هل يمكننا أن نتعلم الدرس ونستخلص العبر ؟.. د.إبراهيم محمد المصري

لم يعد مفاجئا أو غريبا ما نعيشه من تراجع ملحوظ في الدعم العربي السياسي والاقتصادي تجاه قضية فلسطين وشعبها ، لأنه جاء متوافقا مع تطورات شهدتها المنطقة العربية تمت ترجمته في مواقف سلبية تناسبت أوضاعها الداخلية المتردية وكانت تعبيرًا واقعيًا لصراعات داخلية وحروبا أهلية أحرقت الأخضر واليابس، فانزوت لتعالج مشكلاتها واحتياجاتها .
لذا لم يعد في الإمكان ما كان، فقط حكومات عربية تحتج وتندد وشعوب عربية تلتزم الصمت المطبق غاب عنها ما كنا نحلم به من تعبيرات واحتجاجات تزدحم به وسائل الإعلام لتعاطف شعبي ضد اعتداءات صهيونية همجية مستمرة لم يشهد مثلها التاريخ على أماكن مقدسة لمئات ملايين البشر من المسلمين والمسيحيين فلا تكاد تجدها حتى في حكايات العواجيز، بدؤوها منذ أربعين عاما بإشعال الحريق في المسجد الأقصى مرة يتلوها مرة لمتطرفين ادعوا فيها بالجنون، حينها فهموا الحكاية فلم يتوقفوا عن استغلال احتلالهم للمدينة المقدسة في حفريات وأنفاق في بحث عن أثر لهم لم يكن موجودا يوما عبر التاريخ، ليدمروا ما استطاعوا من تاريخ الفلسطيني القديم والحديث ليسقطوه ، وليبنوا ما يدعونه ظلما وعدوانا؛ هيكلهم المزعوم في محاولات لسيطرة عنصرية من حكومة متطرفة لا تقيم حسابا لقوانين أو أخلاق دولية في زمن هرولة نفر من بني العروبة من بني جلدتنا للتطبيع مع كيانهم الصهيوني .
تراجع نلوم فيه هذا الطرف العربي أو ذاك الإسلامي، غير أن واقع حالنا ينبأنا بما آلت إليه أمور حاضرنا ومستقبلنا الذي أصبح على الجهل قائما بفضل من يبيع الوهم لنا، فلم يعد في المكان ما كان ؛ فامتدت المأساة إلى شعوب عربية لم يعد لها حول ولا قوة، قد تعود أسبابه الرئيسية لمحاولات إحلال صورة ذهنية مغايرة ترسبت آثارها السلبية على الجماهير العربية خدعتها تسريبات إعلامية مزورة استقرت في أذهان من يروجون لها حول ديمقراطية لكيان صهيوني عنصري يملك قدرات استثنائية في حماية بلدان من غيلان وهمية .
ومما رسخ هذا الاعتقاد تدخل بعضنا في شؤون الدول العربي بدون وجه حق فأدخلنا وسط صراعات إقليمية أثرت سلباً على قضية فلسطين فأضعفت التعاطف الشعبي تجاهنا .
غير أن خسارتنا لحاضنتا العربية قد يكون مرجعه تدخل بعض من فصائلنا عن جهل في شؤون داخلية لبلاد عربية لتقديرات خاطئة ولاعتبارات عاطفية، و يمكن إرجاعه أيضا لنكون منصفين إلى انشغال الشعوب العربية بأوضاعها وأزماتها الداخلية ، ولنكون أكثر وضوحا انهيار صورة الفدائي والمقاوم بسبب الانقسام الفلسطيني الذي ألقى بأثاره السلبية مما يجعلنا ندعي فيها باليقين، القاصي منا والداني ، بأنها العامل الأهم في أنه لم يعد في الإمكان ما كان، بعد أن كانت القضية الفلسطينية ولعقود ممتدة تعتبر القضية الأولى والمحورية للحكومات والشعوب العربية لعبت فيها دورًا بارزًا في التأثير على مجريات الأحداث في المنطقة والعالم.
لذا لم يعد في الإمكان ما كان، وإذا بقي هذا الحال سيمكن “إسرائيل” من الانفراد بكل طرف في أي صراع أو مباحثات للحرب والسلام على حد سواء، وستجدد “إسرائيل” وتكثف سياستها الاستيطانية العنصرية في الضفة الغربية والقدس لقضم معظم الأراضي الفلسطينية لتحقيق سياسة الأمر الواقع، فلنحذر جميعا ولنواصل حواراتنا لنصل إلى قرار موحد يشمل الجميع بدون تهميش لأحد أو إقصاء لآخر ففي الاتحاد قوة وفي الفرقة الخسارة والندامة ، لنعود ونقول في الإمكان أن يكون ما كان فتعود قضيتنا إلى أولويات السياسات العربية والدولية .
إذًا هل يمكننا أن نتعلم الدرس ونستخلص العبر مما فات ونبدأ من جديد ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com