في حال الإسلام السياسي.. بقلم/ شاكر فريد حسن

تعرض الإسلام السياسي في السنوات الأخيرة إلى انتكاسة كبرى. فبالرغم من تصاعد العنف والإرهاب الدموي للحركات الظلامية والسلفية الدينية، إلا أن قوة الحركات الاسلاموية تراجعت كثيرًا. ويتمثل ذلك في انحسارها في كل من الجزائر وتونس والسودان، فضلًا عن مصر التي أطاح شعبها بالرئيس الاخواني محمد مرسي، واندحار داعش في العراق، والتوقع باحتدام العلاقات البينية لأطراف الإسلام السياسي في العراق بعد التزام حيدر العبادي بالسياسة الأمريكية إزاء إيران.

ويصر أصحاب الإسلام السياسي على أن يصدعوا رؤوسنا بالاسطوانة المشروخة بأن الإسلام في خطر، وأن المسلمين ” مستضعفين في الأرض “.

وينادي الإسلام السياسي بقيام دولة تطبق الشريعة الإسلامية.

ويسعى الإسلام السياسي لإعادتنا إلى الخلف ومصادرة مستقبلنا جميعًا، ومستقبل المجتمعات العربية الإسلامية قاطبة. وهو يجتهد لتهديم أركان الدولة الوطنية المدنية، وتأسيس الدولة الدينية الاستبدادية وتطبيقها، وكذلك يعمق التبعية الاقتصادية للغرب، ويؤسس للتخلف والجهل، ويسعى للتوسع حربًا ونشر تخلفه في العالم أجمع.

ان انتشار الاسلام السياسي مرده فشل واخفاق مشاريع العلمنة والتحديث والنهضة، والى التخلف السائد في المجتمعات العربية، فضلًا عن البنى الاجتماعية التقليدية، وانهيار منظومة القوى الثورية العالمية ومعسكرها الذي كان مهمومًا بإحداث تنمية وثورة ثقافية معًا، وإن كان على مستوى التنظير، وبقاء القطب العالمي، الذي يرغب في استمرار التبعية والتخلف والحرمان في العالم الإسلامي وجميع دول العالم الثالث، انطلاقًا من فهم استعماري استعلائي مبني على أحقيته في استغلال الشعوب اقتصاديًا وحرمانها من حقوقها الإنسانية، وكذلك الفشل في إحداث نهضة اقتصادية تسمح بقيام عملية تنمية شاملة تؤسس لمبدأ  العدالة الاجتماعية .

فغياب مشروع يعالج أزمة الواقع ويستشرف المستقبل، لا بد من مشروع بديل يملأ الفراغ في الوقت الحاضر ليتصدى بقوة لكل قوى التأسلم السياسي التي تمارس القتل والإرهاب واغتيال رموز الثقافة والفلسفة العربية، باستعادة المشروع الفكري التنموي الشامل، وإحداث النقلة المطلوبة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية، فلا مستقبل لهذه المجتمعات إلا بنهضة واسعة وعميقة على أساس برنامج وطرح سياسي وفكري وثقافي شامل قائم على أسس الدولة المدنية الديمقراطية والتعددية والعدالة  الاجتماعية ومساواة المرأة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com