الضفة تشتعل وأبو مازن لا يزال ينتظر.. مصطفى إبراهيم

لم تلتقط “إسرائيل” والأجهزة الأمنية الإسرائيلية والجيش أنفاسهم ولم تكتمل فرحتهم وتفاخرهم بنجاح اغتيال الشهيدين أشرف نعالوة بعد مطاردة أكثر من شهرين وصالح البرغوثي، ولم تمض ساعات حتى نفذ فدائيان عملية جريئة ومقتل جنديين وإصابة ثالث بجراح خطيرة، وفرا من المكان من تحت رادار الشاباك والجيش والأجهزة الأمنية الفلسطينية والكاميرات المنصوبة في جميع الطرق والشوارع. العملية وضعت الحكومة الإسرائيلية في موقف صعب وهي ذات دلالات كبيرة وأنها لن تثني الفلسطينيين عن المقاومة ومواجهة فجور القوة والغطرسة الإسرائيلية، خاصة أن القتلى جنود، وفي ظل تحذيرات رئيس هيئة الأركان ايزنكوت من انفجار الضفة والقبضة الأمنية ضد الفلسطينيين، وتفاخر الجيش والشاباك بالإعلان عن اعتقال نحو ٣٠٠٠ فلسطيني حتى نهاية شهر تشرين ثاني/ نوفمبر خلال العام ٢٠١٨. عملية مقتل الجنديين جاءت اختبار للرئيس محمود عباس الذي يحاول بكل قوة منع المقاومة سواءً المسلحة أو السلمية ويجتمع شهريًا مع رئيس الشاباك، وهو غير مكترث بالرأي العام الفلسطيني ولم يدرك تأثير ذلك على الشارع الذي يرفض سياسات الرئيس عباس وانتظاره ولقاءاته مع رئيس الشاباك والتنسيق الأمني في المقابل يفرض شروط للمصالحة مع حماس. ولا يعلم أي فلسطيني على ماذا يراهن ولمصلحة من تقويض حماس؟ ونسي أن الرهان الحقيقي على الشعب الفلسطيني ومن يراهن عليه لا يخسر، والرئيس عباس يخسر باستمرار ثقة الشعب لأنه يراهن فقط على استمرار بقاء السلطة ومن حوله من أصحاب المصالح والبرنس والمتشبثين بالسلطة التي تخدم مصالحهم وتزيد من ثرائهم على حساب الناس المنهكين.

حتى مع التصعيد الإسرائيلي المستمر في الضفة وغزة، وعلى الرغم من القتل والانتهاكات اليومية والاعتقالات وجرائم المستوطنين وغول الاستيطان وتهويد القدس وتسريب البيوت وعمليات الهدم.

ومع أن العملية التي نفذت استهدفت جنود وليس مستوطنين أو موت طفل أو امرأة حامل، للأسف جاء بيان الرئاسة الفلسطينية هزيل ومخز، وأدان العنف من الجانبين وساوى بين الضحية والقاتل. ولا يزال متمسك بموقفه بتهديد غزة ووضع كل إمكاناته ووقته في الهجوم على حماس وتفويض حكمها وكأنها عدوه الأول وليس “إسرائيل” العدو التي تستبيح كل شيء.

وجاءت عملية أمس الخميس في سياق عمليات التي نفذت خلال الشهرين الماضيين وقتل فيها إسرائيليين لتقول للرئيس عباس بعيدًا عن بعض التحليلات التي تقول أن حماس تنفذها للعب في ساحة الضفة وردا على ما يقوم به من استمرار فرص عقوبات ضد حماس وغزة، إلا أن هذه العمليات هي مقاومة طبيعية ورد على جرائم الاحتلال اليومية ضد الفلسطينيين في الضفة وتلاقي ترحيب ورضا وتأييد ودعم من الشعب الفلسطيني.

على الناحية الأخرى “فإسرائيل” تتجاهل الرئيس عباس ومستمرة في فجورها وجرائمها، ووفقًا لما ذكرته “شركة الأخبار” (القناة الإسرائيلية الثانية سابقًا) أن العمليات الفلسطينية خلال الشهرين الماضيين تصاعدت بالرغم من تحذيرات أطلقها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، أمام أعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت)، عندما قال أن ثمة احتمال بنسبة 60% – 80% لاندلاع جولة تصعيد عنيفة في الضفة الغربية. لكن هذه التحذيرات لم تترك انطباعًا على وزراء الكابينيت، الذين يتسمون بالغطرسة. والآن، تشير معطيات الشاباك إلى تصاعد عدد عمليات إطلاق النار والطعن والدهس في أنحاء الضفة الغربية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وقال آيزنكوت خلال اجتماع الكابينيت في حينه، إن التقديرات تشير إلى أن الضفة الغربية ستشهد تصعيدا، وصفه بـ”المقلق”. وأضاف أنه إذا تحقق ذلك فإن جولة تصعيد كهذه ستكون أكبر من الجولة القتالية في غزة من حيث عديد قوات الاحتلال التي سيتم نشرها في الضفة وشكل احتكاكها مع السكان الفلسطينيين.

واعتبر آيزنكوت حينذاك أن دفع إسرائيل لرئيس السلطة محمود عباس جانبا في موازاة إجراء محادثات مع حماس، بوساطة جهات ثالثة، “سيساهم في التصعيد”. وأضاف آيزنكوت أن شعور الفلسطينيين في الضفة أن “أبو مازن يساعد إسرائيل في محاربة الإرهاب، ولكنه لا يحصل على شيء بالمقابل، من شأنه أيضًا أن يشكل عاملًا مسرعًا لتفجر العنف”، وفقاً لما نقلته “شركة الأخبار” عن آيزنكوت. وأضافت القناة أن أحد وزراء الكابينيت قال إن الشعور هو أن آيزنكوت “تحدث إلى البروتوكول”.

ومع غطرسة نتنياهو وحكومته اليمينية ونشوته بفتح أبواب عربية أمانه، ورؤيتهم للسلطة على أنها سلطة تقدم خدمات أمنية مقابل مصالح اقتصادية لفئة تحكم السلطة، الرئيس عباس لا يزال ينتظر ويطلق التهديدات ضد غزة وحماس و”إسرائيل” مستمرة في سياستها ضد الفلسطينيين، بارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات، وسفك الدماء، وسعيها الدؤوب لتعميق الانقسام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com