نجل شارون: فشلنا في جولة القتال الأخيرة والجهاد شل نصف الدولة

القدس المحتلة- البيادر السياسي:ـ ما زالت مفاعيل الجولة الأخيرة من القتال بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وحركة (الجهاد الإسلاميّ) في قطاع غزّة، ما زالت تُهيمِن وتُسيطِر على الأجندة السياسيّة والإعلاميّة في تل أبيب، حيثُ يتركّز النقاش المُحتدِم على السؤال المفصليّ والمصيريّ بالنسبة للإسرائيليين، قيادةً وشعبًا: هل ساهمت الجولة الأخيرة في استعادة قوّة ردع جيش الاحتلال، والتي باعترافٍ رسميٍّ إسرائيليٍّ لم تتآكل فقط، بل اختفت عن الوجود، ويتضِّح أنّ الخلافات والتباينات في الآراء ما زالت سيّدة الموقِف في الكيان، إذْ أنّه خلافًا لما كان يجري في الماضي، فإنّ اختفاء الردع، شطب عن الخريطة أيضًا ما يُطلَق عليه الإجماع القوميّ الصهيونيّ.

وفي هذا السياق قال د. عيران ليرمان، وهو مسؤول كبير سابِق في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، قال إنّ كلّ بحثٍ في مسألة معاني الجولة الأخيرة يجِب أنْ يبدأ بإزالة المعضلة المفترضة ظاهرًا، عن الطاولة، ألا وهي: هل كانت تصفية الشهيد بهاء أبو العطا مجدية، في ضوء الثمن الاقتصاديّ الباهِظ المتمثل بتعطيل مناطق واسعةٍ في إسرائيل؟ وردًا على هذا التساؤل، قال الباحِث الإسرائيليّ، الذي يشغل منصب رئيس معهد القدس للإستراتيجية والأمن، قال إنّه من حيث الجوهر، الردع هو وضعٌ نفسيّ غامضٌ وغير مستقر، وليس غرضًا ماديًا يمكِن أنْ يُقال عنه بشكلٍ ملموسٍ إنْ كان موجودًا أمْ لا، على حدّ تعبيره.

وتابع قائلاً في دراسةٍ بحثيّةٍ نشرها على موقع المعهد، تابع قائلاً إنّه على الرغم من ذلك، ثمة أمور يُمكِن الإشارة إليها: أولاً وقبل كلّ شيء، القرار الواضح والثابت لقيادة حماس بعدم الانضمام إلى القتال يعكِس ليس فقط العداء المتبادل بينها وبين الجهاد الإسلامي، بل أيضًا يعكس الردع الذي نجحت إسرائيل في خلقه بالفعل، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه لو اعتقدت حماس بأنّ الثمن سيكون متدنيًا، ما كانت لتتردد في تثبيت موقعها كـ”الأخ الأكبر” وأخذ الصدارة في إدارة المعركة مع إسرائيل، أمّا إنّهم لم يفعلوا، فلذلك معنى عمليّ ورمزيّ بعيد الأثر، طبقًا لأقوال الباحِث الإسرائيليّ.

بالإضافة إلى ما ذُكر آنفًا، رأى د. ليرمان أنّه بالنسبة للجهاد الإسلاميّ نفسه، فهو يدعي أنّه “انتصر” وفرض معادلة جديدة، ولكن الدخول في دائرة المفاوضات مع مصر كان يعني أنّ إسرائيل حققت هدفها الأساس، فالتعهد بوقف النار، شدّدّ الباحِث، معناه أنّ التنظيم يتخلّى، تحت الضغوط المتداخلة من مصر وحماس، وبأثر خسائره أيضًا، عن نيته في إثارة، بتكليف من إيران، استفزازات متزايدة التعاظم، مُضيفًا أنّه كان يُفترض بهذه أنْ تتداخل مع محاولات النظام في طهران لهزّ المنظومة الإقليميّة والدوليّة من أجل فرض مفاوضات نووية متجددة وفقًا لشروطها والخروج من الضائقة الاقتصاديّة المحتدمة عقب العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكيّ ترامب.

وشدّدّ د. ليرمان على أنّه إذا كانت الحملة أدت، حتى ولو لفترةٍ زمنيّةٍ محدودةٍ، إلى شطب قدرة حركة (الجهاد الإسلاميّ) في فلسطين على تقديم خدمات من هذا النوع لأسياده في طهران، فإنّ خطوات إسرائيل تكون قد خدمت بشكلٍ جيِّدٍ مصلحتها الإستراتيجيّة ومصلحة غيرها، وصمت العالم العربيّ يثبت ذلك، على حدّ قوله.

على صلةٍ بما سلف، تساءل غلعاد شارون نجل رئيس الوزراء السابِق، أريئيل شارون، تساءل: كيف تسمح لإسرائيل الدولة أنْ تُصاب بحالة شللٍ كاملةٍ، ومؤتمرات صحافيّة، وتبريرات إسرائيليّة، عقب الاغتيال الأخير، وما أعقبه من تصعيدٍ عسكريٍّ في غزة، مُشيرًا في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، والذي جاء تحت عنوان: “فشلنا في غزة”، مُشيرًا إلى أنّه ما بدا لافتًا وغريبًا خلال هذه الجولة أنّ الفلسطينيين في غزة نجحوا في أنْ يجعلونا نعتاد على أنْ تتلقّى المستوطنات في “غلاف غزة” الضربات المتتاليّة، وأنْ تعطّل نصف الدولة، وكل ذلك بسبب غياب الردع والفشل الذي نعيشه اليوم، على حدّ تعبيره.

من ناحيتها وصفت الجنرال في الاحتياط، روت يارون، الناطِقة العسكريّة السابِقة لجيش الاحتلال، وصفت في حديثٍ مع القناة الـ11 بالتلفزيون العبريّ، بُثّ أمس الجمعة ما حدث بالقول: اغتلنا أبو العطا، وكانت العملية ناجحةً، ولكن فورًا بعد انتهاء العملية بدأت إسرائيل بتوجيه الرسائل الحمائميّة إلى (الجهاد الإسلاميّ) بأنّه لن تعود إلى سياسة الاغتيالات المُمركزة، وأنّها ليست معنيّةً بالتصعيد، مُشيرةً إلى أنّ هذه الرسائل، بالإضافة للتوجه لمصر للتوصّل إلى تهدئةٍ مع (الجهاد الإسلاميّ)، أفرغت العملية من مضمونها، وبالتالي فإنّ الاغتيال لم يُساهِم في استعادة الردع الإسرائيليّ المفقود، طبقًا لأقوالها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com