أمريكا وإسرائيل ومشروع مساعداتهما المشبوه لغزّة/ د. كاظم ناصر

منذ ما يزيد عن الثلاثة أشهر بدأت أمريكا وإسرائيل تعزفان على وتر ” المساعدات الإنسانيّة لقطاع غزة “؛ لقد نظّم الطرفان مؤتمر واشنطن الذي انعقد بتاريخ 13-3-2018 لمساعدة غزة، وحضرته الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول الأوروبية والعربية، وقاطعته السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، وسيزور وفد أمريكي يتألف من جاريد كوشنر كبير مساعدي الرئيس الأمريكي، وجيسون غرينبلات المبعوث الخاص للاتفاقيّات الدولية، الأردن وإسرائيل والسعودية وقطر ومصر، خلال هذا الأسبوع لبحث اعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وبحث مشروع مساعدات غزّة.

وتفيد بعض التقارير الصحفيّة أن الولايات المتحدة تسعي لإقناع دول خليجيّة باستثمار ما بين 500 إلى 1000 مليون دولار لتنفيذ مشاريع اقتصاديّة وإصلاح البنية التحتيّة في القطاع، وإن إسرائيل ستشارك في هذه الجهود؛ فقد ذكرت صحيفة هآرتس بتاريخ 18- 6- 2018 أن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قال إنه ” لا يستبعد تقديم مساعدات لغزة .”

الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان على إنجاح هذا المشروع لقناعتهما أن استمرار الوضع المأساوي في غزّة .. لا يخدم .. إسرائيل، بل إنه يزيد من عزلتها الدولية، ويساهم في تكريس سمعتها كدولة تمييز عنصري، وقد يؤدي إلى انفجار شعبي يعزز المقاومة ويجعل من القطاع حاضنة للجماعات الإسلامية المتطرّفة، وتكون نتائجه خطيرة على أمن إسرائيل واستقرار مصر ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة؛

 إضافة لما سبق، فان تحويل معاناة غزة إلى قضية إنسانية يخدم إسرائيل لأنّه يكرّس الاحتلال، ويدعم الانقسام، ويقوّض المشروع الوطني الفلسطيني، ويقضي على حلم إقامة الدولة المستقلة في شطري الوطن، وقد يوقف مسيرات العودة، ويفتح الطريق لإقامة كيان سياسي مستقل في القطاع أو ضمّه إلى مصر.

الولايات المتحدة ألأمريكية لا تهمها غزّة ومعاناة أهلها؛ ما يهمها هو حماية إسرائيل، والمحافظة على مصالحها في المنطقة؛ إذا كانت الولايات المتحدة صادقة وجادّة في نواياها لحل مأساة غزّة، فلماذا لا تضغط على إسرائيل لتخفيف حصارها للقطاع؟ ولماذا لا تضغط على الحكومة المصرية لإبقاء معبر رفح مفتوحا؟ ولماذا خفّضت دعمها المالي للسلطة الوطنية ومنظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين؟ ولماذا تستخدم حق النقض لإفشال أي قرار دولي لصالح غزة والقضية الفلسطينية؟ ولماذا تدعم جرائم إسرائيل ضدّ الفلسطينيين الذين يشاركون بمسيرات العودة السلميّة؟ ولماذا لا تعمل بنزاهة وحياد للتوصّل إلى حلّ دائم منصف للصراع؟

 مشروع أمريكا لتقديم مساعدات إنسانيّة لقطاع غزّة لا علاقة له بالإنسانية؛ المشاعر الإنسانية لا وجود لها عند ترامب واعضاء إدارته عندما يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني! هذه مؤامرة أمريكية إسرائيلية مدعومة عربيا لفصل غزة عن الضفة وتصفية القضية الفلسطينية، وإقامة تحالف أمريكي صهيوني عربي هدفه مواجهة إيران وحماية بعض الأنظمة العربية.

– كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com