استقالة ليبرمان تعبر عن أزمة الكيان تجاه غزة/ كتب: علاء الريماوي

أثارني تعليق بعض الأخوة الكتاب الذين أحترم رأيهم، على عدم الربط بين استقالة ليبرمان، وما جرى في الأيام الأخيرة في غزة.

مع احترامي لهذا الحديث ووجهة النظر، فإن الحقيقة أن ربط الاستقالة باحداث غزة الأخيرة، من أوجه عدة نفصلها بعون الله.

المتابع لأزمة الاحتلال مع غزة، يمكن رصدها عبر 17 جلسة كابينت في الفترة الأخيرة ناقشت كلها طرق التعامل مع القطاع، والتي تركزت في ثلاثة تصورات.

الأول: استمرار الحصار لتعزيز فرص سقوط حماس، مع وضع خيار تطور الأمور إلى حرب، هذا الاتجاه يقوده غلاة اليمن ويعارضه الجيش.

الثاني: اغراق حماس في وحل غزة وتحميلها البعد الانساني والتعاطي معها بالقطارة لمنع الانفجار ويقدم هذا الرأي الجيش.

الثالث: فريق يدعم الضغط على حماس واستجلاب السلطة الفلسطينية ويقود هذا الرأي الشاباك الصهيوني.

نتنياهو الذي يرقب الحالة، فضل التأني في اتخاذ وجهة نظر واضحة مع غزة لكن أبقى السلوك التقليدي تجاهها يقوم على استمرار في الحصار مع تصعيد على بنية المقاومة من خلال الأعمال الفيزيائية المباشرة.

الذي أربك الحالة، قيام حماس وحلفائها بتنظيم مسيرات العودة والقيام بالرد العسكري ضد الاحتلال في حال التجاوز، مما أوقع نتنياهو ومنظومته والاحزاب الصهيونية في أزمة الحلول وشكل التعاطي مع غزة.

مسار التصعيد على الأرض بات يدفع الأوضاع نحو مواجهة تجمع الأطياف الوازنة في الكيان على تأجيلها للرمق الأخير كون النتائج لن تكون في صالح الاحتلال.

ليبرمان الذي يقود وزارة الحرب، سوق نفسه، بأنه الرجل الأقوى لضرب حماس والسيطرة على غزة، فتوعد هنية بالقتل خلال ساعات، واحتلال غزة في غضون أيام.

تصريحات ليبرمان، عبرت عن خفة، وعشوائية عليها ليبرمان.

ما ان دخل ليبرمان وزارة الحرب حتى أدرك، أن الحكم ليس له، وأن غزة حساباتها دقيقة، والحرب عليها أمن استراتيجي، وارتداد العبث معها قد يشعل المنطقة بكليتها.

ليبرمان مع هذا الاستنتاج كان يسقط في حفر عميقة عبر شعبية متآكلة، وتوقع عدم الوصول الى نسب الحسم بحسب استطلاعات مختلفة.

اليقين أن من بين أسباب تحطم ليبرمان، العجز الذي ظهر عليه بشأن غزة، وربط سياسة فشل الحكومة بشخص ليبرمان، سواء في مسألة التهدئة، التعاطي مع مسيرات العودة، دخول الأموال الى غزة.

ليبرمان الفاهم لمقتله، ظل ضعيفا في تسويق نفسه والقفز عن العجز البين، وإن حاول اعتبار القرارات التي تخرج هي وليدة قرار حكومي لا شخصي.

الكارثة التي وقعت على ليبرمان، العملية الفاشلة التي حدثت في خانيونس وما اعقبها من تصعيد أبلت فيه المقاومة بلاءا حسنا، الأمر الذي سبب جملة انفجارات في الكابينت، واتهامات متبادلة بالعجز.

ليبرمان أدرك أن المواصلة في المنصب يعني انهاء فرص حزبه وانتهاء حياته السياسة ، خاصة بعد الرأي العام والمظاهرات التي خرجت تدين وقف التصعيد على غزة والهزيمة أمامها.

حسم الأمر جاء أيضا بعد مشاهدة اجماع الاعلام على فشل السياسات الأمنية والسياسية تجاه غزة الأمر الذي أخذ ليبرمان الى قراره الواجب.

استقالة ليبرمان، فتحت نقاشا مجتمعيا صهيونيا، حول فشل حكومة نتنياهو في إدارة ملف غزة، وفتح شهية المزاودات الداخلية، وحفز بينت لابتزاز نتنياهو في استمرار الحكومة من عدمه .

من الناحية العميلة، أصبح من المباح الحديث عن فرط عرى الحكومة الحالية، خاصة في ظل قناعة الاحزاب أن الخروج منها بموقف يمكنه تحسين الشعبية بعد هذا الفشل.

اليقين زملاء التحليل والدراية، أن ليبرمان، استقال بعد فشل، واستقال وسوغ ذلك بفشل التعاطي مع غزة، واعتبر أن نجاته هو التخلي عن المسؤولية في ملف غزة والفشل فيه.

فعل المقاومة وما جرى في غزة سيكتب ثقيلا في التاريخ الصهيوني، بل ستكون هذه الأيام علامة فارقة في شكل الصراع الذي باتت تمثل رأس حربته غزة.

حذاري من تقليل حجم الانجاز وتبهيت نصر صنع عبر بوابة فعل عظيم في الخطى والفداء وحكمة التخطيط والإدارة والتنفيذ.

– مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com