قطار التطبيـــــــــــع ………!!/ الكاتب : أ. نزار نزال

   تطبيع الشيء هو القبول بما هو مرفوض بسبب ضغوط معينه تتعلق بالضعف أو المصلحة وقبول الشيء سياسيا يعني أن القبول يأتي من النظام الرسمي وهذا يتأتى من قلة حيلة النظام وهشاشته بالإضافة إلى قلة دراية وجهل في المخرجات التي قد يكون لها مردود سلبي على أفراد وقيادة النظام نفسه وليس على الشعب أو القاعدة ، وقبول النظام بالتطبيع لا يعني قبول الشعب به وهناك تجربة سابقة والكل يعرف أن الشعب الأردني والشعب المصري يرفضون نسج علاقة أفراد مع الإسرائيليين رغم توقيع اتفاقات مع الجانب الإسرائيلي مضى عليها عقود .

  قطار التطبيع مع دولة الاحتلال ظهر في نهاية السبعينات والكل يعرف السلام السلبي وغير الدافئ مع الجمهورية المصرية حيث اقتصرت الاتفاقات على المستوى الرسمي رغم كل المحاولات التي بذلت ليكون تحول في الصراع على مستوى القاعدة إلا أن ذلك باء بالفشل واقتصر التطبيع على المستوى الرسمي ، سار قطار التطبيع ليكون في محطته التالية وهي مؤتمر مدريد في مطلع التسعينات وهناك كانت الفرصة الذهبية لإسرائيل وبتقديري لم يتم استثمارها بشكل جيد من قبل إسرائيل ولم يتم التقاطها وكان بالإمكان فتح كل الأبواب الشرقية في وجه إسرائيل على مصراعيها وفي كل المستويات و الجوانب و السياقات إلا أن مراوغة إسرائيل وتنكرها للحق الفلسطيني رسخ  قناعة  لدى الشعوب العربية بان ما يجري هو ليس بأكثر من إدارة صراع دون التخلي عن شبر واحد من ارض فلسطين التاريخية رغم التنازل الكبير الذي قدمه الفلسطينيين والذي كان موضع خلاف داخلي فلسطيني _ فلسطيني أدى في نهاية المطاف إلى اختلاف في الرؤيا والموقف والمبدأ نتج عن ذلك تناحر راح ضحيته عدد ليس بالقليل وسال الدم بأيدي فلسطينية كل ذلك كان مخطط له وكان مدروس ولم يبتعد عن تشويه صورة شعب يسعى للانعتاق من حالة الاحتلال إلى الاستقلال و الدولة  ، أما المحطة ما قبل  الأخيرة والتي كانت في العام 2000 م أي بعد مفاوضات كادت أن تنهي حلقات الصراع المرير لو وجدت النية الصافية  لدى الإسرائيليين وكان هناك جدية في السلام وإنهاء حاله الصراع القائمة وقد انخفض تفاؤل الشعوب العربية بعد مفاوضات عام 2000 م وظهرت مراوغة إسرائيل علنية في إحقاق الحق وإعطاء الفلسطينيين جزء من حقهم الذي ابتلعه غول الاحتلال الإسرائيلي .

   بتقديري التطبيع من بوابة الخليج هذه المرة جاء بسبب سلوك إيران غير البريء في المنطقة وخوف العرب من تحول دبي والرياض إلى صنعاء ، بيروت أو دمشق فلجأت بعض دول الخليج لترتيب علاقة علنية مع إسرائيل من اجل مواجهة المد الإيراني في المنطقة العربية وخاصة أن هناك عداء وهمي لإيران من قبل إسرائيل في المنطقة وعلى اعتبار أن هناك صراع في الفراغ  الذي تركه العرب في منطقة الشرق الأوسط و كان اثر ذلك واضح في تقزيم حالة الصراع من حالة عربية إسرائيلية إلى صراع فلسطيني إسرائيلي وهذا يعني كسر ظهر الفلسطينيين وغياب العمق العربي بالنسبة لهم مع قبول تعرية تامة للموقف العربي ، أما الشعوب فضجيجها لم يعد مسموع خاصة بعد الربيع العربي الذي اعتبر شتاء وجر ويلات ليس من السهل تعافيها من جراحات الأحداث المدمرة التي مرت بها المنطقة .

  نهاية ….هل سيستمر القطار في السير سريعا أم أن أحداث ما ومواقف ما قد توقف حركته ويصحى العرب من وهم العداء بين إيران وإسرائيل ؟؟ أم أن القوة الدافعة لا يوقفها احد و الأمة و التاريخ و الجغرافيا العربية إلى المجهول ؟؟ بطون الأيام حبلى بالأحداث.

– باحث في المقاومة الشعبية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com