انحراف أي حراك شعبي شرعي سيؤدي الى نتائج مرة وصعبة..

من يراقب الوضع في لبنان، فانه يدرك ويكتشف بكل وضوح وسرعة أن هناك من يتسلق على ظهر الفقراء والمساكين الذين يطالبون بالحصول على لقمة العيش بعزة وكرامة، من خلال حرف هذا الحراك البريء الى حراك خطير ومدمر اذا بقي مستمراً ومتواصلاً، واذا لم يرتفع القادة في لبنان الى مستوى المسؤولية المطلوبة في هذا الوضع الذي قد تكون نتائجه مدمرة على الشعب اللبناني، وبخاصة الطبقة المظلومة منه. وبدلاً من أن يقود الحراك الى تحسين الأوضاع فانه سيكون وبالاً على الجميع، وستتحول هذه الانتفاضة المباركة الى مؤامرة قذرة.

لقد حذر أمين عام حزب الله من أي تهاون في التعامل مع هذا الحراك الشرعي، وطالب بأن يتحمل القياديون اللبنانيون مسؤولياتهم في العمل على تحقيق مطالب الشعب الشرعية، وألا يصغوا الى أوامر أو نصائح بعض الجهات المتآمرة على لبنان.

صحيح أن ما يجري في لبنان هو أمر داخلي، ولكن انحراف الحراك عن أهدافه فهناك الخطر الكبير ليس على لبنان وحده، بل على كل المنطقة. فمن يقول ان الارهاب في سورية لم يؤثر على كل المنطقة فهو مخطئ وساذج، لأن تواجد الارهاب في سورية للمس بالشعب السوري الشقيق انعكس سلباً على كل المنطقة، وهو يدور في فلك أعداء سورية الذين أبدوا سروراً من كل ما جرى، وما زالوا يعملون على اعادة احياء الارهاب الذي سحق في معظم المناطق السورية، وما بقي منه إلا فلول هؤلاء الارهابيين المرتزقة الذين يتلقون الدعم تحت يافطات وأعذار ليست واقعية بتاتاً.

واذا نظرنا الى العراق، فان هناك حراكاً شعبياً يرفع مطالب شرعية واجتماعية، ولكن هذا الحراك يحاول كثيرون جره الى مطالب غير المطالب المحقة، ويريدون الآن تحويله الى المس بالدولة والسيادة من أجل تقسيم البلاد تحت شعارات محاربة الفساد، وكذلك بناء دولة قوية!

لقد بدأت المؤامرة في أواسط شهر آذار عام 2011 من خلال ما سمي الربيع العربي في سورية، وها هو بعد ان هزم في سورية، انتقل الى دول المنطقة. وها هو لبنان تبدأ الاصابع الخفية المؤذية تحاول المس بوحدته وسيادته، وتحاول ايضاً تعزيز الطائفية والفتنة كي يتم تحقيق هدفهم الخطير وهو تقسيم لبنان. وتحاول هذه الاصابع التي تعود الى أجهزة مخابرات معادية الى ضرب محور المقاومة وضرب ثقافة المقاومة، التي تثبت وجودها وتعزز قدراتها وتوسعها في منطقتنا.

إن ما يدور في لبنان ليس بالأمر السهل، وكذلك ما يدور في العراق. وهذه الأحداث المرافقة لتدخل تركيا في شمال سورية، بدعم أو تحريض من الادارة الاميركية الحاكمة يتطلب تصرفاً واعياً مسؤولا. فكفى ما تعاني منه المنطقة، وكفى تدخلا في شؤوننا، وكفى السماح للأيدي المعادية في بث الفتنة والفساد في أجزاء مهمة من وطننا العربي الكبير، الذي يستطيع أن يكون قويا اذا تكاتفت الأيدي العروبية الاصيلة، واذا وضع حد لمن يدعم هذه الاصابع المتآمرة .

كل الأمل في أن يخرج كل قطر عربي شقيق من هذه الأزمات المفتعلة. وعلى قادة الحراك الشعبي، ومن يشاركون فيه أن يعوا جيداً، ويرفضوا الانحراف عن المطالب الاجتماعية السياسية الشرعية، لان معاناة الشعب الآن هي مرة، ولكن انحراف الحراك سيقود الى معاناة أكثر مرارة وتدميرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com