قراءة في الحالة الثقافية الفلسطينية الراهنة.. بقلم/ شاكر فريد حسن 

لا جدال أن الحالة الثقافية الفلسطينية في تراجع كبير عما كانت عليه في سنوات سابقة، وتواجه أزمة حقيقية، كانعكاس للحالة السياسية التي يمر بها شعبنا وتعيشها القضية الفلسطينية، وذلك بفعل الانقسام المدمر البغيض الذي ترك آثارًا سلبية على مجمل الحياة الفلسطينية بجوانبها المختلفة.

فالكاتب الفلسطيني الذي حمل الهم والوجع الفلسطيني وأمن برسالة الأدب ورفع الكلمة في مواجهة الواقع المر بكل تفصيلاته، وعاش الحلم، تسربت إلى أعماقه مشاعر اليأس والإحباط، وراح ينشغل في همومه الشخصية ومتاعب والتزامات الحياة المتعددة أكثر، ولم يعد ناكرًا للذات، كما كان ذات مرة، نتيجة عدم الاحترام والتقدير لقلمه من الناس ومجتمعه، حيث لا كرامة لنبي في وطنه، وانحسار الاهتمام بالكلمة والإبداع في زمن العولة والثقافة الاستهلاكية وغياب القيم الثقافية والجمالية والنزوع والتركيز على الذات.

ولا أجافي الحقيقة إن قلت، أن هنالك خللًا في الحياة الثقافية الراهنة في ظل الأوضاع المتردية والمتأزمة، وغياب الرؤى والبرامج الثقافية والطروحات المستقبلية، وانعدام النقاشات والسجالات حول القضايا الثقافية والفكرية، وتراجع دور الصحافة في تعميق الفعل الثقافي، وغياب الملاحق الثقافية فيها، عدا عن قلة المجلات الأدبية والثقافية التي ازدهرت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وشكلت حاضنة للإبداع والمبدعين. هذا ناهيك عن اتحادات وروابط الكتاب والأدباء وما تعانيه من انشقاقات وخلافات وشرذمات وكيل اتهام، ولا تقوم بدورها المطلوب المفقود، في دعم ورعاية الكتاب والمبدعين وطباعة كتبهم ومؤلفاتهم وتوزيعها.

وعلى ضوء ذلك، فإننا نحتاج إلى مراجعة نقدية ذاتية ومكاشفة حقيقية شفافة بهدف النهوض بالحالة الادبية والواقع الثقافي الفلسطيني الحالي، وانبعاث وتعميق النقاشات المجدية حول الفعل الثقافي، مع ادراكنا التام لسوء الاحوال والاوضاع وتراجع اهتمام الناس بالأدب والكتاب والثقافة عمومًا، وليس كما كان ذلك الاقبال الكبير الشديد، وانحسار عادة القراءة.

واجبنا كمثقفين ومبدعين نؤمن برسالة الكلمة في معارك الحضارة والتحرر، انتعاش الحياة الثقافية وتطوير وإثراء المشهد الإبداعي الفلسطيني، والتخلص من ظواهر النرجسية البغيضة. وكم نصبو ونرنو لذلك التواضع والخلق الأدبي الذي كان سائدًا يومًا، ومن الأهمية إعادة الاعتبار للثقافة والكتاب ليكون كالخبز اليومي، رغم صعوبة ذلك في أيامنا، التي أصبحت النرجيلة وثقافة الأكل أهم من كل الثقافات والاهتمامات.

كم نتوق إلى تلك الأيام الجميلة، وذلك النشاط الثقافي، الذي شهدته حياتنا، والدور الريادي الذي لعبته طلائع الأدب والشعر والثقافة الفلسطينية في تثبيت وتعميق الهوية الثقافية والحضارية لشعبنا. ومن الضروري الإسهام في رفعة  شأن الأدب الملتزم المقاوم والارتقاء بالثقافة الوطنية الفلسطينية وترسيخ مكانتها وريادتها في الثقافة العربية والإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com