مؤتمر البحرين للخداع الاقتصادي والسياسي وتمرير ” صفقة القرن “/ د. كاظم ناصر

أعلن بيان أمريكي بحريني مشترك يوم الأحد الماضي 19 – 5 – 2019 أن المنامة ستستضيف بالشراكة مع واشنطن ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان ” السلام من أجل الازدهار ” يومي 25، 26 من الشهر المقبل لجذب استثمارات إلى فلسطين في محاولة أمريكية إسرائيلية لإنجاح ” صفقة القرن ” التي من المتوقع ان تطرحها الولايات المتحدة كحلّ نهائي للصراع العربي الإسرائيلي بعد نهاية شهر رمضان.

وبحسب البيان ستمثّل ورشة العمل الاقتصادية” فرصة محورية ” ليجتمع ممثلي الحكومات ورجال المال والأعمال معا لبحث الاستراتيجيات والأفكار التي تدعم الاستثمارات والمبادرات الاقتصادية التي يمكن أن يوفرها قبول ” صفقة القرن “، وتكون ثمنا لاستسلام الفلسطينيين والعرب الآخرين وتصفية القضية الفلسطينية.

الخطة ليست جديدة؛ فقد اقترحها نتنياهو في عام 2008، بقوله ” ان السلام الاقتصادي هو الممر للوصول إلى حلول سياسية، النزاع مع الفلسطينيين يقتضي ذلك.” انها خطّة اسرائيلية معروفة تبناها مصممو صفقة القرن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان وجميعهم من اليهود الأمريكيين الصهاينة المؤيدين لإسرائيل، والمرتبطين بها، والمدافعين عنها كما يدافع عنها نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف.

أي إن” ورشة عمل البحرين الاقتصادية ” هي فكرة صهيونية مدعومة أمريكيا الهدف منها خداع الفلسطينيين والعالم بوعود ازدهار زائفة؛ لقد وعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الفلسطينيين بتحويل غزّة والضفة الغربية إلى ” سنغافورة الشرق الأوسط ” إذا تخلّوا عن المقاومة وقبلوا أوسلو واعترفوا بإسرائيل؛ وبعد أن فعلوا ذلك لم يحصلوا إلا على خيبة الأمل، ورفض السلام، والتوسّع الاستيطاني، وتهويد القدس، والمزيد من الاضطهاد والتمييز العنصري وسرقة الأراضي؛ ووعدوا العراقيين بتحقيق الديموقراطية وبناء العراق الحديث لكنهم دمّروه واشعلوا فيه نيران الفتن الطائفية والعرقية، ووعدوا دول الاتحاد السوفيتي بإقامة جنات عدن في بلادهم إذا قاموا بتغيير النظام الاشتراكي وهدم الإمبراطورية السوفيتية؛ لكنهم أخلّوا بوعودهم كالعادة ولم يفعلوا شيئا، بل انهم ازدادوا تآمرنا على تلك الدول وجوّعوا شعوبها، وحاولوا إفقار روسيا وتدمير صناعاتها المتطورة، وانهاء دورها كدولة عظمى لها شأنها في الساحة الدولية.

أمريكا وإسرائيل لا تريدان حلا عادلا للصراع؛ إنهما تديرانه بمؤتمرات ووعود كاذبة لكسب الوقت، ولتتمكّنا من تحقيق أهدافهما بفرض سلام إسميّ زائف على العرب تدفع كما ذكرت بعض التسريبات الصحفيّة الدول العربية الغنية 70 % من نفقاته، وأمريكا 20 % والدول الأوروبية 10% وإسرائيل لن تدفع شيئا!

 الأمريكيون والإسرائيليون لا يدركون ان مؤتمر البحرين وصفقة القرن وكل محاولات الخداع التي يقومون بها لتحويل الصراع من صراع وجودي إلى صراع اقتصادي ستفشل، لأن الحقوق والثوابت الفلسطينية لا تحلّ بمؤتمرات اقتصادية ودولارات أمريكية، ولا يمكن ان يقبل الفلسطينيون بمقايضة حقوقهم التاريخية والثوابت الوطنية ببضع مليارات من الدولارات كما تتخيّل أمريكا وإسرائيل وبعض القادة العرب.

ولهذا رفض الفلسطينيون المشاركة في” ورشة العمل الاقتصادي” واعتبروها ” ورشة عمل أمريكية صهيونية ” تهدف الى فتح الطريق أمام ” صفقة القرن ” الهادفة لتصفية قضيتهم تحت عنوان ” السلام من أجل الازدهار “؛ فمن المغفل الذي يصدق ان أمريكا وإسرائيل تحرصان على مساعدة الفلسطينيين وتحسين أحوالهم وازدهارهم في الوقت الذي تبذلان قصارى جهودهما لتثبيت الاحتلال وحرمانهم من أبسط حقوقهم والتخلص منهم؟

مشاريع ومؤتمرات ترامب ونتنياهو وكوشنر وغرينبلات السياسية والاقتصادية ومن ضمنها ” مؤتمر البحرين الاقتصادي ” ليست سوى حلقات من مشروع تآمري لتصفية القضية الفلسطينية، وتقسيم الوطن العربي على أسس عرقية وطائفية، وتطبيع عربي إسلامي مجاني مع دولة الاحتلال الصهيوني. إذا كان هؤلاء يريدون تحقيق سلام عادل فعليهم أولا أن يدركوا بأن فلسطين ليست للبيع؛ وشعب الجبارين الفلسطيني من أنشط شعوب الأرض ومن أكثرها علما ولن يساوم ولن يستسلم أبدا. الفلسطينيون يحتاجون إلى حلّ عادل ينهي الاحتلال، ويمكّنهم من بناء بلدهم بأموالهم ومهاراتهم وثقافتهم وقدراتهم اللامحدودة على العطاء، ولا يمكنهم الثقة بوعود ترامب ونتنياهو ومعظم القادة العرب السياسية والاقتصادية!؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com