صرخة موجهة إلى مملكة العمل النقابي الفلسطيني/عبد المجيد أبو غوش

مخطئ من يظن أن فلسطين لم تمارس العمل النقابي على اختلاف مساقاته، فهي أول بلد عربي نشأت فيه الصحافة الورقية وازدهرت بمسارحها ودور سينماتها على مختلف مدنها وخاصة “يافا” عروس البحر.

ومن هنا بدأ العمل النقابي وخاصة (نقابات العمال) بدأت في عصر متقدم في فلسطين، وقاومت كافة الاحتلال وإن كان مسلحا ونشأت اتحادات العمال، وجوبه ذلك من الانتداب البريطاني بقوة وشراسة، وأبعد أعضاؤها وبخاصة نقابة العمال عن مدنهم التي يسكنوها، إلى مواقع بعيدة عن مكان سكناهم فمنهم  مثلا من أبعد من الخليل إلى حيفا، ومن بعض المدن والقرى القريبة من القدس إلى غزة وغيرها. وذاق كوادر العمل النقابي مرارة الاعتقال والاقامات الجبرية، وللحقيقة فإن الاحزاب اليسارية وخاصة (عصبة التحرر الوطني التي تحولت إلى حزب شيوعي) قادت هذا النشاط النقابي ومقاومة المحتل ودافعت عن حقوق العمال دفاعا مستميتاً.

وامتد النشاط النقابي على كافة اوجهه في أراضي الضفة الغربية والشرقية في زمن المملكة الأردنية ولاقى مقاومة شديدة من الحكومة يساندها الطبقة البرجوازية والارستقراطية واعتبروا العمل النقابي عملا مضادا لمسيرة  الحكومة وسدا منيعا لتغلغل الطبقات الغنية المستفيدة من الوضع القائم.

وتحول العمل النقابي إلى العمل السياسي الوطني وتشكلت أحزاب يسارية  ممثلة بالطبقات الكادحة والمشردين في مخيمات اللجوء، وجوبهوا بالنار والحديد، وبلغت أوج قواه العمل النقابي والحزبي مع الحكم حتى عام 58 وبعدها حُلت كل الاحزاب. وبقيت على شبه حالها النقابات المحدودة الفعالية مع الاستمرار في منع (نقابة المعلمين).

وبعد انطلاق الثورة الفلسطينية وانخراط الاحزاب في التشكيلات المقاومة ازدهر العمل الحزبي والنقابي باسم فلسطين من أجل إظهار الهوية الفلسطينية.

وقادت هذه التشكيلات التجمع المهني في الاردن والتحم النشاط في الضفتين متحدا حتى بعد الاحتلال. وبقيت مرجعية النقابات والاتحاد في الضفة مع عمان.

ووجدت حركة فتح والتنظيمات الأخرى أن عليها أن تقوم بتشكيل اتحادات شعبية لكافة فئات الشعب العامة كالعمال والمعلمين والفلاحين وغيرهم، وبدأت تعمل تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية باسم دائرة العمل الشعبي ، وكان أوج عملها في السبعينات من القرن الماضي. وبدأ نشاطها في الارض المحتلة بداية سرية، ولكن هذه الاتحادات واجهت الاحتلال بشدة للمحافظة على مصالح شرائحها. وتشكلت أثناء الاحتلال نقابات موازية متسابقة للسيطرة على العمل الجماهيري. مما كاد أن يصيب العمل الجماهيري بوهن.

وبعد ازدهار العمل الصحافي الفلسطيني والذي تمركز في العاصمة (القدس)، وتواجد معظم الشباب المناضل المفكر المنخرط في العمل الصحفي، ويجدر القول أن تلك الصحف اليومية والأسبوعية استطاعت أن تنال التراخيص من الاحتلال. وأن تعمل على توعية الاهل ولهذا نشط العمل النقابي بين العاملين في تلك الصحف والمكاتب الاعلامية، وبجد وحمية الشباب وتشكلت (رابطة الصحفيين العرب) وبترخيص من الاحتلال أيضا.

وهكذا كان العمل النقابي على الأرض المحتلة ناشطا كنشاط خلية النحل. وبدا التنافس واستمر التنافس إلى أن تكونت طبقة البيروقراطية سيطرت على العمل والنشاط فتوقف العمل الديمقراطي وأغلق طريق الانتخابات وبقي على عرش النقابات من سيطر على المركز بأي طريقة.

وهذا لم يكن سمة فئة ما. بل ساد ذلك كل الفئات وتشخصنة المسؤولية. وتحول المسؤول إلى (ملك فئته) ولا زال ملكاً. وبخاصة نقابات العمال.

وهذا أدى إلى تدني النشاط النقابي، إلا أن تشكيل بعض العاملين في مهن وحرف متنوعه في ظل السلطة الوطنية حرك الهمم، وتشكلت نقابات واتحادات تعمل بجد وتمارس العمل الديموقراطي.

وسؤال نطرحه على الاشخاص الذين يسيطرون منذ عقود( وتحول بعضهم من عامل إلى ملك أو إلى مقاول بناء اسكان) ألم يئن الوقت للتنحي جانبا وافساح المجال لتدافع الأجيال؟!!

وإن كنا ننقد ملوك العمل النقابي إلا أننا لا ننكر وجود العمل الشعبي تم تنظيم الشرائح والعمل الوطني الدؤوب، ومساهمته في تأطير العمل الاجتماعي العام.

ارحموا شرائحكم أيها الملوك واتركوا الأجيال تتدافع!!!

واعملوا على ادارة العمل الشعبي واعادة تنظيمه وتأطيره جيداً فهو سهم من سهام تحديث منظمة التحرير ، وما أحوجنا لذلك!!

وانزلوا عن عروش ممالك فئاتكم وذروهم يدورونها بأنفسهم

وكفانا تخاصما ونزاعاً حتى على عرق العامل والاكاديمي والطالب والمهني!!

ومن هنا تبدأ الخطوة الأولى للوحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com