التعليم وأبناءنا… فلذات أكبادنا.. ريم زنداح

بداية عام جديد يذهب فيه عشرات الآلاف من أبناءنا وعلى كافة المستويات الدراسية، وهم بمجموعهم وباختلاف فئاتهم يهدفون إلى زيادة تحصيلهم العلمي وزيادة وعيهم التربوي وبناء إنسانيتهم المجتمعية على أسس سليمة وصحيحة .

بداية عام دراسي جديد بكافة المستويات والأعمار، في ظل ظروف استثنائية لضائقة اقتصادية ومالية يدور الحديث فيها وحولها ، لكنها بالمجمل بداية لعام دراسي لا أريد أن أفسد فرحة الأبناء ولا حتى أسرهم مع بداية هذا العام الدراسي الجديد.

عشرات الآلاف يتحركون منذ الصباح بروح مفعمة بالأمل، وبإرادة خالصة دوافعها الإنسانية تفوق مصاعب وتعقيدات الحياة، ودوافعها التعليمية والتربوية تعتبر أمرا ضروريا،  يرتبط بوجود الإنسان وأهمية تطوير ذاته .

صناعة الإنسان من المهام الأصعب في حياة البشرية جمعاء، وهناك الكثير من المجتمعات التي قامت على جهد بشري ، وهذا ما ميز تلك المجتمعات ما بين مجتمعات متقدمة ومجتمعات نامية .

صحيح أن ما سبق من جهد بشري ومجتمعي يحتاج إلى بناء الإنسان بصورة علمية وحضارية إنسانية وثقافية متسلحًا بالعلم والتطور والأحداث، في إطار منظومة مجتمعية تدخل بكافة التفاصيل لإحداث تطور نوعي في الحياة البشرية لتلك المجتمعات.

كما يُقال التعليم في الصغر كالنقش في الحجر، بمعنى أن كل ما يمكن أن نعلمه بمراحل الطفولة يبقى ملازما لتلك الطفولة في مراحل الشباب والرجولة وحتى الشيخوخة، وهذا ما يستوجب علينا جميعا ايلاء أهمية كبيرة لكافة مراحل التعليم خاصة ونحن مع بداية العام الدراسي، وبهذه الأعداد الكبيرة والتي تحتاج إلى إمكانيات ضخمة والى رعاية شاملة والى استعدادات تعليمية وتربوية وأنشطة مدرسية مخططة بصورة علمية لإحداث ما نسعى لتحقيقه وما نأمل برؤيته .

الأسرة الفلسطينية والتي تبذل جهدًا كبيرًا بتنظيم نفسها واستنهاض قوتها لأجل التحضير للعام الدراسي، في ظل ظروف اقتصادية فيها من الصعوبة الكثير كما فيها من المعيقات التي تقلل من فرحة الأسرة بأطفالها .

كنا في الزمن القريب والبعيد  نعيش طفولتنا بجانب ملابسنا الجديدة وحقائبنا المدرسية مدفوعين بفرحة غامرة لا حدود لها، ورغبة أكيدة لأجل بداية عام دراسي جديد لزيادة التحصيل العلمي والتربوي وممارسة الأنشطة بكافة أنواعها، في إطار أجواء مدرسية فيها من النظام والهدوء ، وبمساهمات تربوية لها وقع طيب على مجمل الأنشطة المدرسية والمجتمعية .

صناعة الإنسان منذ الطفولة التي يجب أن تأخذ حقها من الاهتمام والمتابعة والرعاية، وهي تعتبر مهمة إستراتيجية لا يتقدمها شيء آخر على اعتبار أن الإنسان هو الوسيلة والهدف، الذي يجب أن يأخذ الحظ الأوفر من الاهتمام والرعاية والإمكانيات، حتى يكون الحصاد لقدر ما يقدم من جهد منظم لأنشطة مدروسة ولمناهج تعليمية قادرة على اكتشاف المواهب وتطويرها وعلى أساليب تدريسية تكتشف القدرات وتبني عليها.

يجب الانتهاء من سياسة التلقين وان ندخل بقوة إلى واقع التعليم المفتوح الذي يعتمد على الابتكار والإبداع والجهد المشترك والعصف الذهني، حتى نتمكن من بناء مجتمعات ومن بناء أجيال قادرة على التطور والحداثة الإبداعي والابتكاري، وحتى لا نكرر أنفسنا بأساليب قديمة يستمع فيها من يستمع، ومن لا يستمع يجد نفسه خارج مسيرة التعليم.

فنحن بحاجة إلى الجميع حاجتنا إلى التعليم لكافة أشكاله ولكافة الأعمار والفئات، حتى نتمكن من بناء مجتمع قادر على النضوج والتقدم وحتى يمكن لنا المحافظة على أبناءنا وفلذات أكبادنا .

المدربة الدولية والإعلامية / ريم زنداح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com