مع قصيدة ” شهرزاد ” للسورية ليلى الصيني

بقلم: شاكر فريد حسن

لا شيء يشبهني

منفاك قلبي و سر اشتعال

أنا من يدفع فاتورة ضعفي

و هذه الدموع التي تمنحك السعادة

تمطرني وابلًا من سجيل

ليبعثرني ذاك التمرد

فلِمَ تقرُّ أنَّ السنابل حبلَى

بألف ألف اشتهاء ؟؟؟

2

لا شيء يشبهني

رُبَّما أرتعّش قبل انكساري

رُبّما سأدرك مساحة الفّراغ

ذات وقت أتقمَّص دور ليلى

المنهكة من التشظي….

عامان و السنبلات تلتحف الأخضرَ

أليس هروبك محض إرادة

ألا ترى اختيارك قتلي تموسقه

نبضك غائب تلك قناعة أبدية

أم تجبَّر … يا وجه الرحيل

…..3

لا شيء يشبهني

القصيدة الثرثارة موبوءة بالعطش

و تزمجر تطلق أبواق الريح

منتصف الليل بعد هروب القمر

و تنذر بفجر لا لونَ له

و كم من حرف

على السطر يرثيَ!!

في جوفها المشتعل لهبًا ؟

4

لا شيء يشبهني

وردة صفراء عابثة

تجهض ألف بسمة

ترفع حدود الخوف . تستفتي الريح

أيتها القصيدة الحبلى

في نطف الأنا

وشم الكبرياء . باهت اللون

فمنذ بضع ألم

وأنتِ لستِ أنا !

5

لا شيء يشبهني

تحول .. انصهار .. تشتت

في ساحات الصمت اغتراب

فجأة رحلَ

و تُهتُ بعدها حتى نهاية الطريق

لم يقل شيئاً و القلب حزين

و شفتي تشكو سِرَّ القُبلة الأولى

لم أكن أصغي ؟؟ لصوت الريح

مضَّمخة أنا بعطر الفراق

بدتْ خرساء شّهقتي

لم أعد شهرزاد و مات شهريار.

راقني هذا النص الشعري الأخير للشاعرة السورية ليلى الصيني، ابنة حمص التي تكتب روحها ونبض قلبها ومشاعرها في قصيدتها. فقد غرست مخالب أنوثتها في عنق أنفاسه، ونقشت عشقها على صفحاتها، وغرقت في بحور آهاته، وشهقة الآه بين زفراته احتلت أنفاسها حد الثمالة، وتسلل همسه إلى قلبها، فباغتها شهريار  الذي انصهرت فيه حد الذوبان ، لكنه يموت وتبقى شهرزاد وقلبها يقطر حزنًا، وشفتيها تشكو سر. القبلة الأولى.

في هذا النص الذي اختمر على نار هادئة، يتجلى إبداع ليلى الصيني في الإلهام والبوح الشفيف والرقة ومعانقة الحرف والتلاعب بالألفاظ، فضلًا عن الإيحاءات والكثافة وجمال الصياغة والإيقاع الموسيقي والطرح العفوي والأسلوب الهادئ واللغة العذبة الماتعة والصور الشعرية المميزة.

فنصوص ليلى مبعثها خلجات النفس الحري والروح الرهيفة والوجدان الرقراق، وهي تفوح بالشذا والعطر، وتأسرنا بعاطفتها الجياشة وإحساسها المرهف وعشقها النقي .

وككل قصائدها نستشف العاطفة القوية، فهي إنسانة مرهفة الحس، عاشقة ومحبة ومتلهفة للتوحد مع الرجل.

ليلى الصيني تمتطي صهوة الشعر النثري بجدارة، مستخدمة الألفاظ والتراكيب الموحية، وتبدو من خلال قصيدتها ” شهرزاد” جياشة المشاعر، رقيقة العواطف، مرهفة الإحساس، وفية لحبها وللقيم والأفكار التي تؤمن بها.

ومجمل القول أن قصيدة ” شهرزاد ” لليلى الصيني تلامس الشغاف وتمنح النشوة والمتعة والدفءالشعري، وهي ذات بعد جمالي وفني، وفيها من النثر والحداثة ما يثري الفكر ويصنع الدهشة لدى المتلقي.

إنها شاعرة حالمة تؤمن بالكلمة قبل أن تبوح وتصرح بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com