ماذا يحدث في قطاع غزة ؟.. بقلم/ شاكر فريد حسن

ما من شك أن الحراك الشعبي الفلسطيني في قطاع غزة، والقمع العنيف المرفوض وغير المبرر له من قبل مليشليات وأمن سلطة ” حماس ” ، هو نتاج حالة اليأس والإحباط والاحتقان والغضب والاستنزاف المسيطرة على الجماهير الشعبية المسحوقة الكادحة والفقيرة في القطاع، في ظل استمرار الحصار التجويعي المفروض عليه، وحالة الانقسام الفلسطيني المعيب المدمر ، الذي لا يستفيد منه سواء الاحتلال وجميع أعداء شعبنا، ناهيك عن غياب الوحدة الوطنية الميدانية والفصائلية، بما يهدد المشروع الوطني التحرري الفلسطيني، وتفكك وتمزق النسيج المجتمعي الفلسطيني

الانفجار الشعبي في القطاع مرده وسببه الأحوال الاقتصادية والمعيشية الصعبة السيئة التي يعيشها السكان، والوضع الكارثي الإنساني الذي يعم القطاعات الجماهيرية الغزية، وتأزم الوضع المعيشي نتيجة غلاء الأسعار، والارتفاع في أسعار الحاجات اليومية الضرورية، وفرض ضرائب جديدة، واستخدام أساليب حديثة للجباية، إضافة إلى انقطاع الكهرباء، والنقص في الأدوية للمرضى، وانعدام البنى التحتية والخدماتية وغير ذلك . كل ذلك زاد من معاناة المواطن الغزي، حتى بلغ السيل الزبى، ما دفع إلى الحراك الشعبي لاحتجاجي الغاضب، والنزول إلى الشوارع للتظاهر تحت شعار ” بدنا نعيش ” ، وهي صرخات مشروعة ومطالب عادلة .

وفي حقيقة الأمر أن الوضع والحال الكارثي المأزوم  في قطاع غزة، ليس فقط نتاج حكم وسلطة حماس وأخطائها وعلاقتها مع الشعب وممارساتها القمعية للقوى الفلسطينية الأخرى المعارضة لحكمها ونهجها وسياستها، وإنما أيضاً نتيجة الحصار الظالم المجحف القاتل منذ العام 2007، الذي تشارك فيه أطراف محلية وعربية وإقليمية ودولية، والعدوان الاحتلالي المتواصل، والحروب التي فرضتها المؤسسة الصهيونية الحاكمة على شعب القطاع .

ولكن من المؤسف وعار على حماس، وهي التي عانت من القمع والتنكيل الاحتلالي، أن تلجأ إلى العنف لتفريق المتظاهرين ومنعهم من الاحتجاج والتظاهر من أجل الخبز والحليب والماء والكهرباء والدواء ومتطلبات الحياة الإنسانية البسيطة بكرامة، بحجة تطبيق سلطة القانون .

من حق المواطنين والسكان في قطاع غزة كباقي شعوب العالم التجمع والتظاهر السلمي والقيام بالمسيرات الاحتجاجية السلمية ورفع مطالبهم بالعيش الكريم وتحسين أوضاعهم الإنسانية والاقتصادية ، ولا يجوز بأي حال قمع ومنع الحراك الشعبي والتنكيل بالمتظاهرين والمحتجين واللجوء إلى القوة والعنف لتفريقهم كما رأينا ذلك عبر الشاشات والفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة . ويجب على جميع الأطراف أن تعي وتدرك أن مصلحة الشعب والوطن فوق أي اعتبار ، وفوق كل المصالح الحزبية والسياسية والفئوية والخاصة .

المطلوب من حماس مراجعة نفسها، والاستجابة لنداء الضمير الوطني، وتلبية المطالب الشعبية المرفوعة، والبدء بحوار وطني حقيقي مسؤول وعاجل، والتفاوض السياسي مع جميع القوى السياسية والفصائلية والمجتمعية في الشارع الفلسطيني داخل القطاع، بدلًا من أساليب العنف القمعية، ومن لغة التخوين والتشكيك والشيطنة، وتعميق الشرخ الداخلي والتناقضات الفلسطينية – الفلسطينية، وكيل الاتهامات لهذه القوى والتحريض عليها، وكذلك بحث تحديات المرحلة المقبلة وتحديد أولوياتها، بما فيها استكمال الحوار حول المصالحة الوطنية، وتوحيد الشارع الفلسطيني بكل قواه واتجاهاته وأطرافه المتعددة، لإسقاط مشروع ” صفقة القرن ” الذي يستهدف تصفية قضية شعبنا الوطنية وحرمانه من الاستقلال وإقامة دولته فوق التراب الوطني وعاصمتها القدس الشرقية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com