الناقد والموضوعية !!.. بقلم: إيمان مصاروة

الناقد جزء من العملية الإبداعية لا غناه في عالم الأدب .. إذ لا بد للنص من قارئ، متذوق، متفاعل، باحث عن المعنى والفكرة، مشارك في معاناة المبدع وأحلامه وخيالاته .. بدون الناقد لا يكتمل الإبداع.. كما أن المسرحية لا تنجح بلا جمهور .. فحين يؤدي الممثلون أمام مقاعد فارغة يدورون حول حلقة مفرغة !!

الناقد إذن ليس بالشيء الثانوي.. هو بيت القصيد ومربط الفرس.. لا يقل أهمية عن المبدع نفسه .. فالنقد إبداع قائم .. والناقد مبدع حقيقي .. لأنه  المنظِّر .. والطبيب .. والمعلم .. والكاتب الثاني للنص.. لأنه حين يشرّحه ويحلله ويكشف جمالياته ، يساعد القارئ على إدراك عوالم مبدعه والإحاطة بفضاءات رؤيته، وقد يستدرك ما أغفله المبدع ويقرب ما أبعده من المعاني البعيدة ، فيميط اللثام عن الأسرار الثاوية وراء اللحظة التي صنعتِ الكتابة .. وهو الوحيد الذي القادر على الولوج إلى أحلام المبدع وتفسيرها تفسيرا عميقا .. بآليات ومناهج وخبرات معرفية .

إذن : الناقد مطلوب دائما بل مرغوب يحتاج إليه المبدع .. لكن من هو الناقد القادر على المشاركة في عملية الإبداع بأمانة .. بصدق .. وبوعي ؟؟ هل يمكن ان يكون الناقد مهدما مثلما نعرفه بانيا ؟؟ أظن نعم !!

النقد كعنصر إيجابي في هذا العصر أكاد أقول إنه عملة نادرة !! بل أكاد أقول إنه صار عمل من لا عمل له !! الناقد يجب أن يكون موضوعيا دائما .. كيف ذلك ؟؟ يجب أن يتعامل مع النصوص بين يديه بحياد تام .. وبلا خلفيات سابقة .. ببراءة الأطفال تحديدا !!

كي لا تتأثر أحكامه بخصومة أو صداقة أو مصلحة .. يجب أن يفصل ذاته عن رؤيته .. ويقرأ النص لا المبدع .. فيغمض عينيه عن جميع العلاقات الخارجة عن النص .. ويحصر تركيزه على المظاهر الفنية والتعبيرية والجمالية داخل المقروء.. بهذا الشكل يكون نزيها .. أمينا .. مخلصا لوظيفته في البناء لا الهدم !!

هل النقاد مخلصون لوظيفتهم في البناء ؟! أكاد أجزم بالعكس لكن وبدون تعميم بصراحة سلبيات النقد أكثر من إيجابياته !! فحين يدخل  الناقد بنية الهجوم والقدح والتجني يصبح المبدع في موضع دفاع كأنه اقترف جريمة أو خطيئة كبرى، ويتحول الناقد إلى خصم وحكم في وقت واحد !! قد لا أبالغ حين أقول إنه يجعل المبدع يريد الفرار من الميدان، لأنه كائن حساس، يجرحه النسيم !! يبدع ليزرع السعادة بين القراء، لا ليتلقى السهام والنبال والطعنات ، ويصبح متهما وراء قضبان !!

رفقا بالمبدعين أيها النقاد .. واعلموا أن حريتكم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com