يا لضيعة الشباب في غزة! بقلم:ماجد هديب

أي مستقبل ينتظر الشباب دون أن نساعدهم على اجتياز واقعهم المرير ؟ وأي مراهنة على الشباب كرصيد لقضيتنا دون ان نعمل على تامين أدنى مقومات هذا الوجود من احتياجات ودعم واسناد ؟ فلا انتظام منهم على مقاعد الدراسة الجامعية لتعثر ذويهم في دفع رسومها، ولا عمل لهم في مصنع لتنمية قدراتهم وتطويرها، ولا وظيفة لهم أيضا يقدمون من خلالها افكارهم للمساهمة في ارساء معالم دولة ما زالوا يحلمون ببنائها ، ولا حتى تمويل لمشروع قدموا من خلاله خلاصة تفكيرهم الابداعي من اجل صناعة وتجارة افضل او اختراع قد يفيد، وأي قادة ومسؤولين هؤلاء الذين ابتلانا الله بوجودهم ،سواء الذين ارتضينا بهم ووليناهم علينا اختيارا ،أو حتى هؤلاء الذين ولوا انفسهم علينا عنوة من الذين لا اثر لوجودهم او ملامح لأعمالهم الا عند الظهور بأوداجهم المتنفخة وكروشهم المتدلية امامهم لتبرير ما ارتكب جندهم من مساس بكرامة الشباب وادميتهم ، وبما رافق ذلك أيضا من عمليات البطش بهم لانهاك اخر ما تبقى فيهم من ملامح حيوية الشباب بعد التغييب المتعمد لفرص الحياة عنهم وانعدام الامل امامهم. وكأن هناك تخطيط منهم وتنفيذ مع سبق الاصرار بدفع هؤلاء الشباب لاستبدال مطالباتهم” بدنا نعيش “الى إعلاء صراخهم ” بدنا نموت”، او لدفعهم نحو الاقدام على الانتحار.

علينا ان نصرخ ويصوت عال ،ودون خوف او سيطرة على عقولنا من أوامر الحزب وسطوة القادة لنسال من لهؤلاء الشباب الحيارى التائهين المسحوقين الذين يخرجون الى الشوارع الان رغم ادراكهم حجم القمع والبطش الذي ينتظر خروجهم؟ ومن لهؤلاء الشباب حينما يعودون الى فراشهم بحالة من الياس والإذلال ورؤوسهم في حالة من الاهتزاز لما فيها من وسوسات و ذبذبات صوتية تتصاعد في نهايتها دعوات بأصوات الشياطين لتقول لهم ايها الشباب لم يتبقى امامكم بعد تعذر الهجرة وقمع مطالباتكم بالعيش الا مسيرات الموت!! منذ ثلاثة عشر عاما ونحن نكتب ونحذر ،وما زلنا نقرع الخزان ايضا لننذر مما هو قادم من أخطار تتهدد مجتمعنا وقضيتنا وشبابنا .

كنا وما زلنا مع هؤلاء الشباب الذين لا أمل لهم بانفراجه قادمة، او حتى في تحقيق أدنى مقومات حياتهم المعيشية، وكم من مرة حذرنا بان هذا الصمت الذي هم فيه الان هو بمثابة الصفير الذي يسبق صوت الانفجار، فإياكم دفع هؤلاء الشباب الى هذا الانفجار لما فيه من أخطار، ليس علينا فقط، وانما على قضيتنا وقيمنا واخلاقنا ايضا، بفعل شعارات لا تغني ولا تسمن من جوع ،وبفعل أمال وطموحات لا يمكن لها ان تتحقق بدعوات الصبر والرباط ،فأي صبر هذا الذي يدعو اليه هؤلاء الشباب كانوا الذين بلغوا من العمر عتيا دون زواج ولا بيت او عمل !؟ وأي ثبات ذلك الذي تطلبه من اخرين ليس بمقدورهم تحرير شهاداتهم لما للجامعة عليهم من رسوم كمتأخرات متراكمة!؟

وأي انفراجه تلك التي يبشر بها هؤلاء ايضا في ظل افتراش حملة شهادة الدكتوراه بلاط مسؤول جاهل صنعته بندقية الحرب الاهلية وسمسرة تجارة السلاح طلبا لنيل رضاه من أجل وضع اسمائهم على قوائم التسول على ابواب انظمة الذل والعار، وفي أفضل الحالات على كشوفات البطالة ليعملوا وفي احس الحالات كمراسلين عنده ان لم يكونوا عمال نظافة في الحمام المخصص له في ركن مكتبه الذي فاق بفخامته مكتب رئاسة جمهورية في دول مجاورة. على حركة حماس ان تتوقف عن ملاحقة هؤلاء الشباب او مطارتهم في شوارع غزة واحيائها، وان تعلم بان هؤلاء الذين يطالبون بالعيش هم ابنائنا لا اعدائنا. وعليها ان تذهب ايضا الى البحث عن مشاكلهم وايجاد حلول لها من اجل توفير العيش الامن والكريم لهم ،حيث انه لا يمكن الوصول الى ذلك دون الوحدة والانتخابات وصولا لحكومة يجب أن يكون فيها وزارة ترعى شؤون هؤلاء الشباب لتقويمهم واعادة تأهيلهم بعد اثني عشر عاما من التهميش والتجهيل،وبعد محاولات الدفع بهم ايضا نحو الانحراف بالسلوك وإغلاق العقل وجمود التفكير ،والا فان الجميع مشارك ليس بدفع الشباب نحو فقدان الأمل بحياة افضل فقط وانما بدفعهم ايضا الى استبدال شعارهم بدنا نعيش الى بدنا نموت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com