رسالة مفتوحة إلى السيد ترامب…. رئيس الولايات المتحدة الأمريكية/مهند إبراهيم أبو لطيفة

 ضمن حملتك الإنتخابية، ومنذ 20 يناير  2017 ، تاريخ توليك سدة الحكم في البيت الأبيض، وأنت تتعمد بتصريحاتك ومواقفك السياسية ، أن توجه الإهانات للعرب، وتتعامل بفوقية مع شعوب المنطقة، وتتجاهل حقوقها التاريخية ، وتطلعاتها في الحرية والإستقلال من الهيمنة والتبعية والإحتلال، وتحديدا الشعب العربي الفلسطيني.

وبالرغم من إختلاف كاتب هذه السطور وبشكل جذري، مع سياسات  الحكومة السعودية في الفترة الأخيرة، إلا أنني أحس بالمهانة، كعربي، من تصريحاتك التي أفقدت الولايات المتحدة الأمريكية ، ما تبقى لها من رصيد عند البعض من شعوبنا، وبالغيرة الرافضة لهذه العنجهية المريضة.

أعلمُ أنك  تُنفذ برنامجا مرسوما، وجيء بك – مثل من سبقك – لتقوم بأداء دورك، ولتحقيق مصالح من يصنع القرارات السياسية في بلدك ، ويُشكل ملامح الإستراتيجية العامه هناك.

 وأنك تقوم بدور وظيفي، يُشبع غرورك الشخصي من ناحية ، ويُحقق الأهداف التي عليك أن تعمل لإنجازها ، قبل أن تصبح مجرد رقم سابق، من الأرقام التي مرت في سياق التاريخ.

قد يجد البعض ، حرجا في الرد عليك ، لأنهم يخافون على مصالحهم وسلطتهم وإمتيازاتهم، ولكن عليك أن تعلم أن ملايين العرب، يبادلونك نفس الشعور، ولا ترهبهم أو تخيفهم لا أجهزتك ولا أساطيلك.

 وأنهم على وعي بعُمقهم الحضاري ، وتاريخهم، وهويتهم القومية ، ويعلمون تماما أن الزمن يتغير ، وأن هذه الأرض العربية ، عرفت من هم أكثر عدوانية منك نحوها، ذهبوا هم إلى حيث يجب أن يكونوا في التاريخ ، وبقيت هذه الأمة، التي حملت للعالم كله رسالة السماء، ورسالىة اللغة والحضارة، وهي المتجذرة في هذه الأرض، مثل شجر الزيتون، وباسقة بشموخها ، كشجر السنديان.

إعلم أن الأيام دول ، وكلما تماديت في غطرستك وغرورك، تعمق الإحساس بأهمية  المقاومة بكافة أشكالها ، للتصدي لإرهاب دولتك ، وعجرفة جيشك، ومن يُحيط بك من مستشارين ، يدفعون بك دفعا ، للعدوان على هذه الأمة وتهديد وجودها ، وحرمانها من حقها في أن يكون لها كباقي الأمم ، مكانا تحت الشمس.

كم عانت شعوب وأمم في مراحل من تاريخها ، من الضعف والتراجع والإحتلال، ولكنها – ولإنها أمم قوية – إستطاعت النهوض من جديد، وحققت الإنجازات، واصبحت أكثر  حضورا في المسرح الدولي ، وإستعادت مكانتها بين الأمم.

وعليك أن تعلم ، أن الأمة العربية ، من الأمم القوية، وبها مخزون هائل من الطاقة الحضارية والعقائدية، وستتجاوز أزمتها، وتنتصر على محنتها، وتنهض من جديد كطائر الفينيق من بين الرماد والركام.ألم تقرأ تاريخ هذه الأمة؟.

وأعلم، يا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، أن شعبنا العربي ،قد تعلم من درس المجازر التي تعرض لها الهنود الحمر، وكيف تمت إبادتهم بالملايين ،  وطمس تاريخهم، وتحويلهم – بأسم الإله والمُقدس والتفوق العرقي- إلى  مجرد ذكرى حزينة. وتعلم من تجارب شعوب أمريكا اللاتينية.

إعلم أن تاريخ بلدك الذي ترأسه، مليء بالصفحات السوداء، من إنقلابات وحروب  وهيمنة وإستغلال وسرقة ونهب لثروات الشعوب، وإنتاج وتفريخ للحركات الإرهابية، وأن شعار الحرية الذي تم تسويقه على مدى قرون ، للعالم كله على أنه رسالة ” الحُلم الأمريكي ” ، أصبح تمثالا تغطيه الدماء من رأسه حتى أخمس قدميه، تحول إلى  كابوس ورمز للهمجية والعدوانية والخطاب الشعبوي العنصري.

لقد مر يا سيد ترامب ، على أمتنا العربية أمبراطوريات ، كانت الأقوى في العالم، ولا تغيب عن بعضها الشمس ، ولكن في كل مرحلة ، كانت هذه الأمة ، تلد من يقف في وجهها ويدافع عن وجوده. وربما لم يكن درس العراق كافيا، لتراجع حساباتك قبل أن تورط بلدك في مزيد من تبعات هذه السياسات الحمقاء.

لكل فعل رد فعل ، والعرب كما يعرفهم التاريخ ، هم من يبتكر دائما ، ومهما طال الزمن ، ردة الفعل المناسبة .

تتجاوز في خطاباتك وتوقيعاتك ووعودك ، قرارات الشرعية الدولية ، وحسابات باقي الدول ومصالحها، وتتصور واهما ، أنك تقود عصرا أمريكيا ، سيدوم إلى الأبد. ونحن نعلم أنه تعبير عن الأزمات العميقة التي تعاني منها دولتك ، وما ستعانيه لاحقا.

 ليس الخطاب ، خطاب حماسة  رومانسي ، ولكنها الدراسات العلمية ، الصادرة عن مراكز البحوث، التي تُشير بوضوح ،إلى قُرب إنحسار دولتك نتيجة التغيرات السياسية والإقتصادية، وبروز قوى دولية، ستعيد لبيتك الأبيض ، بعضا من العقلانية والتوازن.

لن تستطيع بكل جيوشك ، أن تقدم الحماية لدولة الإحتلال ، حينما تتوفر الظروف التاريخية المناسبة، طالما الحد الأدتى من الحلول غائب. وأنت تراكم الأحقاد ، وتبث المزيد من روح الكراهية في المنطقة، تقدم المزيد من المبررات والمقدمات ، لنهوض حالة مقاومة أشد وأعنف.

إن فشلك وفشل إدارتك، الذي برز واضحا في طرح ما يُسمى ” بصفقة القرن ” و الأجواء التي رافقت الدعوة إلى  ” مؤتمر المنامة ” ، توكد بما لا يدعو للشك ، جهلك الكبير بالأوضاع  بالمنطقة  العربية، وعدم تقديرك السليم للتجاذبات فيها، وأنك تتعرض لعملية توريط جديدة، ستدفع الولايات المتحدة ثمنها.

قبل أن توجد أنت ودولتك، وشركاتك وكازينوهاتك وفنادقك ، كنا هنا، نحن العرب ، وبعد أن تغرب شمسك عن البيت الأبيض، سنبقى هنا.

 أمعن واستمر في تطاولك، فالعرب وللأسف ، بحاجة لمن يستثيرهم ، وينكأ جراحهم، ويجعلهم يستفيقون للدفاع عن كرامتهم ووجودهم ومستقبلهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com