الاستعداد لما هو قادم بعد الزيارة الاستفزازية للخليل..

زيارة كل من رئيس دولة اسرائيل روفين ريفلين، ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو برفقة رئيس الكنيست يولي ادلشطاين للحرم الابراهيمي في الخليل لم تكن لدعاية انتخابية فقط، بل لأهداف أخرى خطيرة قد لا تتحقق قريباً، ولكنها ستتحقق في الوقت المناسب. ومما يؤكد على ان الهدف الاساسي ليس الانتخابات الاسرائيلية لان ريفلين ونتنياهو ليسا على وفاق، وهما على خصام متواصل حول قضايا سياسية وداخلية عديدة رغم ان ريفلين كان قبل انتخابه رئيسا للدولة عضوا في حزب الليكود.

ومن أهداف هذه الزيارة المستفزة ان اسرائيل تعلن علنا وجهارة ان الحرم الابراهيمي هو ملك لها وللابد، ولا يمكن التنازل عن هذا الحق، كما ان مدينة الخليل هي مدينة “الآباء والأجداد” وان احتلالها، حسب ما قاله نتنياهو، هو مشروع لان اليهود عادوا مجددا الى مدينتهم وسيبقون هناك للابد بمعنى لا لإنهاء احتلال اسرائيل للمدينة. واضافة الى ذلك، الاعلان بأن المستوطنين في الخليل باقون، وسيتلقون المزيد من الدعم والمساعدات، وهذا يعني وبالخط العريض ان اسرائيل تعتزم ضم المناطق الاستيطانية في مدينة الخليل لاسرائيل، وليس مدينة الخليل بأكملها، لأنها مدينة كبيرة يعيش في هذه المحافظة اكثر من 800 الف مواطن، والمدينة هي من كبرى مدن الضفة الغربية، وهي ايضا عاصمة الضفة في الاقتصاد والتجارة والصناعة.

واضافة الى ما ذكر، فان نتنياهو يسعى للاستفزاز وانطلاق مقاومة فلسطينية كي يستغل ذلك للحصول على دعم انتخابي. والادعاء بأنه من المستحيل الموافقة على قيام دولة فلسطينية تهدد الامن الاسرائيلي! وهناك من يقول ان هذه الزيارة تسعى الى الايقاع بين السلطة الوطنية وابناء الخليل، اذ بدأت اصوات تتهم السلطة الوطنية بالتقصير تجاه مدينة الخليل من خلال عدم قيام الرئيس أو رئيس الوزراء بزيارة المدينة وتفقد أحوالها، في حين ان قادة اسرائيل يزورون المدينة لدعم بضعة آلاف من المستوطنين في المدينة وحولها.

ومن الاهداف الخطيرة جدا لهذه الزيارة معرفة مستوى رد الفعل الفلسطيني والعربي والاسلامي على هذه الزيارة. فاذا كان ضعيفا، وهو المتوقع عربيا واسلاميا، فان الهدف المنشود له هو زيارة الحرم القدسي الشريف قريباً. كمقدمة لتأكيد السيادة عليه، ولمحاولة تقسيمه زمنيا ومكانيا، اذ ان المتطرفين العنصريين الذين يقتحمون يوميا الحرم القدسي الشريف هم مدعومون من قبل نتنياهو، كما انهم يوفرون الدعم له، ويريدون ان يبقى في سدة الحكم لتوسيع دائرة الاستيطان، ولاجهاض أي جهد لتحقيق أي شكل من “السلام” حتى ولو كان هزيلا ولصالح اسرائيل!

انطلاقا من كل ما ذكر فان الزيارة الرسمية لأركان دولة اسرائيل للحرم الابراهيمي لم تكن عفوية، وهي تأتي ضمن تخطيط مستقبلي كبير. ولذلك علينا الاستعداد لمواجهة ما هو أبعد من هذه الزيارة، وما المتوقع مستقبلا للضفة، وللمدينتين الاولى العاصمة السياسية والروحية القدس الشريف، والثانية العاصمة الاقتصادية والصناعية مدينة خليل الرحمن.

ويجب الا نظن بأن مفعول الزيارة ينتهي مع انتهاء الانتخابات الاسرائيلية، بل في الحقيقة مفعولها وتداعياتها ستظهر اكثر وضوحا ما بعد الانتخابات وفي المستقبل القريب.. ولذلك يجب ان نكون مستعدين “لما بعد زيارة الحرم الابراهيمي”، وان يكون نضالنا مدروساً، وضمن خطة تحمي ابناء فلسطين، وتقوي وجودهم، وتحقق لهم امنياتهم!

القدس 5/9/2019

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com