كاهنان جديدان في البطريركية اللاتينية: عامر جبران وطوني حايين

 الناصرة – البيادر السياسي- من  أبو أنطون سنيورة – استهلت البطريركية اللاتينية احتفالاتها بالرسامات لهذا الصيف، بالسيامة الكهنوتية للشماس عامر جبران والشماس طوني حايين في بازيليك البشارة، في مدينة الناصرة، بقداس ترأسه المدبر الرسولي رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا.

وشارك في الاحتفال النائب البطريركي في الناصرة الأب حنا كلداني، ورئيس المعهد الإكليريكي البطريركي الأب يعقوب رفيدي، ولفيف من الأساقفة والكهنة، والشمامسة، والرهبان والراهبات، وفرسان القبر المقدس، وطلبة المعهد الإكليريكي، وأسر الكهنة الجدد، وحشد من الحضور من مختلف مناطق ورعايا الأرض المقدسة، لاسيما من الرينة وحيفا.

المناداة

وبعد إعلان الإنجيل المقدس حول البشارة من قبل الشماس الإنجيلي فراس عبدربه، المُسام قبل أسبوع، نادى رئيس المعهد أمام الجماعة المؤمنة: “فيتقدم طالبا الرسامات الكهنوتية”، ليجب من بعدها الشماسان: “هاءنذا”، معلنان صراحةً رغبتهما بنيل نعمة الكهنوت. ليتابع الأب يعقوب مخاطبًا رئيس الأساقفة: “إن أمنا الكنيسة المقدسة ترغب إليك أن ترسم أخوينا هذين كهنة”. ليجيب مترئس الاحتفال: “وهل أنت على يقين من أنهم أهلٌ لذلك؟”، ليجيب: “بعد الاطلاع على رأس الشعب المسيحي، وبناءً على شهادة من يعنيهم الأمر، أشهد أنهما أهلٌ لدرجة الكهنوت”.

هذه هي حياتكم ودعوتكم

وألقى النائب البطريركي في الناصرة عظة الاحتفال، وقال فيها: “إنها لنعمة من الله أن تتم الرسامات الكهنوتية في رحاب بازيليك البشارة، في مكان التجسد. وبعد إصغائنا لنصوص الإنجيل المقدس، لتعلمنا ما هو أساسي في إيماننا المسيحي، ونستطيع القول أن إيماننا يختصر في كلمة واحدة هي في الـ’نَعَم‘، وتدور محبتنا ورجاؤنا في فلك هذا النَعَم. فهنالك نَعَم الله، ونَعَم الإنسان”، مشددًا إلى أن هذه النَعَم هي دليل الحب الإلهي والوصل الذي لا يزول، وهي الأمانة الإلهية لحب الإنسان، وهي نَعَم مطلقة كاملة، وينتظر الله الجواب من الإنسان بنَعَم مثلها وعلى غرارها.

وأضاف مخاطبًا الكهنة الجدد: “أنتم اليوم هنا، وقد أتيتم بقناعة كاملة، وبدون شروط، وبفرح عارم، لتقولوا نَعَمًا لله، كتلك النَعَم التي قالتها العذراء في بيت الناصرة لحظة البشارة. أنتم هنا بكل إرادتكم، وبدون خشيةٍ وتردد، وتشرعون في مغامرةٍ لا تعرفون خواتمها، ولكنكم تنطلقون وتعيشون في قلوبكم، ما يدفعكم إلى إعلان رغبتكم في التكريس الكهنوتي بكل الفرح والسرور. وكانت نَعَم الله عبر تاريخ الخلاص النَعَم الكاملة الإيجابية دون شروط؛ هكذا نَعَمَكم أنتم: النَعَم التي تقولونها هي نَعَم دائمة غير مشروطة، لا بمالٍ ولا بمنصب ولا بجاهٍ. هي الجواب الكلي على حب الله. فحافظوا على هذه الحرية والطوعية حتى في اللحظات الصعبة”.

وتابع النائب البطريركي: “إن نَعَم مريم تعني الانفتاح على نداء الله، وهذا الانفتاح هو أساسي في الحياة المسيحية. والكاهن بالدرجة الأولى هو شخصية منفتحة غير مغلقة، أو مكتفٍ ذاتيًا من نفسه، وليس إنفراديًا، ولكنه ذاك الشخص القابل للقاء والتلاقي والاستقبال. كما أن النَعَم الإلهية تمر من خلال الإصغاء، ففيه نفهم وندرك ما يريده الله من الكهنة، فتفنى الأنا التي تريد أن تقود حياتنا، ليظر الله في طريقنا ممتلكًا دفّة الحياة في نفوسنا. هذه هي حياتكم ودعوتكم أيها الكهنة الجدد”.

نعم، بعون الله، نريد…

وبعد العظة، قام الشماسان عامر وطوني بالتقدم أمام مذبح الرب، للإجابة على الأسئلة التي طرحها رئيس الأساقفة بـ:’نعم؛ بعون الله نريد‘، دلالةً على رغبتهم الحرة والواعية على نداء الله لهم، بالطاعة للأسقف والعمل في سبيل الجماعة المؤمنة، من خلال الأسرار المقدسة، سيما سر الشركة (الإفخارستيا) وسر المصالحة.

“لنجثو خاشعين”

واستقلى الشماسان عامر وطوني على الأرض، رمزًا إلى الموت عن حياتهما السابقة، ولبدء حياة جديدة تكون فيها التضحية العنوان الأبرز، ومن خلال أعمالٍ تساهم في بناء ملكوت الله على الأرض، “وهكذا يتحوّل الموت إلى نبع حياة لا ينضب، وخصبًا بثمر وفير”، كما قالها موجّه الاحتفال الأب بشار فواضلة. وخلال هذه اللحظات، تم رفع طلبة القديسين، علامة على اتحاد كنيسة الأرض مع كنيسة السماء” في الصلاة من أجل الشماسين.

علامة التكريس منذ البدء

وقام رئيس الأساقفة والكهنة معًا بوضع أيديهم على رأس الشماسين، وهي العلامة المعتمدة في الكتاب المقدس، منذ بدء الكنيسة، لطلب نعمة الروح القدس الذي يسم بوسمه وبمواهبه السنية وثماره كلّ من يكرس حياته منقادًا له، فيغدو بهذا الختم كاهنًا للمسيح والكنيسة.

الحلّة الكهنوتية وتقدّمة الشعب

وقام الشماسان بعد ذلك، وبمساعدة اشبينيهما، بارتداء الحلّة الكهنوتية، التي ترمز مع بطرشيلها إلى المشاركة في السلطة الكهنوتية الممنوحة من رئيس الأساقفة. ودهن المطران بيتسابالا يدي الكاهنين الجديدين بزيت الميرون، قائلاً: “ليحفظك يسوع المسيح الذي مسحه الآب بالروح القدس والقوّة، فتقدس الشعب المسيحي وتقدم الذبيحة الإلهية”.

كما قدّم رئيس الأساقفة بيير باتيسالا بيتسابالا الخبر والخمر إلى الكاهنين الجديدين، وقال لكل منهما: “إليكَ تقدمة الشعب المقدس لتقرّبها لله؛ تنبّه لما أنت صانع، واقتدِ بما أنت متمم، وليكنّ الرب في سيرة صليبه قدوة لحياتك”.

فاح عبير ميرونكِ يا كنيسة القدس

وعلت من بعدها التصفيق والتهاني للكاهنين الجديدين، وقال على إثرها الموجّه الأب فوضلة: “مبروك للأب طوني حايين، ومبروك للأب عامر جبران، أيتها الكنيسة المقدسة – القدس، يا أمنا الحبيبة، لا تزالين في ريعان شبابكِ دائمًا. تهللي وانشري الزغاريد والأناشيد. ها أنتِ تليدين اليوم، كما في الأمس، وفي المستقبل، كهنة جدد، رسلاً جدد، للمحبة والحياة، فرسانًا جددًا منطلقين للعمل في حقل الرب والكنيسة. فقد فاح عبير ميرونكِ المقدس، وأعطى هذه الثمار”.

فخورون بهذه النعمة

وفي ختام القداس، ألقى رئيس المعهد الإكليريكي كلمة قال فيها: “كم هي جميلة فرحة الكهنوت، وكم هي عظيمة رسالة الكاهن. نحن فخورون بهذه النعمة المقدسة التي خصّ بها الله كنيسة القدس”، طالبًا من الحضور “رفع الصلاة للكاهنين الجديدين، بقلبٍ واحدٍ ونفسٍ واحدة، كي يتمثلا بيسوع الكاهن، فيكون كل منهما سعيدًا في فقره، عفيفًا في عاطفته، ملتزمًا في حديثه، حكيمًا في تصرفاته، مطيعًا لرؤسائه، ولينًا في طباعه”.

وأضاف الأب يعقوب: “الكاهن ليس المركز في الكنيسة، إنما يسوع في المركز. الكاهن هو أداة طيعة لتجسيد حضور الله في كنيسته وحقله المقدّس. بالرسامة لم نختم الكهنوت، بل نبدأ رسالة الحب، ومغامرة الاتباع، ومسيرة الخدمة، والتقديس والرعاية والتعليم”، مقدّمًا الشكر لجميع المشاركين والحضور باسم عائلة المعهد الإكليريكي في بيت جالا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com