رهبانية الوردية تحتفل بعيد مؤسستها الأم القديسة ماري ألفونسين في القدس

القدس – البيادر السياسي- من ابو انطون سنيورة –  تجمع المؤمنون من شتى نواحي فلسطين للمشاركة بالقداس الاحتفالي بعيد القّديسة ماري ألفونسين غطاس، الذي ترأسه المطران ليوبولدو جيريللي، القاصد الرسولي في القدس، أمس في كنيسة سّيدة الورديّة في ماميلا القدس، بعد دعوة الرئيسة العامة لرهبانية الوردية المقدسية وجميع الأخوات الراهبات. وشارك في القداس كل من سيادة المطران مايكل فيتزجيرالد من أبرشية فيلادلفيا، والأب يعقوب رفيدي، رئيس المعهد الإكليريكي في بيت جالا، والأب إبراهيم شوملي، أمين سر البطريركية اللاتينية، بحضور عدد من كهنة البطريركية والرهبان والراهبات وطلاب المعهد الإكليريكي.

درب القداسة

ولدت ماري ألفونسين غطّاس في البلدة القديمة في القدس في ٤ تشرين الأول ١٨٣٨، لعائلة مقدسية متدينة، حرصت على تلقي ابنتهم لتعاليم الكنيسة فالتحقت ماري ألفونسين،“سلطانة” بمدرسة مار يوسف للبنات في القدس وقبلت الأسرار المقدسة في الكنيسة الرعوية هناك.

على جبل الجلجلة، ارتدت ماري ألفونسين الثوب الرهباني في رهبنة مار يوسف بتاريخ ٣٠ حزيران ١٨٦٠. منذ ذلك التاريخ، توالت النعم الوفيرة على ماري ألفونسين، فبعد إبرازها النذور الرهبانية، قامت بتأسيس أخوية الحبل بلا دنس وأخوية الأمهات المسيحيات في القدس، ثم انتقلت إلى بيت لحم لتأسيس أخوية ومدرسة للفتيات. وفي أرض الميلاد، توالت ظهورات العذراء مريم لها لمدة خمس سنوات (١٨٧٤–١٨٧٩)، وكان محورها الرئيسي تأسيس رهبنة الوردية المقدسة, حيث تم ذلك بتاريخ ٢٤ تموز ١٨٨٠. خدمت ماري ألفونسين في عدة رعايا منها يافة الناصرة وبيت ساحور ونابلس والزبابدة والسلط، وهذا بعد أن كانت قد أبرزت نذورها الرهبانية في رهبنة الوردية المقدسة.

معجزات تغيّر مسار الحياة

في عام ١٩٩٤، أعلنت الكنيسة الكاثوليكية ماري ألفونسين بـ“المكرّمة“، وهي أولى مراحل إعلان قداستها. صادق قداسة البابا بندكتس السادس عشر في عام ٢٠٠٩ على مرسوم إعلانها طوباوية بعد أن تم كشف مذكراتها ووقوع العديد من الأحداث العجائبية، التي كشفت العلاقة التي تربطها مع مريم العذراء ورغبتها في تأسيس رهبنة الوردية ووصاياها بتلاوة السبحة الوردية. كما وأبرزت المذكرات تواضع ووداعة وتسامح الأم ماري ألفونسين في العديد من المواقف.

إن المعجزة الأولى التي تمت بشفاعتها واستحقت على أثرها أن ترفع إلى مصاف الطوباويين جرت مع عائلة نتالي زنانيري. كانت نتالي تحتفل مع عشرة من أصدقاءها في منزل جارها السيد خالد عمرو في بيت حنينا في القدس، حين اهتزت الأرض تحتهم وسقطوا في حفرة صرف صحي قطرها ثلاثة أمتار وعمقها أربعة أمتار. وشَهد صاحب المنزل السيد خالد أن الحفرة كانت مليئة بالمياه العادمة اللزجة، بما يقدر بـ ٣،٧٠ م، وعدد الأشخاص الذين سقطوا بالحفرة هو إحدى عشر، حيث بقيوا تحت الحفرة لما يقارب السبع دقائق قبل إنقاذهم، إذ كانت نتالي آخر شخص يتم إخراجه من الحفرة. عند الحديث مع والدة نتالي وصفت ما حدث بالمعجزة، فهي كانت قد قرأت حياة القديسة ماري ألفونسين والأعاجيب التي أجرتها، وقبل أيام من وقوع هذه الحادثة، كانت قد صلت السبحة الوردية وعائلتها ورفعت صلاتها للأم مريم العذراء وطلبت منها حماية عائلتها، تماماً كما حمت ماري ألفونسين وأنقذت بسبحتها بنات الدير في يافة الناصرة.

أما المعجزة التي تمت بشفاعتها واستحقت بأن ترفع الى صفوف القديسين في ٢٠١٥ هو الحادث المميت الذي حصل مع السيد اميل منير الياس من كفر كنا خلال عمله كمهندس مساحة في حولون. يُروى أن السيد اميل كان يرفع القائم (إحدى أدوات قياس الخرائط) إلى مسافة خمسة أمتار. لم يكن يعلم الأخير أن القائم موصول بالتيار الكهربائي، فبعد صعوده، تلقى صعقة كهربائية بقوة ٤٠ ألف فولت – يمكن أن تسبب في الوضع الطبيعي  شللاً بالحركة وفقداناً للبصر والعديد من المشاكل في الأعصاب والقلب – تركته غائباً عن الوعي بدون حركة أو نفس أو قلبٍ ينبض لمدة تزيد عن عشرة دقائق لحين وصول الإسعاف ليدخل بعدها في غيبوبة عميقة لمدة يومين.
لقد جرت هذه الحادثة قبيل أيام من إعلان تطويب الأم ماري ألفونسين، وخلال فترة غيابه عن الوعي، لم تتوقف عائلته من الصلاة إليها طالبة شفائه من الموت، خاصة بعد أن ظهرت عليه علامات الموت كتغير لون الجسد. أقر الأطباء أن ما حصل معه كان معجزة، فبالرغم من خطورة وضعه وتوقف قلبه، إلا أنه قد أستفاق وعاد يتمتع بحياة جيدة. فقام البابا فرنسيس باعلان قداستها في روما في ١٧أيار ٢٠١٥ وبجانبها القديسة مريم البواردي ليسوع المصلوب

من أقوال الأم ماري ألفونسين:

“يا يسوع، دعني أهيم في حبك.”

“الحب قوي كالموت. الحب يجعلنا نقدّر الفقر ونصبر على الجوع والبرد ونسر بالاهانة ونرضى بالمرض ونقاوم التجربة ونحتمل الاضطهاد.”

“يجب أن نملك فضيلة عظيمة لكي نعطي منها للآخرين.”

“الحمدلله على هذه النعم التي لا نستحقها والتي لم تعط لنا لمنفعة شخصية، بل لإشراك الآخرين فيها. يجب أن نسعى إلى القداسة وأن نجذب إليها كل إخوتنا في المسيح.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com