يَعْصِرُونَ  ويُفْتَنُونَ /  د.جمال عبد الناصر محمد أبو نحل

تمُر اليوم الأمة العربية والإسلامية، ومعها القضية الفلسطينية، بأصعب وأخطر مراحلها علي الإطلاق، مخاطر محُّذِقه بنا، ومؤامرات تواجهها وتحديات تأتي من كل حدبٍ وصوب، والشعوب تعيش في تيهٍ وضياع، كمن يقع في دوامة البحر تلف به وتدور وهو لا يدري أين ينتهي الّمطافُ بهِ؛ هل إلي الغرق، والموت؟، أم إلي النجاة بإعجوبة!؛ وأصبح اليوم حتي الحليمُ حيراناً!، فبعد انتهاء مرحلة الخلافة العثمانية، وبعد تقسيم الوطن العربي عبر اتفاقية (سايسك بيكو)، لعدة دويلات وبعد وعد بلفور المشؤوم، وصولاً إلي  الربيع الدموي العربي المأزوم، والذي تسبب بدمار الدول العربية، والهجرة لكثير من العقول  العربية للغرب، أو الهجرة لدول الاتحاد الأوروبي من المواطنين العرب والمسلين هروباً من الحروب والدمار والقتل والضياع، والفتن والفقر والجوع، وبحر الدموع والأحزان، ليقاسوا مرارة الغربة في المهجر؛ وحِّلكة لياليها، وقهر الذوبان، والانصهار في مجتمعات أجنبية لها عاداتٍ وتقاليد غريبة الأطوار عنهم؛ وتستمر الأمة العربية والإسلامية في خسارة شبابها، وأعظم خيراتها وهو الإنسان العربي؛ ويستمر العالم العربي في صراع ودوامة الحروب والفتن، والقلاقل والأزمات، وتشتد عليه الخطوب والمحن، وتكثر الفتن!؛والتي جنيناها بأيدينا وبأنفسنا، وكنا سبباً فيها؛ علي الرغم من أنها بالأصل، منبعها وتخطيطها صناعة أمريكية غربية صهيونية بامتياز؛ ولكننا السبب الرئيس!؛ ولا ولن نُبرأ أنفسنا الأمارة بالسوء مما نحن فيه من مصائب وفتن، فذلك بما كسبت أيدينا!، فطالما أننا مسلمين بالهوية فقط!، ولم يدخل الإيمان في قلوبنا؛ ونعتقد أن الإسلام هو فقط صلاة وعبادة وصوم وحج وزكاة فقط؛ فلن يتغير حالنا إلي الأفضل طالما أن الأخ يحارب أخاه، والابن يعُق أباه، وبعض الآباء يعقون أبنائهم ويكونون ظالمين لهم، وطالما أن الجار لا يحترم جاره، ويعتدي عليه!، وطالما أن الغش سبيلنا!؛ والمال والدنيا والمناصب أسمي أمانينا، والظلم ذُرة التاج في بلادنا العربية؛ والرعية كٌل في فلك يسبحون، وكُلٌ يُغني علي ليلاه؛ ولا يحب أحدنا لأخيه ما يحبه لنفسه، ونحقد، ونحسد ونغتاب!؛ وشوارعنا غير نظيفة!، وكلنا تعلمنا وعلمنا “أن النظافة من الإيمان”!؛ وطالما أن الدول العربية والإسلامية ممزقة الأوصال مشتتة الأفكار، مسلوبة الإرادة؛ والحقد والخلاف والضغينة والقطيعة بينهم سيدّ الموقف فلن نري النصر علي أقل تقدير في الوقت الراهن لأننا لم ننتصر علي شهواتنا ونزواتنا وغدراتنا وفجراتنا!؛ ولم نكُن عباد الله إخوةً متحابين!، ولم نكن متسامحين!؛ فالدول العربية تحارب بعضها بعضاً ويمكرون لبعضهم البعض؛ والغرب يُنمي ويعزز الضغينة بينهم “”سياسة فرق تّسُدّ””، والكل متمسك بكرسي الحكم وكأنه جنة الخلد ومُلكٍ لا يبلي!!؛ فيا أُمة العرب والمسلمين يا من كنتم خير أمُةٍ أُخرجت للناس بسبب أمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر؛ حينما أصبحتم لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر، ولا تؤمنون بالله حق الإيمان!، وهانت عليكم أنفسكم، فأصبحتم مُهانين بأعين العالم تُستباح الحرمات؛ والأقصى الشريف تُستباح حُرمتهُ يومياً يُقتحم من غُلاة الغاصبين الصهاينة المجرمين؛ ولا أحد يُحرك ساكناً!؛ لذلك فإن ما نعيشهُ اليوم هو الطامةُ الكبرى قبل فاجعة الموت وطامة يوم المحشر والحاقة، فالغرب يقصفون في بلاد العرب في العراق، وليبيا واليمن وفي الشام (سوريا) ليلاً ونهاراً، والروس والإيرانيون الفرس أيضاً يقصفون؛ ومن ثم يتقاسمون الخيرات العربية؛ وبالمقابل يدمرون العباد والبلاد العربية، ويحرقون الأخضر واليابس خدمةً لمصالحهم ولليهود!؛ وتدور صولات وجولات  من القتال وتشرد الشعوب، والأن وصلنا لمؤامرة العصر أو صفقة القرن الأمريكية، التي ولدُت ميتة!؛ ولازلنا نسير في فتن كقطع الليل المظلم، والشعوب العربية يعصرون ويفتنون ويتألمون هذا ما جنتهم عليهم أنفسهم لأن الله لا يغير ما بقومً حتي يُغيروا ما بأنفسهم، فطالما كان الانقسام العربي سيد الموقف وكذلك الانقسام الفلسطيني الداخلي متواصلاً، فلا نلوم أعدائنا – وعلينا أن نلوم أنفسنا،  هل فهمنا الدرس.
كاتب صحفي وباحث ومفكر العربي
–   عضو الاتحاد الدولي للصحافة الالكترونية
الأستاذ الجامعي وعضو اتحاد المدربين العرب
Dr.jamalnahel@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com