لماذا (المقعد الفارغ) في ورشة المنامة ..؟! د. عبد الرحيم محمود جاموس

قرأت في الأيام الماضية مقالات وآراء عديدة لأخوة وكتاب محترمين عرب وفلسطينيين…..

يلومون فيها موقف القيادة الفلسطينية من مؤتمر أو ورشة البحرين المزمع عقدها في المنامة.. طبعا بالرعاية والتوجيه من الإدارة الأمريكية تحت عنوان تحقيق السلام والازدهار الاقتصادي وحسب الناطقين الأمريكان أن الإدارة الأمريكية ستكشف من خلالها عن الجانب الاقتصادي من خطتها للسلام الفلسطيني الإسرائيلي المسماة (صفقة القرن)..

بعد سلسلة طويلة من الإجراءات والمواقف التي اتخذتها الإدارة الأمريكية المتصهينة و المنحازة لوجهة النظر الإسرائيلية بدءًا من اعتبارها القدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها وتشجيع العديد من الدول والضغط عليها لتحذو حذو الولايات المتحدة في هذا الشأن… إلى وقف كافة أشكال المساعدات المادية عن الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية والعمل الدؤوب من أجل إلغاء وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين( أونروا) إلى إغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن .. إلى اعتبار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية عملا مشروعا بل أكثر من هذا إسقاط صفة الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية …. يضاف إلى ذلك إسباغ الشرعية على إجراء الاحتلال بضم هضبة الجولان وإسقاط صفة المحتلة عنها والاحتفاء اليوم بتدشين مستعمرة إسرائيلية في الجولان تحمل اسم( مستوطنة ترامب) إلى غيرها من سلسلة المواقف التحريضية للعديد من الدول بوقف المساعدات عن الشعب الفلسطيني …. الخ.

فكيف يتوافق هدف ورشة المنامة في البحرين في بحث سبل السلام والازدهار الاقتصادي للشعب الفلسطيني بالرعاية الأمريكية مع سلسلة هذه المواقف والإجراءات الأمريكية العقابية في حق الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وممثله الشرعي والوحيد م.ت.ف والتي تمثل انحيازا فجا ومطلقا وصارخا لصالح الاحتلال والاستيطان الصهيوني ودعما لسياساته المتنكرة للمطالب والحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة ؟!

أمام هذا المشهد السياسي والدبلوماسي المعقد والعدائي السافر والسافل من قبل الإدارة الأمريكية تجاه الشعب الفلسطيني وجوهر مطالبه الوطنية … هل يعقل ان يخدع الفلسطينيون وقيادتهم بالتباكي المزيف على ازدهارهم الاقتصادي ويلبوا الدعوة للمشاركة في ورشة المنامة يومي ٢٥/٢٦حزيران الجاري تحت حجة وضرورة التخلي عن( سياسة المقعد الفارغ) وان المقعد الممتلىء والمشغول خيرا وأفضل من المقعد الفارغ حيث تعبر عن وجهة نظرك …،؟؟!

اعتقد أن الإخوة الذين انتقدوا الموقف الفلسطيني لم يكونوا مصيبين في انتقادهم هذا مع احترامي وتقديري لباعثهم الذي هو ليس محل شك فوجهة النظر الفلسطينية والعربية معروفة ومعلنة لمن يريد أن يحقق السلام في المنطقة….

في ظل كل تلك المقدمات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ومهدت إليها وتمهد لها أيضا المشهد السياسي العام بأكمله لخطتها للسلام …(صفقة القرن) التي لا زالت تسوف في الكشف عنها ….!

إن المشاركة الفلسطينية في مثل هذه الورشة وعلى هذا الأساس الذي تقوم وتبنى عليه نتائجها ماهي إلا ذر للرماد في العيون الفلسطينية والعربية والدولية ……. تأتي للتغطية على سلسلة الإجراءات والمواقف المتخذة من جانب الإدارة الأمريكية و المنحازة لصالح الكيان الصهيوني انحيازًا مطلقًا.. وقبل أن يكشف عن خطته المزعومة للسلام ..!

لذا فإن المشاركة الفلسطينية ستعتبر غطاء للإدارة الأمريكية ولبقية الأطراف المشاركة في مثل هكذا ورشة دون أن تتراجع وتتوقف الإدارة الامريكية عن تلك المواقف والإجراءات المسبقة والتي تمثل اغتيالا وتصفية للمطالب الوطنية الفلسطينية المشروعة في إنهاء الاحتلال وكنس الاستيطان وممارسة حق العودة وإقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس قبل أن تبدأ المفاوضات….

إن المشاركة ستشكل غطاء فلسطينيا وتزكية مجانية للسياسة الأمريكية المجافية للحقوق الوطنية الفلسطينية والمنحازة لصالح رؤى ومواقف المستعمرة الإسرائيلية….

والقول بأن تذهب القيادة الفلسطينية وأن تشارك في ورشة المنامة وأن تقول كلمتها هناك خير من المقاطعة والرفض من الخارج … فإنه ليس من الحكمة أن تنزلق القيادة الفلسطينية هذا المنزلق وتبرر للآخرين من الأشقاء والأصدقاء مشاركتهم فيها ….

لأن المستفيد الوحيد منها هو الكيان الصهيوني….. إضافة إلى تبييض وجه الإدارة الأمريكية أمام العرب والعالم وإظهار جهودها للسلام وكأنها محل رضا من طرف الجميع…. ومنحهما شهادة حسن نوايا وسلوك لا يستحقانها…( بأنهما يبحثان عن إقامة السلام والازدهار الاقتصادي المزعوم) للشعب الفلسطيني وغيره…!

إن قرار المقاطعة من الجانب الفلسطيني هو قرار صائب كما ودعوة الأشقاء والأصدقاء أيضا للمقاطعة لهذه الورشة أمر واجب لكشف زيف المواقف الإسرائيلية من جهة و كشف عدم حيادية المواقف الأمريكية من جهة أخرى بل كشف انحيازها وتعارضها وتحديها لمبادرة السلام العربية ولقرارات الشرعية الدولية ولمبادىء عملية السلام القائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام وتحقيق مبدأ الدولتين هو الأفضل ولأصوب للشعب الفلسطيني وقضيته على المدى القصير والبعيد… ورفض( إحلال مبدأ المال مقابل السلام ).. بدلا من (مبدأ الأرض مقابل السلام.)..!!

لأن الصراع قائم على اعتبار أن القضية الفلسطينية قضية تحرر وطني وليست قضية فقر أو تشغيل للشعب الفلسطيني وان كان هناك جوانب من هذا القبيل فهي ناتجة عن استمرار الاحتلال وعن غياب الحقوق الوطنية الفلسطينية والتنكر لها…

إن تزكية السياسة الأمريكية بعد أن كشفت خطواتها… مالاكشفته من مواقف يعتبر خيانة وجريمة في حق الشعب الفلسطيني وقضيته وفي حق الأمة العربية والإسلامية وفي حق القانون الدولي والشرعية الدولية وفي حق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة العربية…

د. عبدالرحيم جاموس

رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com