراءات التي اتخذها الرئيس عباس في غزة؛ في ظل هذا الحصار الخانق الذي يطال غزة، كشف أبو مرزوق بأن: “الخط الاستراتيجي الذي تسير “حماس” عليه هو مصلحة شعبنا، وسندور حيث تدور مصلحة شعبنا الفلسطيني، وسنتعاون مع الفصائل الفلسطينية ومكونات الشعب الفلسطيني للخروج من هذه الأزمة لإيجاد بدائل تُخفف من حدتها، ونحن لسنا عاجزين. وسندرس كل الاحتمالات الممكنة والإجراءات المناسبة لهذه الاحتمالات، ولا نقبل أن يبقى أهلنا في غزة على ما هم عليه من تأزم، وصبرنا على الوضع الحالي له حدود. وخياراتنا مفتوحة ولكن ليس من ضمنها جلب الاحتلال وسياساته لغزة كما في الضفة وإستراتيجيتنا في الأساس تقوم على تحرير الضفة والقدس من الاحتلال وكسر الحصار عن غزة وكلنا يقين من المستقبل، ولا نشكك ولو بدقيقة واحدة بأننا منتصرون وحالة عدم اليقين في المستقبل عند أعدائنا هي السمة الأبرز في هذا الصراع.

وعن فكرة تشكيل هيئة من مكونات قطاع غزة على أسس مهنية وتمثل الجميع، لإدارة غزة، وعن مدى وصولهم في قيادة “حماس” لتقبل هذا الطرح؛ وهل هناك قناعة باتت لدى “حماس” بانها أصبحت عاجزة عن إدارة قطاع غزة، أوضح أبو مرزوق أن: ” الأسباب التي أعاقت حماس من القيام بمهامها في قطاع غزة هي أسباب موضوعية تسببت بها أطراف خارجية، حيث أعاقت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة فتح وزراء الحركة من القيام بمهامهم ومن ثمّ أفرغت حركة فتح القطاعات العامة من موظفي الوظيفة العمومية، وفرض الاحتلال وجهات إقليمية حصارًا وحشيًا على قطاع غزة، وفرض المجتمع الدولي عقوبات قانونية وسياسية وأمنية ومالية على الحركة وقيادتها، وشنّ الاحتلال ثلاثة حروب قاسية في سبع سنين، وكل ذلك رغبة في إفشال حماس في الحكم، ولو أن دُولا بموارد وسيادة تعرضت لما تعرّضت له حماس لفشلت خلال شهر واحد، ومع ذلك صمدنا وقدمنا نجاحات متعددة. ولم ينهار أي قطاع بل وجرى بعض التحسينات لقطاع التعليم خاصة التعليم الجامعي، وتم تأسيس عدد من الجامعات منذ عام 2007. بالإضافة لقطاع الصحة الذي شهد مضاعفة في عدد المستشفيات، وقطاع الأمن؛ حيث تستطيع أن تقارن بين الأمن في القطاع منذ 1994 وحتى 2006 وبين الأمن منذ 2006 وحتى اليوم وهما فترتان متقاربتان، قرابة 12 سنة. أما فكرة إدارة أو صيغة تمثل كل مكونات القطاع لإدارة غزة فهي فكرة تؤسس لانفصال غزة عن فلسطين وهذه رغبة صهيونية لا نريدها ولكن اذا تخلت السلطة عن مسؤولياتها في إدارة غزة وهنالك 2 مليون إنسان والوضع لا يحتمل الفراغ فلا بد من جهة تتحمل المسؤولية خاصة إذا ما رفضت حماس أن تدير القطاع ثانية وهذا يتطلب توافقا وطنيا عاما في غزة”.

وعن استمرار الأوضاع المعيشية الصعبة لأهالي قطاع غزة وما صاحبها في الآونة الأخيرة من سوء إدارة توزيع المساعدات المقدمة لمواطني غزة أو بيعها في الأسواق؛ كما يتحدث البعض؛ قال أبو مرزوق: “كل المساعدات الإنسانية الخارجية التي تأتي إلى قطاع غزة يتم تحويلها فورًا إلى جهات الاختصاص سواء كانت وزارة الصحة أو الشؤون الاجتماعية أو محطة الكهرباء وغيرها، إلا أن البعض يصطاد في الماء العكر ويستهدف إثارة الرأي العام وتضخيم الأمر لاستهداف الحركة، ومن ذلك ما حدث مع مثلجات حرب، الذي قبل أن يحتفظ باللحوم المثلجة المقدمة كمساعدات للمواطنين في ثلاجاته الخاصة لوجود قدرة استيعابية لديه واستغلال أحد المواطنين الأمر لإظهار المساعدات أنها تُباع في الأسواق وهو أمر عارِ عن الصحة، إضافة إلى ان بعض المواطنين بحاجة إلى مساعدات مادية وليس مساعدات عينية لذلك يقوم ببيع ما يصلهم من مساعدات عينية؛ ولذلك نجدها في الأسواق، وهذا الأمر معروف لأهل غزة ولا يحتاج لتوضيح. الأمر الآخر أن بعض الحملات الإنسانية تزامنت مع حملات إعلامية ضخمة تجاوزت حجم الحملة ذاتها ما ولّد شعورا لدى المواطن بأن هنالك جزءا من المساعدات يتم اختلاسها، ومن ذلك حملة إفطار مليون صائم، وحقيقتها أنها عبارة عن 30 ألف طرد غذائي، وكل طرد يكفي لخمس أشخاص، وليس مليون طرد غذائي، وبكل الأحوال فإن أي عمل في المجال الإنساني يصاحبه أخطاء وهذا يجب أن لا يؤثر على الصورة الكلية للجهود الضخمة المبذولة في هذا السياق”.

وعن الاستمرار في حراك مسيرات العودة، وما إذا كانت هذه المسيرات قد حققت الأهداف المأمولة منها؟. وإلى متى ستبقى مستمرة؟ أجاب أبو مرزوق: “نحن نتوقع تحرك العالم أمام آلة الظلم والعسف الصهيونية لمواجهة الحصار والقتل والدمار، وتذكير العالم بأن هناك قضية لاجئين يحاول البعض طمس معالمها وإلغاء مؤسساتها، وأن هناك أجيالا لن تنسى وطنها وتريد العودة وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، والفصائل المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية والمخاتير والشخصيات ذات الوزن كلهم جزء من هذا الخيار، وهم المحركون الأساسيون لهذه الجماهير، ويجب أن يكون الحراك شاملا لكل مناطق تجمّع الفلسطينيين، واستمرارها يعزز فرص نجاحها، وبلا شك أن تصعيد جيش الاحتلال لعدوانه واستهدافه للمدنيين والمواطنين العزل رغبة في قطع الطريق عليهم ، ولكن إصرارنا وفاعلية الحراك وتقديمنا كل يوم جديدا فيه حتى نرسل للعالم كله أننا نملك الخيارات ونملك الإرادة التي تحقق المعجزات وأن الوطن يستحق منا الكثير. ولاستمرارية هذه المسيرات وهذا الحراك؛ ولتحقيق أهدافها نحن بحاجة إلى تحرك جماهيري في الضفة الغربية. وباختصار فإن أهداف المسيرات الشعبية هي

1- مشكلة اللاجئين الفلسطينيين لازالت قائمة ولا يمكن تجاوزهم بفرض حلول عليهم.

2- إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وهو دافع مهم للجماهير لكسر الحصار وفتح المعابر.

3- عدم تمرير صفقة القرن والتأكيد أنه لا يمكن فرض صفقات ضد إرادة الشعب الفلسطيني، وحقوقه محفورة في الوجدان، وعلى رأسها حق العودة.”

4- رفع الإجراءات العقابية على قطاع غزة، وكلنا أمل أن شعبنا سيستمر حتى تحقيق آماله بإذن الله”.

وعن التناحر الفصائلي في تبني شهداء مسيرات العودة، وهو ما يسئ للصورة الجمعية للنضال الفلسطيني؛ وآخر هذا ما حدث من إلغاء ونقل لتأبين الشهيدة الممرضة رزان النجار؟ قال ابو مرزوق: “هذه قضية قديمة متجددة في المجتمع الفلسطيني، ومردها وجود تباين في الانتماءات التنظيمية في العائلة الواحدة، كأن يكون الشهيد منتم لفكر أو تنظيم معين وعائلته لتنظيم آخر، وأي خلافات يتم حلها في الإطار الوطني، وقد نجحت حركة حماس والفصائل الفلسطينية بتجاوز الخلاف الذي حدث في عزاء الشهيدة الممرضة رزان. وكانت قد حدثت من قبل في عدة أماكن، وبالنسبة لما حدث مع عائلة الشهيدة رزان الخلاف الأساسي كان بين فتح أبو مازن وفتح دحلان؛ وتم الاتفاق على أن يكون تبني الشهيدة من قبل الهيئة الوطنية، وفي التأبين تم مخالفة الاتفاق من الإخوة في حركة فتح مما أسس مشكلة داخل العائلة نفسها؛ وعلى العموم تم تجاوز هذه الحادثة ونأمل في أن لا تتكرر بعد ذلك”.

وحول التهديدات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية وللرئيس عباس باقتطاع أموال الضرائب الفلسطينية وتحويلها للمستوطنات الإسرائيلية لتعويضهم عن خسائرهم التي تسببت بها حرائق الطائرات الورقية التي يرسلها معتصمو مسيرات العودة؟ أجاب أبو مرزوق: “هذه الأموال حق للشعب الفلسطيني ولا يحق للاحتلال التصرف بها بأي حالِ من الأحوال، وهنا نضع اللوم أيضًا على الاتفاقيات التي كبّلت بها السلطة الفلسطينية نفسها كبروتوكول باريس، وهذه دعوة لإنهاء هذه الاتفاقيات فهي لا تلبي الحد الأدنى من طموحات شعبنا، وأما الطائرات الورقية فهي نشاط مقاومة يقوم به الشبان والصبية الفلسطينيين وهي مستمرة ولن يوقفها تهديدات الاحتلال “.

وحول خشية البعض من حرب ومواجهة عسكرية يرونها تلوح بالأفق على قطاع غزة، والبعض توقع لها بأن تكون في أغسطس/ آب القادم. أوضح أبو مرزوق: ” بأننا كشعب فلسطيني ضحية آلة القتل والإبادة والتطهير العرقي الممنهج منذ الهجرات اليهودية إلى فلسطين وتشكيل العصابات الأولى للاحتلال الإسرائيلي، ورفضنا الخضوع للاحتلال وإملاءاته، وراكمنا القوة بفضل الله أولاَ، ومن ثم بجهود أبناء شعبنا المقدام، ودعم الشعوب والحكومات الحرة التي أمدتنا بالسلاح وبالمال وبالدعم السياسي. الحروب والقتال بحد ذاته ليس غاية أو قيمة لدينا، وحماس ليست مُسعرة حرب لأهوائها، وإنما تُراعي مصلحة الشعب الفلسطيني الحاضن الأول للمقاومة، ومراعاة الأبعاد الإقليمية والدولية، ومع ذلك كنا في جميع جولات الصراع ضحية غدر وعدوان، وفي المعارك التي خضناها أحبطنا فيها بعون الله أهداف الاحتلال وبقينا صامدين محافظين على ثوابتنا، وإذا ما فُرضت علينا الحرب مجددا فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنتصدى لها بكل بسالة”.

وحول اقتراب طرح صفقة القرن الأمريكية؛ وما إذا كان هناك حل إقليمي قريب للقضية الفلسطينية؛ بين أبو مرزوق بأن: ” الإدارة الأمريكية الحالية تنوي طرح خطة سلام جديدة، إلا أن تطبيقها بدأ فعليًا؛ ومن ذلك نقل السفارة ومحاولات تصفية ملف اللاجئين الفلسطينيين، ولها فإن هذه الخطة تتسم بأن تطبيقها يتزامن مع بلورتها، وهي في نفس الوقت لم تكن مطروحة في الإدارات الأمريكية السابقة، وتخالف القوانين والقرارات الدولية، خاصة في قضيتي القدس واللاجئين والحدود وقضايا الحل النهائي، وهم الآن يحاولون تحويل الصراع العربي-الإسرائيلي إلى صراع عربي-ايراني واللعب بالاستقرار الداخلي للدول والفتن البينية بين دول المنطقة لتدفعها للهرولة لنيل الرضى الأمريكي من البوابة الإسرائيلية، مما أتاح للولايات المتحدة فرصة نادرة لفرض أجندتها في المنطقة، ونحن نرفض هذه الصفقة بالكلية، والحراك الشعبي متمثلًا في مسيرة العودة الكبرى أحد أوجه الرفض لهذه الصفقة. وعلى كل حال يبدو لي أن صفقة القرن قد تأجلت لأسباب موضوعية أهمها:-

1- الرفض الفلسطيني الشامل فلا تكاد تجد فلسطينيًا مع الطرح الأمريكي.

2- عدم رغبة الإسرائيليين بالالتزام بأي اتفاق مكتوب في الصراع خاصة وأن الأوضاع في المنطقة تساعدهم على التصرف بحرية وبدون التزامات.

3- انشغال ترامب بمسائل بعيدة عن الشرق الأوسط سواء كانت داخلية أو في جنوب شرق آسيا أو إيران.

4- ندرة الحلفاء الذين يشاركون الإدارة الأمريكية رؤيتها للشرق الأوسط.

وحول الجديد في العلاقات مع إيران في ظل التباينات العربية الإيرانية في المنطقة، وآخرها ما كان من تصريحات للمرشد الأعلى خامنئي الذي اتهم الدول العربية بأنها تعمل ضد مصالح شعوبها؟ وأين يجدون أنفسهم في “حماس” في ظل هذا الاستقطاب العربي – الإيراني، قال أبو مرزوق: “هناك قواعد حددتها الحركة لنفسها للعلاقة بينها وبين الدول؛ لا تتجاوزها، وهي عدم التدخل في شؤونها الداخلية، وأن لا تكون علاقاتنا بأي دولة على حساب علاقاتنا بدولة أُخرى، ولا شأن لنا بعلاقات الدول البينية بعضها مع بعض، و مصلحتنا الراجحة في العلاقة هي التركيز على قضيتنا الوطنية، وأخيرًا إن صداقتنا وتحالفاتنا مع أي دولة ليس معناها، التطابق في المواقف والسياسات بيننا. وعليه نحن مع إيران في تأييدها للمقاومة الفلسطينية، ولا تتطابق سياساتنا معها في الملفات الأخرى، وإن بوصلتنا دائمًا هي فلسطين، ونصطف مع من يصطف بجانب فلسطين دون تأييده في قضايا خلافية أو بينية مع الآخرين، وعلاقاتنا مع إيران لم تنقطع، هناك مساعدات حقيقية تقدمها إيران للمقاومة الفلسطينية، وهذا الأمر لم يتأثر إذا ما تباينت المواقف السياسية. ومصالح إيران كما يُنظر إليها بأنها طائفية فإن الأحداث الأخيرة حيث تحالف البعض مع إسرائيل ضد إيران ولم تكن إسرائيل سنية وإيران شيعية عند إبرام هذا الحلف السيئ، نحن ضد أي تدخل في شؤون العرب الداخلية، ونرفض أي حلول خارجية لمشاكلنا العربية، ونحن حركة جماهيرية في الأساس ننحاز إلى خيارات الشعوب، والأصل أن الشعوب هي صانعة الحكومات، ونريد أن يجتمع الجميع حكومات وشعوبا على قضيتنا. كما أن الموقف السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو الأعلى ضد عدونا الصهيوني، فهي سحبت اعتراف إيران بإسرائيل، وأعطت السفارة الصهيونية للفلسطينيين وحوّلتها إلى سفارة فلسطين، وهي مع إنهاء الكيان الصهيوني، إذ تسميه غدة سرطانية، كما أنها تدعم كل المقاومين في مواجهة الكيان، وحماس في مقدمة من تقدم لهم الدعم، ولعلها متفردة في هذا الموقف بين دول المنطقة. كما أن العديد من الدول تتسابق لإقامة علاقات مع الاحتلال، أما إيران، فترفض. أما ما يدور من أحداث داخلية في بلاد العرب وخاصة الحروب الأهلية والاشتباكات الداخلية وتدخلات الدول، فنحن لا نقرها، ولا نوافق عليها، وندعو لحل سياسي لكل هذه المشكلات، ونبذ استخدام السلاح، وتدخل الدول الأخرى في شؤون الدول العربية، وهذه سياسة واضحة، ودفعنا ثمنا لهذه السياسة التي لم تتغير”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com