لا بدّ من مواجهة سياسة ترامب العدائية…

يتباهى الرئيس الاميركي دونالد ترامب بقراراته العدائية ضد العديد من الدول من خلال فرض عقوبات اقتصادية أو من خلال الانسحاب من اتفاقيات دولية وقع عليها رئيس اميركا السابق باراك اوباما. ويظن أن سياسة العداء ضد شعوب العالم قد تؤدي الى تفاوض أو احتواء أو خضوع، الا أن نتائج هذه السياسة العدائية ستكون عكسية ومريرة على الولايات المتحدة نفسها اذا واصل ترامب هذه السياسة العدوانية ضد الصديق والعدو!

هناك أعضاء في الكونغرس الاميركي، سواء اكانوا في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، يعارضون سياسة ترامب، ويعملون قدر الامكان للحد من اندفاعه غير الطبيعي الذي سيؤدي بالتالي الى عزل اميركا سياسيا واقتصاديا، وسيؤدي الى فقدان دور فعال لنفوذها في العالم.. هؤلاء المسؤولون المنتخبون الاميركيون لا يستطيعون “لجم” هذه السياسة كاملا لان ترامب نفسه يستغل ما يتمتع به من صلاحيات كبيرة لتجاوز حتى قرارات الكونغرس الاميركي بذرائع عدة مصطنعة يصدقها من هم جاهلون حقا وحقيقة بأوضاع العالم كله، واوضاع الدول التي يفرض عليها الرئيس ترامب العداء.

والمؤلم أن كثيرين من قادة العالمين الاسلامي والعربي يعرفون ان سياسة ترامب العدائية ستجر العالم العربي الى دمار كبير، لانه يريد أن تقوم دول عربية بشن حرب على ايران بالنيابة عن اميركا واسرائيل. ولكن هؤلاء القادة لا يفعلون شيئا على ارض الواقع ليقولوا لترامب والصقور العاملين معه: كفى اهانة ومذلة لنا، وكفى تصريحات استفزازية ضد شعوبنا.. وهؤلاء القادة “الجبناء سياسياً” لا يدركون ان مسايرة ترامب حتى النهاية ستؤدي الى ايذائهم، وقيام ثورات شعبية ضدهم، سواء عاجلا أم آجلا.. مع أنهم يدركون ويعلمون ان هذا الرئيس لن يبقى في منصبه للابد، بل سيأتي من هو خلف له في انتخابات رئاسية آتية سواء بعد سنتين أو بعد ست سنوات.  والرئيس الجديد قد يعاقب من “ساير” ترامب، وخضع لاملاءاته، ولم يستطع ابداء جرأة الرفض لسياسته العدائية المكشوفة!

لا نطلب من قادة العالم العربي ان يقاطعوا اميركا، أو يفرضوا املاءات عليها، علما أن لديهم امكانيات لذلك، ولكن عليهم أن يتحلوا بالشجاعة، ويقولوا لادارة ترامب “كفى وكفى والف كفى” لدلالك ومسايرتك ودعمك للسياسة الاسرائيلية العدائية والتوسعية. وكفى لطاعتك العمياء لمصالح اسرائيل الأمنية، وكفى مخالفتك للأنظمة والقوانين والشرائع الدولية، وكفى استهتارا بقرارات الدول التي تحاصرها من خلال فرض عقوبات غير منطقية عليها، لان هذه العقوبات تزيد، لا بل ترفع من منسوب العداء لاميركا، وتساهم الى حد كبير في التفاف الشعوب حول قياداتها لانها تدرك ان مآرب ترامب خطيرة، وهي لصالح اسرائيل قبل أن تكون لمصلحة اميركا!

يراودني التساؤل باستمرار: متى سنشهد قرارات من دولة في العالم تفرض عقوبات على اميركا بكل شجاعة وجرأة حتى يذوق الشعب الاميركي ولو جزءاً قليلا من مرارة وعذاب ومعاناة شعوب عديدة فرض عليها ترامب عقوبات دون أي وجه حق.. قد تكون الاجابة على هذا التساؤل صعبة، ولكن المعطيات الحالية التي تدعم ترامب لن تبقى للابد، وحتما سيظهر من هو قائد وزعيم فذ وشجاع قادر على “تحدي” سياسة العداء الاميركية الممارسة على كل شعوب العالم.

القدس 27/5/2019

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com